تربية من هذه ..؟ – سعد جهاد عجاج
في حديث مع احد كبار السن الذي يعد نفسه من المخضرمين الذين عاصروا الحقبة السابقة والحالية، حيث قادنا الى المقارنة لما آلت اليه احوال الناس وخصوصا الشباب وكيف ان عملية تربية وتوجيه هذا الجيل العنيد صعبة للغاية، ومما علق في ذاكرتي بعد اخذ ورد انه قال : “انا احب النظام لأني تربية دولة”.
طبعا هو لم يقل تربية حكومة وهذا فرق كبير في المعنى، فبادرته بالسؤال ماذا تقصد؟ اجاب: ان التربية لا تقتصر على المأكل والمشرب والملبس وانما يتعدى ذلك الى المباديء والقيم والاخلاق والشجاعة والبطولة والغراس الطيب الذي يثمر طيبا ، لقد صنعت الدولة آنذاك منا رجالا نحب النظام والقانون والالتزام بهما. لو عدنا الى واقعنا الحالي ووضعنا الشباب وحتى الصغار تحت مجهر التقييم لوجدنا ان الغالبية منهم لا شيء قيم لديهم يشار له بالبنان او يذكر فيهم، وهذا يؤشر تقصيرا واضحا في المنظومة الاسرية ومنظومة المجتمع والدولة على حد سواء. ارباب الاسر ينشدون الراحة باي طريقة حتى لو تطلب الامر اعطاء الطفل هاتف كل شيء فيه مباح ومتاح لينكفئ في احدى الغرف المهم ان لا يزعج من حوله. الشاب بلا رقيب ولا حسيب فهو عنيد وخامل الا بما يروق له وهو سلعة معروضة في الشارع ترضخ لمبدأ العرض والطلب. اما المجتمع عموما فهو ضحية التيار الجارف من الفكر الغربي بشتى انواعه واساليبه. اشعر ان الدولة تخلت عن مسؤولياتها اتجاه هذا الجيل وما عادت مصنع لإنتاج الوعي. رغم ان التحديات كبيرة لكن هذا لا يمنع ان تكون للدولة بصمتها في تربية وتنشئة واعداد جيل يحاكي جيل الابطال الذين وصلوا الى فلسطين للمشاركة في حرب التحرير في ستينات وسبعينات القرن الماضي غير آبهين بارواحهم في حين ان بعض طلاب المدارس الان لا يعرفون ان فلسطين دولة محتلة من قبل الصهاينة. جيل كجيل الابطال الذي سحقوا الارهاب الداعشي واعوانه. الكل يلقي باللائمة على الكل فالعائلة تخلت والمجتمع انحسر دوره والدولة ما عادت تأخذ بزمام المبادرة استنادا لمبدأ “اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون” واصبح الفرد ضحية اي فكر طارئ ينسجم مع رغباته ونزواته ليكيل منها ما يشاء ويقدر. لا زال هناك متسع من الوقت ولا زالت هناك نافذة للإصلاح ان توفرت النوايا الصادقة والا فان الطوفان آت لا محالة.