تأهيل نزيلات السجون
طالعنا على صفحة جريدتنا (الزمان) الغراء.. وبعددها 4346 بتاريخ 6 كانون الثاني 2012. ومن على صفحتها الاولى مقالاً بعنوان (الزمان تكشف اسرار سجينات اصلاح الاحداث).
وكان لابد لنا هنا ان نقف وقفة تأمل حول هذا الموضوع.. وان لا نمر عليه مرور الكرام على انه خبر صحفي.. فقط.. وانما لهذا الموضوع اهمية اجتماعية كبيرة علينا جميعاً ان نبحث عن مكوناته واسبابه ودوافعه والبحث عن من هم الاساس في هذه المآسي.. وبعد ذلك البحث في تأهيل النزيلات بما يتناسب مع تكوين كل واحدة منهن وبما يتفق مع رغباتها وميولها.. ومن ثم.. البحث.. فيما يصار الوضع معهن بعد انتهاء محكومياتهن.. وما وفرته لهم الدولة والمؤسسات او الجمعيات الخيرية ومن لها صلة بهذا الموضوع.. وقبل كل هذا وذاك،كنا قد تحدثنا سابقاً وبمقالات عدة عن كيفية تقويم الشخصية العراقية لاسيما الشباب منهم.. بعد ان شاهدنا ما يمر بهم من ويلات ونكبات.. قادت الكثير منهم الى التسيب وعدم المسؤولية واللامبالاة.. اضافة الى الانحطاط الاخلاقي الذي اصاب البعض منهم..
وهذا طبيعي للظرف الذي مر به العراق من حروب وكساد اقتصادي وبطالة وحرمان.. وبعد ان اصاب الفقر والفاقة اغلبية كبيرة من الشعب.. ولم تجر عليهم تحسينات يمكن معها انتشالهم مما هم فيه.. وان ما نشاهده الان من مفردات تصيبك بالدهشة يكاد لا يصدق عقلك ما يجري عندما تدفع الام ابنتها الى احضان الرذيلة والدعارة من اجل المال.. واخرى تدفع باولادها الى السرقة.. وام اخرى تأخذ بناتها وتدور بهن على المطاعم والملاهي..
اما المتاجرة بالاجساد في ما يسمى حالياً(كوفي شوب) فحدث ولا حرج.. اضافة الى ما يجري فيها.. مناظر نراها تخجل العيون من رؤيتها او وصفها.. وكلها لعلاقات شبابية ماجنة فيها الكثير من الاباحية وامام انظار الجميع.. ولا يردعهم حياء او خجل بما يفعلون.. اما ما يجري في المطاعم والملاهي لا يمكن ان يحدث حتى في الدول التي تتعامل بالاباحية بشكل طبيعي ومقبول.. اضافة الى بروز حالات كثيرة من النصب والاحتيال من اجل الحصول على مبلغ من المال.. والظاهرة الاخرى هو استعمال القوة بالاستحواذ على مال الاخرين حتى وان كان ذلك تحت تهديد السلاح او استعماله من اجل هذه الغاية.
ومن هنا لابد ان تسأل.. لا لنفسك فحسب.. ولا تسأل الاخرين.. وانما تسأل صاحبة الامر المسؤولة المباشرة على مثل هذه الامور.. وهي الدولة.. ودورها في اعادة بناء الانسان العراقي الذي قد تهدمت الكثير من مفاهيمه وقيمه.. نتيجة للظروف القاهرة التي مر بها العراق.. وذلك بالعمل على انتشالهم من البؤر التي وقعوا فيها بارادتهم او رغما عنهم.
وذلك لفتح معاهد مهنية مع حوافز تشجيعية لهم. ومراكز رياضية.. وتشغيل اليد العاطلة وتحسين ظروف الاسر .. والوقوف على مشاكل الشباب ومعالجتها وذلك من خلال شيوخ العشائر وكلا حسب منطقته للاطلاع على احوال الناس ومشاكلهم الاجتماعية.. وموكد ان مراكز الشرطة تغط بالعديد من هذه الشاكل فيجب على الشرطة احالة الحالات الاجتماعية الى مراكز البحث الاجتماعي للوقوف على هذه الحالات ومعرفة مسبباتها ودوافعها.. وتوصية بما تراه مناسبا مع كل حالة.. وحتى في حالة تسوية المشكلة في مراكز الشرطة.. وتنازل الطرف الاول عن الطرف الثاني في الدعوى..
ان مجتمعنا بحاجة الى حلول سريعة للمشاكل الاجتماعية التي تعصف به.. وزيارة واحدة الى المحاكم الشرعية وغيرها من المحاكم تستطيع ان تقف على حجم تلك المشاكل. واما النزيلات فيجب ان تتعاون وزارة الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية على تاهيلهن بشكل كامل والوقوف على مشاكلهم وتشخيص الدوافع التي دفعت بهن ليكون تحت طائلة القانون.. ومن يقف وراء ذلك.. ومن المهم جداً تعليمهن على مهن يمكنهن مزاولتها بعد انقضاء مدة محكومياتهن والعمل على تقويم سلوكهن.
اما بعد انقضاء مدة المحكومية.. وهنا الجانب المهم من الموضوع.. فيجب على الدولة متابعة كل حالة من حالاتهن وحبذا لو كانت هناك مديرية او مؤسسة خاصة بذلك.. كما في الدول المتقدمة وذلك بتأمين العيش لهن وسلامتهن وكيفما استقر الحال بهن ان دخلن في الاسرة من جديد.. اوبالزواج او بالعمل ولا تترك النزيلة حتى يمكن الاطمئنان على استقراها ودخولها المجتمع بشكل جديد وسليم.. ومعها لا تحتاج الى المتابعة.. الا بين مدة واخرى للاطلاع على حالها.
ومع كل هذا وذاك نبقى نناشد المسؤولين بتحمل المسؤولية الوطنية بتحسين حال الشعب لاسيما الفقراء والمساكين ممن ضاقت بهم سبل العيش الكريم.
محمد عباس اللامي – بغداد
AZPPPL