بصرة… بصرة
عبد الرزاق صالح
يا لذلكَ السِّحر!
يا لذلكَ السِّر!
كم مِنْ ذَهَبٍ
لاحَ في سمائكِ الصافية
كم مِنْ عنقودِ عِنَبٍ
تدلى في صباحِكِ
أينَ ذهبَ البهاءُ!؟
أينَ ذَهبَ صفاءُ المدينة!؟
الرجالُ الأوفياءُ
البصريونَ
ما يفعلونهُ غداً!
ما فعلوهُ أمس!
ما أفعلهُ أنا بمنجلٍ وفأس!
ما فعلهُ هو!
ما فعلتهُ هي!
ما نفعلهُ نحنُ!
ما يفعلونَ!
بمدينةٍ
كانت سِراجاً بكأس!
ما فائدةُ البكاءِ على الأطلال!
يا لهذا الصَّخب!
أُناديكَ يا كوخَ القصب!
أُناشدكِ يا حديقةَ الأُمة!
أسْتَصْرُخكَ أيُّها الركن الهادئ!
أينَ الدوامةُ!؟
أينَ ساعةُ سورين!؟
أينَ فحلُ التوت!؟
أينَ البصرةُ من البصرةِ!؟
أينَ ناي (تومان)!؟
ماذا أفعلُ بكتابينِ من حجرِ!؟
ماذا أفعلُ بـ ( عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعة السَّحر)!؟
بصرة …. بصرة …
ينقطعُ النفسُ ولا ننسى شطَكِ والسَّماء!
ما فائدةُ الشبابِ بلا جياد!
ما فائدةُ السِّراجِ بلا ضياء!
ما فائدةُ الموتِ بلا عزاء؛ وغدٍ مُشرق!
ما فائدةُ الطريقِ بلا رفقة!
ما فائدةُ الكهلِ بلا كتاب!
ما فائدةُ الغابةِ بلا شجر!
أينَ أمسى الرَّجاءُ!؟
لِمَ كلُّ هذا العناء!؟
أيُّ طريقِ نَسْكٍ!
أيُّ مِسْكٍ يفوحُ من ضفيرتِكِ!؟
أيُّ أرجوحةٍ في صباحِ الأعيادِ الماضية!؟
يا لموسيقى الدراويش!؟
يا لتلاوةِ صالح علي العكار؛ أبي
لقرآنِ الفجر!
يا لماءِ الشِّريعة الرقراق!
يا لزفةِ العروسينِ بينَ بيوت (البكشة)!
يا لصوتِ الناقوس في (كمب الأرمن)!
يا لجرسِ دراجة ( اسكرناس) الهوائية!
الأرمني الوديع
الأرمني الأخير!
يا للنوارسِ تطيرُ قريباً من الماء!
يا لصوتِ المؤذن من حسينية ( العباس) الملاصقة لدارِنا!
يا لساعاتِ الصَّبايا البلاستيكية ؛
زاهية الألوان في أيام الأعياد!
يا لشرائطِهنَّ الملونة!
يا لضحكاتِهنَّ وألعابهنَّ البريئة!
يا لصوتِ عبدالحليم حافظ وهو يشدو في ملعب الميناء!
يا لسحرِ تلك الليالي!
يا لشذى الزهور في الحدائق!
يا لروعةِ (الطبكة) وهي تمخرُ عبابَ شط العرب!
يا لجمالِ البطات السابحات!
يا لرقةِ أنغام البنات!
يا لنعومةِ الغانيات!
يا للمداعباتِ البريئة في بساتين النخيل!
يا للحسرةِ على جامعة البصرة في (التنومة)!
يا لريحِ المحطات!
أينَ تلكَ الأُغنيات!؟
أينَ النداءُ: الدُّنيا بصرة!؟
يا بصرةَ الخشابةِ والطرب!
يا بصرةَ الهوى!
نبقى في محراب الذكرى
نشقى
نتألمُ …….
لعمرٍ سُرِقَ!
يا للحسرةِ يا بصرة!