سرى حسين
في العديد من دول العالم الثالث، تُعد الكليات الأهلية إحدى الظواهر التعليمية البارزة، حيث تختلف نماذج التعليم بين هذه الدول والدول الأكثر تقدماً. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يوفر النظام التعليمي خيارات متعددة، منها التعليم الصباحي التقليدي والتعليم الحر الذي يُراعي أوقات وظروف الطالب بغض النظر عن عمره. أما في تركيا، فإن التعليم الأهلي موجود ولكنه محدود، مع تميز بعض التخصصات مثل كليات الطيران المدني التي تُعد من أغلى الخيارات، مع وجود امتحانات وزارية تُحدد أهلية المتقدمين، خاصة للتخصصات الدقيقة مثل الهندسة.
على النقيض، تشهد دول مثل العراق تحديات كبيرة في منظومتها التعليمية، خاصة فيما يتعلق بالكليات الأهلية. فعلى مدار السنوات الماضية، تدهورت مستويات التعليم الهندسي، وهو ما ينعكس بوضوح على معدلات القبول. في عام 2015، كان الطالب العراقي الحاصل على معدل 85.57 يضطر إلى قبول دراسة الهندسة خارج محافظته، بينما اليوم تقبل بعض الكليات الأهلية تخصص هندسة الحاسبات بمعدلات تصل إلى 61.5 فقط.
هذه الكليات، التي يملك أغلبها سياسيون، أصبحت محور انتقاد بسبب طبيعة إدارتها وتأثيرها على جودة التعليم. في الدول الأكثر تقدماً، حتى لو كان مالك الكلية شخصية سياسية، تُعامل الكلية كحكومية وتُدار وفق نظم صارمة، حيث يحصل المالك على راتب فقط دون تدخل في سياسات الكلية أو جودة التعليم المقدّم.
يبقى السؤال: متى نصل إلى مستوى تلك الدول التي تحترم التعليم كقيمة أساسية وتضعه في مقدمة أولوياتها، لضمان بناء أجيال قادرة على النهوض بالمجتمع؟