بغداد تستصرخ إنقاذ شواهدها التاريخية والأثرية من الضياع

قصر شعشوع تحفة فنية تعاني الإهمال

 

بغداد تستصرخ إنقاذ شواهدها التاريخية والأثرية من الضياع

 

 

 رياض المحمداوي

 

تعاني المباني التراثية والأثرية بالعراق ومنذ سقوط النظام السابق عام 2003  من تعرضها للإهمال والهدم، حيث أفادت إحصائية أن قرابة أربعة آلاف مبنى تراثي تعرض للهدم، وهو ما دفع الهيئة العامة للآثار لمطالبة الحكومة والبرلمان بتشريع قوانين صارمة تمنع هدم المواقع التراثية والأثرية. وكشف رئيس هيئة الآثار والتراث قيس حسن رشيد أن 3600 مبنى تراثي تعرض للهدم ولم يبق سوى 2400 من أصل ستة آلاف مبنى مصنف كتراثي، واصفًا ذلك بأنه هدر لثروة لا تقدر بثمن، وأشار إلى أن الهيئة رفعت دعاوى قضائية ضد كل من الوقف السني والشيعي والمسيحي وأمانة بغداد، والحكومة المحلية في بابل وآخرين، لتجاوزهم على المباني التراثية التي بعهدتهم، بشكل يخالف للقانون.

 

بالرغم من انتشار ظواهر الفساد والخراب والإهمال في عراقنا الجديد ، لكننا نذكر وعسى ان تنفع الذكرى (انقذوا قصر شعشوع التاريخي) وعندما بنى ابوالخليفة العباس ابوجعفرالمنصور بغداد. التي ابهرت الدنيا بعمارتها وموقعها الجغرافي وقباب بيوتها وقصورها ودواوينها ومنارات مساجدها وكنائسها ورونق حدائقها وشوارعها المتميزة بعمارتها البغدادية الرشيقة والجميلة والتي ابهرت جميع العالم بعمارتها وعمرانها وجمال قصورها وعبقرية بنائها.فاصبحت بغداد الشاهد العمراني الحضري الاول في جميع انحاء العالم. فلبغداد شواهد حضارية وفنية عظيمة يتفاخر بها اهلها امام شعوب الارض بقدمها وعراقتها وتراثها لكونها عاصمة الخلافة العباسية ومركزالفن والادب والعلوم بالعالم فلاتزال المدرسة المستنصرية احدى شواهدها التاريخية والتي كانت منارآ للعلم والمعرفة للإنسانية جمعآ. فقد ارتادها العلماء والفنانون وتغنى بها الشعراء وقصدها القاصي والداني ليشهد جمالها وحضارت مدنيتها. ورغم ماعنته بغداد من حروب وهجمات بربرية ادت إلى دمار الكثير من ذلك معالمها الحضارية والتاريخية . ومنذ 2003 حتى الان وبعد الاحتلال الامريكي الغاشم والذي احرق بغداد وهدمها وسرق ونهب ودمر كل مايتعلق بتراثها وشواهدها التاريخة وآثارها وحضارتها وبناها التحتية. وعمت الفوضى التي يعيشها البلاد والتي تركت اثارها السلبية في جميع ارجاء العراق وبغداد خاصة حيث تعرضت جميع المعالم الحضارية والتراثية للنهب والسلب والتحطيم واهملت من قبل الجهات المعنية التي اهملت على ماتبقى من الشواهد الفنية والحضارية التي تحتضنها بغداد من تماثيل ومنحوتات ونصب تذكارية وعمال نحتية ورسومات لكبار فنانيها والتي شيدت بايادي عراقية مبدعة. ويعتبر الاكثر منها اعمال عالمية مصنفة ومسجلة عالميا المعاصر ومنها تمثال ابوجعفر المنصور ونصب سفينة نوح وتماثيل واعمال حضارية عظيمة وماال لهذه الاعمال من تكسير وتهديم وتحطيم وتخريب. وحتى البنايات والقصور التراثية القديمة التي لها نكهة خاصة تشعرك بأجواء جميلة تضفي عليك الراحة وتعطيك انطباعاً مميزاً وإحساساً بديعاً ونكهة معتقة برائحة التراث برونقها وجمال شناشيلها وزخارفها العراقية المميزة .وهوماتركة الاجداد من ارث عظيم هوملكآ لجميع الشعب العراقي . فمن هذه الشواهد التاريخية العراقية العريقة واقدم قصورها البغدادية وهــو ما يطلق عليه. (قصرشعشوع التاريخي ) والذي مضى على بنائه اكثر من 120 عاماً، ومن لايعرف قصر شعشوع، فهو معروف من خلال الأمثال التي يتداولها البغداديون فيما بينهم خاصة إذا أراد بناء بناء بيتآ واستغرق مدة طويلة في البناء يقال له (قابل دتبني قصر شعشوع) يقع قصرشعشوع على شاطئ نهر دجلة في منتصف الطريق بين بغداد والأعظمية وهكذا يبقى هذا القصر القديم في بنائه الجميل وفخامته واسواره واعمدته وغرفه وزخارفه دواوينه وحديقتيه تحفة عمراية بغدادية فريدة وشاهد حاضر على العمارة البغدادية القديمة. وهناك قصة لبناء هذ القصر تناولها سكان بغداد . فعندما اريد اختيار موقع لبناء القصر والتي تدل على فطنة صاحبه اذ ذبح عدد من الخراف وعلق اجزاء من لحمها في اماكن متعددة على طول ضفتي نهر دجلة وانتظر يوم أو يومان وتجول على اماكن التعليق وكان موقع قصر شعشوع هو الموقع الذي لم يصب اللحم المعلق بالتلف .فاختاره ليبني قصره فيه .ولهذه القصة اثر تاريخي اذ تم اختيار موقع مدينة بغداد حين بنيت في زمن الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور عام 145 هجرية بنفس الطريقة كما ورد في بعض الروايات. ورغم شيخوخة القصر،فهو تحفة فنية ومعمارية بغدادية كبيرة وجميلة ورائعة منسقة البناء تظهر بفنها عبقرية العمارة البغدادية الاصيلة. فكل ما في هذا المكان يشعرك بعظمته ، فكان وما زال مضربا للامثال من حيث عمارته وبنائه الهندسي البغدادي ومكانه المميز المطل على نهر دجلة، فضلا على الشخصيات المهمة التي سكنت هذا القصر، ومن يدخله سيشم رائحة التاريخ والبيت البغدادي الأصيل بجدرانه وسقوفه المزخرفة ذات النقوش المميزة الجميلة التي زينت الجدران والسقوف ولا تزال صامدة كما هي برغم كل تلك السنوات .ولكل غرفة وقاعة في القصر حكاية وتاريخ وذكريات تشعرك وأنت في حضرتها بانتقالك بين صفحات التأريخ، وفيه القاعة التي يطلق عليها اسم (المتحف) وهي فعلا اسم على مسمى لما تضمه من صور أعيان ووجهاء بغداد القدامى وملوكها منذ تأسيس الدولة العراقية فضلا عن أدوات وقطع أثاث اثرية يعود تاريخها إلى ما قبل مئة وعشرين عاما، مثل الرّحى والحب والهاون الضخم الذي يصل ارتفاعه إلى أكثر من متر ونصف المتر من مادة الحديد وغيرها من الأدوات التراثية الاخرى واغرب مافيه من اسرار وعبقرية الهندسة المعمارية البغدادية . برودة المكان بدون اي مكيف للهواء. فكان السر ان في القصرسلمآ لسرداب تحت ارض القصروحين النزول تجد امامك بحيرة صغيرة وهي السبب في برودة هواء القصر المنعشه والتي تجعل من غرف البيت مبردة في الصيف. وما يزيد جمال القصر الخارجي حديقتاه اللتان تسوران محيطه بأندر الأزهار والأشجار المنسقة والمثمرة. وقد بدأ بناء القصر عام 1906 وانتهى عام 1908 واستعمل فيه الآجر والاسمنت والشيلمان (روابط حديدية للتسقيف) في وقت كان الطابوق الطيني (اللبن) المادة الشائعة في البناء آنذاك.وقد شيد على مساحة أربعة آلاف متر، غرق منها بحدود ألف متر بسبب الفيضان الذي اجتاح العراق في الخمسينيات عندما حدثت فجوة في السدة التي على النهر فتدفق الماء ليغرق بغداد والمناطق المحيطة بها. لقدعاش في هذا القصر عدد كثير من الملوك والأمراء والمشاهير أولهم راؤول شعشوع وهوموطن عراقي من كبار تجار بغداد والذي تولى بناءه . وبعد ذلك عمير من بعده من قبل جلالة الملك فيصل الأول ملك العراق عندما تم تنصيبه عام 1921 ولم يكن قد بنى داراً له حينما وصل بغداد، فسكن في هذا القصر ثم شغل القصر من بعده البلاط الملكي خلال وزارة ناجي السويدي. وبعد ذلك سكن فيه الزعيم الوطني (جعفر أبو التمن) وزير المالية انذاك ومنذ عام 1953 انتقلت ملكية القصر إلى عائلة البنية ويمثلها الاستاذ احمد البنية الذي اشتراه لنفسه وسكن فيه وعائلته. وقد عمره وحافظ عليه كما هو ورعاه وانفق عليه الكثيرونحن بدورنا نتقدم للاستاذ احمد البنية باسمى ايات الشكر والاحترام لهذا الموقف الوطني الذي يضاف لمواقف هذ العائلة المعروفة فعائلة البنية من العوائل العراقية البغدادية العريقة لها مواقف وطنية مشرفة مع الشعب العراقي وهي من ابرزالعوائل البغدادية التي قدمت الكثير من الاعمال الخيرية والمشاريع والاستثمارات خدمتآ للمواطن العراقي. ونحن اليوم نناشد هذه العائلة الوطنية الشريفه وباسم جميع ابناء الشعب العراقي بان لاتفرط بهذا الصرح العراقي البغدادي الكبير وتتركه عرضتآ للإهمال والتهديم .فنحن العراقيون نطمع بكرم اخواننا عائلة البنية الكريمة ان تهب هذا القصر إلى الشعب وتسلمه لوزارة الاثاروالتراث العراقية لتعنتي به وتجعل منه متحفآ بغداديآ يحتظن بحناياه تاريخا وتاريخ ابنائها يزوره ابناؤنا ليتعرفوا على تراث اجدادهم .وهذه وقفة من وقفاتكم الشريفة تجاه بغداد وتاريخها العريق التي سيسجلها لكم التاريخ ولن ينساها شعبكم واخوانكم العراقيين . فانتم عائلة عراقية اصيلة كريمة تحب العراق وقد قدمت له الكثير من خلال تاريخ هذه العائلة العريقة ومنها الجمعيات الخيرية والمساجد واشهرها جامع البنية في الصالحية. وهذا مطلب عراقي شعبي لكي يبقى تراثنا وتاريخنا يحفظه ابناؤه الشرفاء.ونتمنى من الحكومة ووزارة الاثار والتراث ووزارة الثقافة ان تلتفت لجميع القصور والبيوت البغدادية الاثرية وترعاها بالترميم والمتابعة واقامة ندوات تثقيفية عن اهمية هذه الابنية التراثية العريقة.فالكثير من الشعوب يتمنى ان تكون له مثل هذه الشواهد التاريخية والحضارية التي تخلد ثقافته وتحكي عن حضارة ومدنية اجداده بينما نحن نتعمد ترك هذه الشواهد العملاقة ياكلها الإهمال وينخرها الث ويد العابثين مثلما دمر الكثير من الاعمال والتماثيل والنصب الوطنية والحضارية في بغداد العراقة والتاريخ .ومن اجل تبقى وتدوم

 

  وتقول المدير العامة للتراث بالهيئة الدكتورة فوزية مهدي إن قانون الآثار العراقي رقم (55) لعام 2000, يعد من أفضل القوانين المتعلقة بالآثار بالوطن العربي، وهو يتضمن فقرات تمــــــــــنع التجاوز على المباني التراثية أو الأثرية.

 

 وتضيف أن فقرة بالقانون تنص على كل من يقوم بهدم مبنى تراثي بدون علم أو موافقة السلطة يحكم عليه بالسجن ست سنوات وإعادة البناء كما كان عليه إلا أن هذا القانون لم يتسن العمل به بسبب الغزو الأميركي عام  2003 .

 

مشاركة