بعيداً عن التجاذبات السياسية – عبد الكاظم محمد الخشالي 

تحزّب الثقافة

بعيداً عن التجاذبات السياسية – عبد الكاظم محمد الخشالي

ان الحزبية حاله خاصة لا يمكن لها ان تكون حالة شاملة تعكس احتياجات وتطلعات اي مجتمع كان وإنها مهما كانت تمثل افكار ومصالح فئة معينة من المجتمع لا كله ومن الصعب ان تختزل ارادة المجتمع باردة حزب واحد وفي هذه الحالة فأن اغلب افراد المجتمع سوف يساقون الى حيث لا يرغبون ويكون هذا السوق اجباري تحت ضغط القوة تارة او الترغيب تارة أخرى.او استخدام اساليب التضليل من خلال نشر ثقافة مختلقة تحت اسم الضرورة او تحت اسماء منها القومية والعدالة والوطنية .ونشر ثقافة الاقصاء ووضع كل من يعارض النظام في خانة الخيانة العظمى حيث الموت او السجن والتعذيب يلاحقه

حزب واحد

ان تجربة ادارة الدولة عن طريق حزب واحد امر مشين يجعل الدولة في اسوء حالتها ونقصد بالدولة ليس الحكومة وإنما الدولة بمقوماتها ومنها الشعب .

ولو اخذنا العراق الحديث وتجربته مع نظام الحزب الواحد واقصد هنا (البعث) لوجدنا ان هذه التجربة مريرة بكل مفرداتها ولكون ما يخصنا هو موضوع الثقافة وتحزبها

فنرى ان الحكومة نهجت نهجا منظما لجعل الثقافة في اطار خدمتها وبعبارة احرى فان الحكومة كسبت الثقافة الى حزب البعث كما يُكسب اي فرد عراقي له . ان في المحصلة النهاية انتصار للحزب فهي تشتري الاقلام والعقول والإبداع تحت اي مسمى لتعمل دون كلل او ملل لخدمة النظام فتزين صورته تارة وتهاجم الخصم تارة اخرى كما انها تتعدى الحدود الاخلاقية والمهنية لتهاجم الخصم وكأنها جزء من منظومة الحماية للنظام تصل الحالة الى المضايقة والتهديد وحتى تشويه السمعة وقطع الارزاق وهنا نجد أن من يخالف النظام اما ان يركع او ان يتشرد في ارض الله الواسعة في حالة خلاصه من يد السلطة او الانعزال بعيد عن الاضواء .

ان الاربعين سنة الماضية من حكم البعث لم نجد ثقافة بمفهومها الانساني والجمالي كل ما نجده هي اصوات نشاز وأقلام سوداء وثقافة عاهرة كان صانعيها من الذين تنقصهم الشجاعة والمبدئية والحرفة الحقيقية واقصد بهؤلاء الذين هم يدورون في فلك السلطة ويُسيرون محرك ثقافتها فهم متحزبون اكثر من قادة الحزب وكانت النتيجة هبوط في معيار الثقافة على كل المستويات .

ولا يفوتنا الدور الكبير لبعض الاصوات المعارضة والتي ضلت على نهجها المبدئي رغم كل الظروف فقد مارست نشاطها بالسر دون خوف او وجل وتحدت المستحيل فنشرت نشاطاتها بين انصارها وبكل حذر ولكن هنالك اصوات عالية في المهجر وقامات ينحني لها القاصي والداني ارعبت النظام بنشاطها وكانت لها صوت كبير يحترمه العالم وبقت هذه الاصوات عالية مدوية على الرغم من محاولات النظام اسكاتها . اين هي من الجواهري وأين هي من النواب على الصعيد الشعري واين هي من فؤاد سالم على صعيد الاغنية وآخرون كثر في مجالات شتى .

وبعد سقوط الصنم كان التركة ثقيلة فالثقافة التي تم بنائها طيلة اربعين سنة لا زال تأثيرها موجود فكثير من الاشخاص المحسوبين على الثقافة العراقية سابقا قد غيروا زيهم وقد غيروا اسلوبهم بما يتلاءم مع ظروف المرحلة الجديدة واحتلوا مواقع كبيرة وجديرة بالاهتمام على الصعيد الثقافي متناسين تاريخهم الاسود في دعم النظام السابق ويظهرون انفسهم هم من حرر العراق من الطاغية ويتبجحون بكل وقاحة على انهم اساس كل شيء فتراهم يزورون تاريخهم وينسبون لنفسهم امجاد من الخيال. في حين بقى نشاط هؤلاء المضحين والمبدئيين محصور تحت ضغوط جديدة

واقع الثقافة

ان واقع الثقافة العراقية لا زال بعيد عن النهج الديمقراطي الذي رسمه العراق لنفسه ولا زالت هنالك مطبات في طريق الثقافة العراقية ولا زال هنالك تهميش وعدم العدالة في منح الفرص اضافة الى صراعات اساسها كسب الجاه والمصالح والامتيازات وهذا الصراع غالبا ما ينعكس على السطح من خلال تبادل الاتهامات ومن خلال وجود الاخفاقات وغلق الابواب بوجه الطاقات الجديدة خاصة الشابة وتسفيها والتقليل من شانها تحت عنوان النقد الهدام الغرض منه عدم وصول هذه الاصوات الى مبتغاها خوفا من الصراع  نتمنى ان تأخذ الثقافة العراقية طريقا بعيدا عن التجاذبات السياسية والمصالح الشخصية الضيقة وان تكون ثقافة مبنية على اسس الابداع والطاقات والمواهب الخلاقة والفرص المتساوية فعندها يزدهر الابداع العراقي كما ازدهر في اوائل السبعينيات والاهتمام بكافة النشاطات المعرفية والعلمية والحضارية ابتداء من المدرسة والإعلام والشارع والمؤسسات المجتمعية لخلق جيل جديد وثقافة متجددة

– بغداد

مشاركة