تراجع منظومة القيم

المرض تحت المجهر

تراجع منظومة القيم

تم في طرح سابق تناول اولى اسباب ظهور داعش (الدولة المضادة للاسلام في العراق والشام ) والجذور الرئيسية لبروزها وانتشارها او تناولنا اولى الاسباب المتمثلة “بالطابع الديني المتطرف” الذي انتهجه كثير من الدعاة في طريقتهم والخطباء والأئمة من على منابرهم في السنين السابقة ، وكما اشرنا مسبقاً انه اذا اردنا حل المشكلة لابد من معرفة اسبابها و مسبباتها للوصول الى طرق حلها وعلاجها وسنذكر اليوم السببين الآخرين من الاسباب الستة للظهور :

منهاج استعماري

المناهج الدراسية : “ان المناهج التي بين ايدينا تمثل واقعنا ” هذا رأيي ورأي كل من ينظر عن كثب للواقع فهي مناهج استعمارية لا تعطي الطالب سوى شيى بسيط من المعلومات مقارنة بالسنوات التي تأخذها من حياته ، مواد دراسية واساليب تعليمية لم تنجح بشيئ اكثر من صنع “بغبغاء” _بالمعنى الحرفي_ انسان يردد ما يتلقاه من الكتاب للحصول على الدرجة واخذ المعلومات الجاهزة فلا تشحذ فكره ولا تبرز قدراته او تظهر موهبته او تبلور معرفته بجعلها واقع مفيد نراه في الحياة ، بل هي تعلم الطلبة ان يقرأون من اجل الاختبار وما ان يأتي موعده حتى يفرغوا ما درسوه ثم يخرجوا بعقل شبه فارغ وبذا كانت النتيجة اجيال متعاقبة واحدة تلو الاخرى “لا تفكر بما يُقال بل تقْنع بما يُقال ” .

ان الواقع لتلك الطريقة التي يتعلم بها الطالب الذي سيصبح فرد في المجتمع هو تعلمه على الاخذ بدون تفكير ومهمة حشو عقله بأفكار ( اي افكار ) مهمة سهلة ، ولأكون صريحة فأن اولى الدوافع التي جعلتني ادرج هذه النقطة واجعلها من اهم النقاط هو ان هذه المجاميع المتطرفة لم تقتصر على الجهلة وغير المتعلمين ولكن انضم الى صفوفهم عقول حصلت على شهادات عالية گ الماستر والدكتوراه والحقيقة ان عقولهم ارتفعت في الورقة (الشهادة الجامعية) ولم ترتفع بالمعرفة والأدراك والثقافة الحياتية .

ان هكذا عقول لم تنضم للمجاميع بالمصادفة بل هناك ما تم تأسيسه في طريقة التفكير ما هو اعظم مما نظن بكثير ولنقل انها وجدت البيئة الحاضنة لفكرها . وبأختصار فان كل ما قلناه ان دل على شيئ فلا يدل سوى على ان تلك المناهج ليست ناجحة في صناعة “فكر سليم قويم” .

والسؤال هو : كيف تعلم ان المنظومة التعليمية ناجحة ؟؟ بالتأكيد من مخرجاتها ، فأنت عندما تجد انها تخرج اجيالاً متعلمة ،واعية ،مثقفة تحمل من الادراك ما لا يجعلها تُقاد الى منزلقات رديئة هذا معنى انها تحقق الاتزان العلمي والمعرفي والارتقاء الفكري والاكاديمي والمهني والتوعوي وغيره .

من المهم ان ألفت النظر الى كلمة التطرف التي ارنو اليها هنا هي كل ما يندرج تحت التطرف من اجل الطائفة ،العقيدة ،العنصرية والقومية وجميعها تعمل هدم المجتمع مع اختلاف الكيفية والوسيلة .

{ الفقر والحاجة : ” ان الفقر احد اضلاع المثلث الشهير الذي يضم معه المرض والجهل فأذا تجلى المثلث الثلاثي الاضلاع في مكان ما تأكد ان الشعب _شعب_ اي شعب مهما كانت حضارته وعراقته سوف يكفر بالدولة والياتها ونظامها ولسوف تنتحر القيم الوطنية داخل كل انسان” .

آثار سلبية

من المهم معرفة ان الفقر له آثاره السلبية التي لا حصر لها على المجتمعات، إلا أن الخطر الأكبر للفقر يكمن في تأثيراته السلبية على العلم ، حيث نجد ان المواطن الفقير لا ينظر إلى الأمور بنظرة الإنسان الطبيعي، ولا يراها من منظورها السليم، فيركز جُلَّ أولوياته لسد احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ودواء، وهذا هو الأمر الذي لا يجعله ينظر إلى العلم على أنه ضرورة للحياة لا بد منها، وإنما ينظر إليه باعتباره أمراً ثانوياً ومع ان رؤيته المتمثلة بان “ما الفائدة من العلم أن كان سيموت جوعاً ” منطقية لحاله المزري الذي يعيشه إلا انها خطر جسيم على جسم الامة وبنائها وفكرها وهذا ما اضحى واقعاً في بلداننا العربية عامة والعراق خاصة التي اوجد الفقر فيه فرصة كبيرة لتلك المجاميع في استغلال هذه الحاجة واستطاع جعلها ثغرة ومنفذا لضم العديد من الافراد الى صفوفه بأغرائهم بالاموال وثبت انتمائهم من خلال العلاوات والتخصيصات النقدية التي رفعت من مستوى معيشتهم ولاشك اطلاقا ان الكثير والكثير من الذين انتموا للمجاميع التكفيرية والمتطرفة على حد سواء كان من ابرز الاسباب لانضمامهم هو المال حتى ان معظمهم اصبح لا يعدو ان يكون “مرتزقة ” ينفذ ما يخطط له ويؤمر به دون ان يسأل لانه قد استلم وحصل على ما يريده مسبقاً .

دعاء أحـمد – بغداد

مشاركة