لقدس (أ ف ب) – غزة- بيروت- الزمان
تفرج حماس السبت عن ثلاثة رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة فيما تطلق إسرائيل سراح تسعين معتقلا فلسطينيا في سجونها، في رابع عملية تبادل في سياق اتفاق الهدنة في القطاع المدمر.
الى ذلك أفاد مصدر في حماس وكالة فرانس برس ومصدر آخر مطلع على الملف، بأنّ معبر رفح بين أقصى جنوب قطاع غزة ومصر سيتم فتحه السبت بعد إتمام عملية التبادل. وقال قيادي في حماس إن «الوسطاء أبلغوا (الحركة) بموافقة إسرائيل» على فتح المعبر السبت، فيما أورد المصدر الآخر أن هذا القرار سيتيح إجلاء جرحى «تنفيذا لاتفاق وقف اطلاق النار».
تضمّ قائمة الرهائن الإسرائيليين الذين سيُطلق سراحهم السبت، والتي كُشف عنها الجمعة اسم الفرنسي الإسرائيلي عوفر كالديرون والأميركي الإسرائيلي كيث سيغل والإسرائيلي ياردن بيباس، الذي لا يزال مصير زوجته وطفلَيه غير معروف.
ملوحين بأعلام ومطلقين أعيرة نارية في الهواء، استقبل آلاف الفلسطينيين المبتهجين، المعتقلين الذين أفرجت عنهم إسرائيل الخميس في رام الله بالضفة الغربية المحتلة. وفي ثالث عملية تبادل رهائن وسجناء بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد أكثر من 15 شهرا من حرب مدمّرة في قطاع غزة، نظمت السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس هذا الاستقبال، ولم تظهر في البداية سوى أعلام حركة فتح التي يتزعمها عباس. لكن عندما وصلت حافلتان كانتا تقلان المعتقلين المفرج عنهم، واجه عناصر الشرطة الفلسطينية صعوبة في كبح جماح الحشود، وفقا لمراسل وكالة فرانس برس في المكان. وأطلِقت أعيرة نارية احتفالا. وهتف العديد من الفلسطينيين شعارات مؤيدة لحماس، بينما لوح آخرون بأعلام الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تولت السلطة في غزة عام 2007. وأكدت مصلحة السجون الإسرائيلية أنها أفرجت الخميس عن 110 معتقلين فلسطينيين.
بحسب أمين شومان، رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين في رام الله، وصل 66 من هؤلاء إلى الضفة الغربية المحتلة فيما تم إبعاد 21 آخرين ونقل 14 إلى القدس الشرقية وتسعة إلى غزة. وقد أُطلقوا جميعا مقابل اطلاق سراح ثلاث رهائن إسرائيليين خطِفوا خلال هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واحتجِزوا في غزة منذ ذلك الحين.
ومنذ احتجازهم خلال الهجوم الذي نفذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لم ترشح أي أخبار عنهم، باستثناء إعلان حماس في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023 مقتلهم في قصف إسرائيلي، وهو ما لم تؤكده إسرائيل. غير أنّ الجيش الإسرائيلي قال في 25 كانون الثاني/يناير إنّه يشعر بقلق «عميق» على مصيرهم. وأفاد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في بيان بأنّ «إسرائيل تلقّت قائمة الرهائن المتوقع إطلاق سراحهم من الأسر لدى حماس غدا (السبت)، وسيتم إصدار رد مفصل بعد مراجعة القائمة وإبلاغ العائلات». وأوضح أنهم ذكور من غير أن يحدد عددهم ولا أسماءهم.
من جانبها، قالت المتحدث باسم نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة إنّ إسرائيل «ستحرّر تسعين أسيرا» هم «تسعة يقضون عقوبة مؤبدة و81 يقضون عقوبات طويلة المدة». ومنذ دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير بعد حرب مدمّرة استمرّت أكثر من 15 شهرا بين حركة حماس وإسرائيل، أُطلق سراح 15 رهينة إسرائيلية ومئات المعتقلين الفلسطينيين. يأتي هذا التبادل بعد يومين فقط من عملية التبادل الثالثة التي نُظّمت الخميس في ظل ظروف معقّدة في خان يونس جنوب القطاع، قرب المنزل المدمّر الذي نشأ فيه رئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي قتل في معركة مع الجيش الإسرائيلي خلال الحرب.
وخلال العملية، واجه عناصر من حركتي حماس والجهاد الإسلامي صعوبة في السيطرة على مئات الأشخاص الذين احتشدوا لمتابعة مجريات تسليم رهينتين إسرائيليين وخمسة رهائن تايلانديين.
وأثار ذلك تنديد نتانياهو ودفعه الى تأخير الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين إلى حين تلقّى من الدول الوسيطة «ضمانا» بـ»إفراج آمن» عن الرهائن المتبقين في القطاع.
كما دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إدخال «تحسينات» على أمن عمليات تسليم الرهائن المحتجزين لدى حماس إلى إسرائيل.
وقالت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا، إنّها «لا تتحكّم بتوقيت الإفراج أو الموقع أو البيئة» التي تتمّ فيها هذه العملية. وأضافت أنّ «التفاصيل واللوجستيات تحدّدها الأطراف نفسها».
وسهّلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تستمدّ فعاليتها من الحياد المطلق الذي تعتمده في مناطق الحرب والنزاعات، نقل جميع الرهائن خلال هذه الهدنة، وخلال الهدنة السابقة في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
والخميس، أطلق سراح سبعة رهائن هم الإسرائيليان غادي موزيس وأربيل يهود وخمسة مواطنين تايلانديين، كما أطلق سراح رهينة ثامنة هي جندية إسرائيلية كانت محتجزة في مخيم جباليا.
وأظهرت لقطات مصوّرة وجه أربيل يهود (29 عاما) المتجهّم وهي تقف مذعورة في أول احتكاك لها بالعالم الخارجي بعد 482 يوما من الاحتجاز.
- الأونروا «تواصل» عملياتها -
ينص الاتفاق المؤلف من ثلاث مراحل على وقف الأعمال القتالية وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة. وتمتد المرحلة الأولى ستة أسابيع وتشمل الإفراج عن 33 رهينة من غزة في مقابل نحو 1900 معتقل فلسطيني.
وإضافة إلى عمليات التبادل ووقف إطلاق النار، يتيح الاتفاق وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يعاني كارثة إنسانية.
وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار على استئناف المفاوضات بعد 16 يوما على دخوله حيّز التنفيذ، أي الإثنين في الثالث من شباط/فبراير، وذلك لبحث آليات المرحلة الثانية التي تهدف إلى إطلاق سراح آخر الرهائن وإنهاء الحرب، الأمر الذي يعارضه بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية.
ومن المفترض أن تشمل المرحلة النهائية إعادة إعمار غزة وإعادة جثث آخر الرهائن القتلى.
غير أنّ وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع قد يواجه تعقيدات كثيرة بعد دخول قرار إسرائيل قطع علاقاتها مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) حيّز التنفيذ الخميس، بعدما كانت قد اتهمت موظفين فيها بالتواطؤ مع حماس في هجومها على اسرائيل.
مع ذلك، أكد المتحدّث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الوكالة تواصل عملها في سائر أنحاء الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية.
وأسفر هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عن مقتل 1210 أشخاص على الجانب الإسرائيلي، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية، بمن فيهم الرهائن الذين أُعلن عن مقتلهم في وقت لاحق.
ومن بين 251 شخصا احتجزوا في الهجوم، لا يزال 79 منهم رهائن في غزة، وقتل ما لا يقل عن 34 منهم، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وأدى الهجوم الانتقامي الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة إلى مقتل 47460 شخصا على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.