بنود لم تطبق من الدستور (1)

بنود لم تطبق من الدستور (1)
تحريم جميع أنواع التعذيب
مع تصاعد الأزمة السياسية هذه الأيام بين الكتل الرئيسة المشاركة في العملية السياسية في العراق وتبادل الاتهامات بين الأطراف بعدم الالتزام ببنود الدستور تثار مجددا مشكلة عدم تنفيذ الكثير من الفقرات الأساسية في الدستور الذي صدر عام 2005 , وذلك نتيجة للخلافات وغياب التوافقات بين الكتل السياسية المشاركة في الحكومة ومجلس النواب . ويبدو أن القوى السياسية الفاعلة في العراق قد اختارت تطبيق بعض المواد من الدستور بينما أهملت أو تغاضت عن مواد أساسية أخرى لأنها تتعارض مع مصالحهم أو لغياب التوافق عليها بين الكتل والأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية بعد الاحتلال . وفيما يلي أهم مواد الدستور العراقي التي لم يتم تنفيذها رغم مرور عدة سنوات على تشريع الدستور عام 2005 ,
{عارضت حكومة المالكي وبشدة اعلان اقليمي صلاح الدين وديالى عام 2011 مخالفة بذلك المادتين 118 و 119 من الدستور التي تنص على أنه (يحق لكل محافظةٍ او اكثر، تكوين اقليمٍ بناءً على طلبٍ بالاستفتاء عليه) .
{ عدم اصدار قانون النفط والغاز (المادة 112 من الدستور) رغم وجود مسودة له منذ سنوات وتفرد وزارة النفط في توقيع اتفاقيات استثمار حقول النفط والغاز العملاقة مع الشركات العالمية دون أخذ موافقة مجلس النواب . اضافة الى تبادل الاتهامات بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان بعدم شرعية الاتفاقيات التي عقدها الطرفان مع الشركات النفطية العالمية .
{ ذكر طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية في 20/12/2011 أن حكومة نوري المالكي خرقت المادة 93 من الدستور عندما اصدرت قرارا بالقاء القبض عليه ومنعه من السفر بحجة تورطه باعمال ارهابية دون الرجوع للمحكمة الاتحادية العليا . حيث تشير المادة 93: (الى أن تختص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء) .
{عدم ضمان الحريات الصحفية التي كفلتها المواد 38 و 39 والتي تشير الى (أن الدولة تكفل ، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. وان لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة). وقد واجه قانون حماية الصحافة الكثير من العراقيل والاعتراضات من الحكومة ومجلس النواب وشكت نقابة الصحفيين من أنها لم تشرك في اعداده بالشكل الصحيح .كما تعرض العديد من الصحفيين للاعتقال بسبب مقالات انتقدوا فيها مسؤولين في الحكومة . حيث أكد مرصد الحريات الصحفية في العراق ان العنف المنظم والانتهاكات التي تعرض له الصحفيون في العراق سجلت خلال العام الماضي ومطلع العام الحالي أعلى مستوياته منذ عام 2003 ، حيث شهدت هذه الفترة ( 372 ) أنتهاكا في ظل غياب شبه تام لحرية الصحافة . واوضح المرصد، ان الاعتداءات التي تعرض لها الصحفيون ومؤسساتهم الاعلامية من قبل القوات الحكومية المختلفة توزعت بواقع (91) حالة ضرب مبرح، واعتقال واحتجاز (67) صحفياً واعلاميا، وأغلاق (9) مؤسسات اعلامية، وتعرض (11) مؤسسة اخرى للمداهمة والتفتيش والعبث بمحتوياتها وتحطيم أجهزتها و (69) حالة تضييق و(49) حالة منع و (8) هجمات مسلحة استهدفت صحفيين ومؤسسات إعلامية و(56) حالة أنتهاك مختلفة، فيما قتل (12) صحفيا بأسلحة كاتمة للصوت وعبوات لاصقة.
{ مخالفة المادة 102: التي نصت على (تُعد المفوضة العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئاتٌ مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون). ولكن مجلس الوزراء قام بربط الهيئات المستقلة به خلافا للدستور وبالرغم من كل الاعراضات التي ظهرت من قبل مجلس النواب والأحزاب والجهات القانونية .
{ المادة (74): نصت على أن (يحدد بقانونٍ، راتب ومخصصات رئيس الجمهورية) . وقد صدر قانون من مجلس النواب بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث بعد نقاشات طويلة . الا أن رئيس الوزراء أصدر امرا بتجميد هذا القانون في كانون أول 2011 .
{ عدم مكافحة الفساد وتفشيه في اجهزة الدولة وحماية المسؤولين الفاسدين . وقد نصت المادة 73 على أن (يتولى رئيس الجمهورية عدة صلاحيات ومنها اصدار العفو الخاص بتوصيةٍ من رئيس مجلس الوزراء، باستثناء ما يتعلق بالحق الخاص، والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والارهاب والفساد المالي والاداري). وصدر العفو عدة مرات ولكنه شمل الاف القضايا التي تخص مرتكبي الفساد المالي والاداري . حيث ذكر القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة في ندوة على قناة الحرة بتاريخ 23/9/2008 أن 690 قضية فساد تم إغلاقها بموجب قانون العفو لسنة 2008 , وأن الدستور كان يمنع العفو عن قضايا الفساد ولكن تم إلغاء ذلك في قانون العفو العام الأخير , وأشار أنه كان المفروض من المتورطين بالفساد ممن شملهم العفو أن يعيدوا الأموال المسروقة الى الدولة إلا أن ذلك لم يتم . وفي نفس الندوة تحدث صباح الساعدي رئيس هيئة النزاهة في مجلس النواب بأن هناك قوانين يتم تشريعها من أجل حماية المفسدين , وذكر أنه يعتقد أن الأموال المسروقة من الدولة قد ذهبت الى الأحزاب والقوى السياسية المتنفذة . كما أعلنت هيئة النزاهة في 20/11/8 أن 1700 شخص استفادوا من قانون العفو العام من المتهمين بقضايا الفساد المالي والإداري وتم إطلاق سراحهم . ومن ناحية أخرى أعلنت منظمة الشفافية الدولية في 31/3/2009 أن عملية إعادة الإعمار في العراق قد تكون أكبر عملية فساد في التاريخ بسبب المستثمرين ورجال الأعمال , وهو ما شجع المسؤولين العراقيين على نهب المال العام .
{ عدم اجراء التعداد العام (المادة 110 تاسعا) رغم ابداء وزارة التخطيط استعدادها لاجراءه . مما تسبب في أزمة دستورية وسياسية في تحديد عدد مقاعد المحافظات ومجلس النواب وحصول مساومات بين الكتل الكبيرة وغبن لبعض المحافظات .
{ أما أخطر مخالفات الحكومة للدستور فتتمثل في انتهاكات حقوق الانسان والمعتقلين التي نصت عليها المواد 15 و17 و 19الخاصة بصيانة الحريات الفردية والمادة 37 الخاصة بحقوق المعتقلين التي أكدت على (انه لا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرارٍ قضائي.
كما يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه وفقاً للقانون).
وقد اتهم تقرر ممثل الامم المتحدة في العراق في حزيران 2011 الحكومة العراقية بعدم تنفيذها اغلب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والسجناء كما أشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في شباط 2011 ان العراق يدير سجونا سرية يتعرض فيها السجناء الى التعذيب لانتزاع الاعترافات وان ثلاثين الف رجل وامرأة لا يزالون رهن الاعتقال وأكد تقرير منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومان رايتس ووتش) في نيسان 2011 أن المحتجزين في مركز احتجاز سري في بغداد تعرضوا الى فظائع تعذيب منهجية واجبروا على التوقيع على اعترافات كاذبة .
مصطفى العبيدي- بغداد
/5/2012 Issue 4195 – Date 9 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4195 التاريخ 9»5»2012
AZPPPL

مشاركة