ترامب وأمريكا إلى أين ؟

ترامب وأمريكا إلى أين ؟

المكايدة السياسية

تفاجأ العالم بحدث من المعيار الثقيل حتى لأكثر المتابعين والمراقبين للشأن الامريكي بينما كانت الصحف تتكلم عن رد فعل دونالد ترامب بخسارته ولكن ماهي الا ساعات قليلة ونجح باكتساح منافسته هيلاري كلينتون . ان هذا الرجل كل شي فيه مثير للدهشة وشخصيته الغريبة وابتعاده عن السياسة وافتقاده للنظرة السياسية فهو يعد اول رئيس امريكي يأتي من خارج المؤسسة السياسية الامريكية فهو لم يكن يومأ ما عضوا في الكونغرس او وزيراً ولم يكن جنرالأ في الجيش ولا حتى حاكماً في احدى الولايات فكل السنوات التي قضاها تحت الاضواء كانت كرجل اقتصاد عملاق يهتم بالبناء والمقاولات ويقال انه بنى نصف نيويورك في التسعينات ومن الاعمال التي اشتهر بها تنظيمه لحفلات انتخاب ملكة جمال الولايات المتحدة ومشاركته في برامج المصارعة الحرة وبنشاطاته هذه يمكن عدة مؤهلا لأن يكون شخصية تلفزيونية وبهذه الشخصية والمؤهلات نجح بالفوز في ماراثون الانتخابات الامريكية واكتساح خصمه المرشح الديمقراطي .. واثناء خوضه لمارثون الانتخابات كان برنامجه الانتخابي مثيرا للجدل والمستفز والغريب ملفتا جداً وعلى سبيل المثال : احتواء الخطر الصيني وحل المشاكل مع بوتين واكثر تركيزه كان يعارض الاتفاقات الحرة مع المكسيك وكندا ويعارض الاتفاقات المزمع عقدها مع اوربا ويعتقد انها ادت الى نزوح الاستثمارات الامريكية وحرمت الامريكيين من فرص العمل وايضأ نيته ببناء سور بين الولايات المتحدة الامريكية والمكسيك لمنع المهاجرين ولكن من غير المنطقي لأمريكا ان تدفع كل هذه المليارات لحلفائها وقد قال على دول الخليج ودول حلف شمال الاطلسي ان تدفع مقابل حمايتنا لها وفي اطار الحديث عن الحرب ضد داعش قال انه يجب تغيير القوانين من خلال السماح لجهاز التحقيق الامريكي بتعذيب من ينتمي لهذا التنظيم وشجع على قتل ليس فقط افراد هذا التنظيم بل حتى اولادهم واسرهم كنوع من الرد وهذا ما اثار موجة انتقادات شديدة كالتصريحات ضد السيدات وضد المسلمين وطالب بحظر دخول المسلمين للولايات المتحدة ولكنه بعد لك صرح قائلا انا لدي مشكلة مع المتطرفين الاسلاميين كما انه أثار اشمئزاز الكثيرين من خلال كلامه عن ابنته بعبارته التي قال فيها لو لم اكن والدها لكنت اواعدها فتصوروا رئيس الولايات المتحدة الامريكية للسنوات الثماني القادمة بهذه الشخصية الغريبة والتي لا تتوفر فيها مؤهلات الرئيس القيادي والحكيم قد نجحت بالفوز ودخول البيت الابيض ولكن الجانب المهم هنا ماتأثير دخول هذا الرجل الى البيت الابيض على قضايانا نحن العرب والمسلمين من الصعب التكهن بافعال هذا الرجل وفي الغالب من الصعوبة ان يلتزم بما قاله قبل الفوز كونه يتعارض بكل الابجديات مع المؤسسات الامريكية وبناء على ماصدر عنه نستطيع توقع خطوط سياسته وهي :

– الخط الاول : محاولة التقرب من روسيا والتي بدأ يغازلها منذ انطلاق حملته الانتخابية قائلاً ان روسيا ليست عدواً ونستطيع التفاهم معاً بشأن الملف السوري وليست لدينا مشاكل يما يخص (جزيرة القرم) ولا ننسى موقفه المتشدد جدأ مع التيارات الاسلامية المتشددة مثل داعش وهذا ما يجعله قريبأ من الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) والرئيس المصري (عبدالفتاح السيسي)

– اصطدامه ومخاصمة كل الدول التي دعمت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بتسخير كل امكانيتهم بما فيها قنوات وتسخير مايقارب (150) شخصاً كلهم دعموا هيلاري وكل هذه الامور لم تبلغ هدفها في التأثير على الرأي العام الامريكي الذي انقسم الى جهتين حيث صوت اصحاب الدراسات العليا والمطالبين بالحرية المطلقة والمتحررين و اصحاب الشذوذ الجنسي ومنحوا اصواتهم لهيلاري كونها من الحزب الديمقراطي الذي يبيح كل الحريات حسب مبادئه اما اصحاب الدراسات البسيطة صوتوا لترامب والمتدينين منحوا اصواتهم له …. يذكرني هذا الرجل بأحد المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الاسرائيلية في احد السنوات المدعو (كاخ) الذي لم ينتظر الكنيست نزوله للانتخابات ليرى سيختاره الشعب ام لا و انما تم طرده لأنه يخالف السياسة الباطنية للصهيونية حيث قام بفضحهم من خلال تصريحاته المفتقرة للكياسة .

أن شخصية ( ترامب ) كالكتاب المفتوح فهو عبر عن كرهه للمسلمين وفضح السياسة الامريكية وهذا قد يجعل امريكا في موقف صعب امام العالم ويجعل المسلمين يتحدون ضده وفي تغير واضح بعد الفوز قام بمسح كل الخطابات من موقعه الالكتروني التي هاجم فيها المسلمين والاقليات وبخاطباته الكراهية هذه انتخبه اكثر من نصف الشعب الامريكي واكثرهم بسبب ما رأوه من داعش والنصرة كما يظنون انهما تمثلان الاسلام .. وستقابله اشكاليات اخرى تحتاج الى علامات استفهام والبلدين الذين انتقدهم طول الوقت كالصين ومطالبته بالضغط عليها لدخولها في عملية التجارة الحرة هي اكبر عملية سرقة في التاريخ .

علاقة وحيدة

– الخط الثاني : هي ايران ولكن العلاقة الوحيدة التي ممكن ان تجمعه مع الخليجيين هي ايران وكان انتقاده لأيران نوعاً من المكايدة لهيلاري

وستشهد الايام القليلة المقبلة وتحديداً في العشرين من يناير القادم إقامة حفلاً لتنصيب ( دونالد ترامب ) رئيسا للولايات المتحدة الامريكية أن الكثيرين يتوقعون ادارة سياسية مختلفة لأمريكا .

أن رجلاً بهذه الشخصية و الافكار والمعتقدات وبهذه الغرابة لا يمكن التنبؤ به ولايمكن التخيل الى اي اتجاه ممكن ان يقود امريكا إذ ما عدنا لسياسة الحزب الديمقراطي والجمهوري نرى ان احدهم يحدث حروباً وأزمات عالمية ثم يأتي الاخر لينهي كل هذا كاحتلال العراق مثلا ويبقى السؤال المهم يدور في بال الكثيرين وهو (( في ولاية بوش ظهر تنظيم القاعدة )) (( في ولاية اوباما ظهر تنظيم الدولة الاسلامية او مايعرف بتنظيم داعش )) فما الذي سيظهر اثناء ولاية ترامب او ان ولايته ستشهد القضاء على هذا التنظيم ولانعلم هل ستنتهي الحرب في سوريا ام لا في ظل التطورات الاخيرة للموقف فهو متأزم جداً ويحتاج الى لغة مشتركة بين القوى العالمية لحله وفض النزاع .

عماد الطائي – كركوك

مشاركة