تجارة القاصرات

تجارة القاصرات

إعتداء بثوب شرعي

مما لا شك فيه أنّ زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية يُمكن وصفها بالكارثة لما لها من نتائج سلبيّة على الفتيات، وغالباً ما ينتهي هذا الزواج بالفشل مع وجود طفل أو أكثر مع فتاة لا تعرف كيفيّة تربيتهم، وينتشر هذا الزواج في المناطق الريفية وقد يكون تفشّي الجهل من أهمّ أسباب موافقة الأهل على هذا الزواج على اعتبار أنّه ستر للفتاة مهما بلغا سنها، وقد اعتبرت الأمم المتّحدة أنّ هذا الزواج هو اعتداء على حقوق الطفل الذي من حقّه التعليم وممارسة حياته المناسبة لعمره، أمّا القاصر في الشرع هي من لم تبلغ سنّ الحيض، وتتلخّص سلبيات هذا الزواج فيما يلي: تكون أعضاء الفتاة التناسلية في هذه الفترة غير مُكتملة مئة بالمئة لتحمّل مشاق الحمل، ممّا يُعرضها إلى الكثير من المخاطر خلال الزواج وخلال الحمل كاضطرابات الحمل مثل السكري والضغط، وقد أشارت الدراسات إلى وجود نسبة كبيرة من الأطفال ذوي التشوّهات الخلقية بسبب صِغر سنّ الأم هذا عدا عن ولادة الأطفال الخُدِّج، وكذلك نسبة عالية من الأطفال الذين يموتون قبل الولادة، وأيضاً هناك نسبة وفيات بين الأمهات الصغيرات خلال الولادة نظراً لعدم تحمُّل أجسامهن للحمل والولادة، وفي الغالب تتجه الفتاة الحامل الى إجراء العمليّة القيصريّة للولادة وذلك لأنّ طبيعة جسمها غير مستعدة للولادة الطبيعية. لهذا الزواج آثار نفسيّة على الفتاة التي يتمّ حرمانها من التعليم والاستمتاع بالمرحلة التي تعيشها وفي بعض الدول يتمّ تزويج الفتاة في عمر الثامنة والتاسعة مما يحرم هؤلاء الفتيات من عيش طفولتهن. عدم نضوج عقل الفتاة والذي يجعلها لا تعرف كيف تتصرف مع زوجها وخاصّةً إن كان فرق السن بينها وبين زوجها كبيراً فكيف لها أنّ تتصرف مع رجل فُرض عليها وهو في عُمر والدها؟ قد يلجأ الرجل إلى الزواج بالفتاة الصغيرة لفترة مُؤقتة وخلال هذه الفترة يُصبح تعامله معها وكأنّها خادمة له وليست زوجة.

تزويج بنات

الجهل الذي ينتشر بين أولياء الأمور يدفعهم لتزويج بناتهم في سنٍ مبكّرة، دون إدراكهم بأنها ما تزال صغيرة، ولن تتمكّن من تحمّل الزواج بكافة تبعياته من مسؤوليّة رعاية بيت، وزوج، وحمل، وإنجاب، وتربية، وتكوين أسرة، دون أدنى اهتمام بمستقبل تلك الصغيرة، وكلّ ما ينتظرها نتيجة هذا الارتباط. يعتبر الفقر من الأسباب المُهمّة والرئيسيّة التي تدفع الأهل لتزويج بناتهم، وذلك للتخفيف من العبء المالي لفرد من أفراد الأسرة، والمتمثل بتزويجها، أو طمعاً في الحصول على مردود مالي من وراء تزويجها ليحسّن به الأب من وضعه الاقتصادي، وهنا تظهر الفتاة كأنها صفقة تجاريّة دون النظر إلى إنسانيتها المتمثّلة في حقها بالحياة، واختيار شريك حياتها، وهذا الأمر يعادل تماماً الاتجار بالبشر. الخوف هاجس يلاحق أولياء الأمور بسبب تفشّي وانتشار ظاهرة العنوسة، الأمر الذي يدفعهم لتزويج بناتهم، للتخلّص منهنّ دون الخوف عليهنّ من المستقبل الذي ينتظرهنّ.

 إن الزواج من القاصرات هو كفر و ظلم بعينه ، وكل من يقدم على هذا الفعل الشنيع من الرجال يكون قد تجرد من الإنسانية والرحمة والعطف أو حتى من المشاعر ، فهل هو إنسان سويّ لحظة اغتصابه لطفلة بعمر بناته أو حفيداته ؟ هل هو إنسان سويّ حين يلقي كل ما لديه من دناءة الجسد والشهوات على جسد طفلة بريئة ما عرفت غير الدمى و تمييز الألوان والقاء الأحرف الابجدية في حياتها؟هل هو أبٌ سويّ حين يتاجر بطفلته مقابل مبلغ من المال بحجة صعوبة وضعه المادي الراهن والذي سوف يكفيه لبضعة شهور أوسنوات عاشت فيه طفلته باكية محترقة القلب تائهة ومتفاجئة بوضعها وبحياتها التي أتت على غفلة من أمرها ؟

 فأصبحت هذه الظاهرة مترنحة ما بين اجتهاد القاضي وطمع الأهلٍ و فتاوى شيوخ دين ما دروا بأن ديننا الحنيف هو رسالة للترغيب والعطف واحترام الذات والنفس البشرية، فإن الزواج من قاصر هو بنظري اعتداء جنسي بثوب شرعي و مجتمعي ،هو جريمة علنيّة للتجارة البشرية، فارحموا أطفالكم لأنهم جيل للمستقبل.

سيف عباس الحسيني – بابل

مشاركة