اهاي-(أ ف ب) – لندن – الزمان
أكدت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الأربعاء التزامها «الراسخ» بالدفاع المشترك فيما ابدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب نبرة تصالحية مع هذا المبدأ الذي يعد من أساسيات قيام الناتو.
وجاء في بيان مشترك صادر عن قمة الحلف في مدينة لاهاي الهولندية «نجدد تأكيد التزامنا الراسخ للدفاع المشترك كما ورد في المادة الخامسة من معاهدة واشنطن، بأن اعتداء على واحد منا هو اعتداء على الجميع».
وتبنى الرئيس ترامب نبرة تصالحية حيال بقية أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) أثناء قمتهم الأربعاء، واصفا اتفاقا مرتقبا بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي بأنه «انتصار عظيم للجميع».
وأعلنت رئاسة الوزراء البريطانية الثلاثاء أنّ المملكة المتّحدة ستعيد العمل في إطار حلف شمال الأطلسي، بالردع النووي المحمول جوّا جنبا إلى جنب مع قدراتها النووية الحالية المقتصرة على الغواصات، من خلال شرائها 12 مقاتلة من طراز إف-35 قادرة على إطلاق صواريخ مزوّدة رؤوسا نووية.
وقال داونينغ ستريت في بيان إنّ رئيس الوزراء كير ستارمر سيعلن خلال قمة الناتو في لاهاي الأربعاء قرار بلاده شراء هذه المقاتلات، في «أكبر تعزيز للوضع النووي للمملكة المتحّدة منذ جيل» ما سيمكّنها من زيادة مشاركتها في مهمة الردع الأطلسي. ونقل البيان عن ستارمر قوله إنّ «مقاتلات إف-35 ذات الاستخدام المزدوج هذه ستطلق عصرا جديدا لقواتنا الجوية الملكية الرائدة عالميا وتردع تهديدات عدائية تطال المملكة المتحدة وحلفاءنا».
كما نقل البيان عن الأمين العام للناتو مارك روته ترحيبه بالإعلان، واصفا إياه بأنه «مساهمة بريطانية قوية جديدة في حلف شمال الاطلسي».
وبعد انتهاء الحرب الباردة، اقتصر الردع النووي البريطاني في إطار الناتو على غواصات للبحرية الملكية قادرة على إطلاق صواريخ مزوّدة رؤوسا نووية.
وقالت إيلويز فاييه الخبيرة النووية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في تصريح لوكالة فرانس برس إنه في ذاك الحين كان قد زال «الاهتمام الحقيقي بالأسلحة النووية التكتيكية في أوروبا لأنّ التهديد كان قد زال».
وأضافت أن الإعلان الصادر الثلاثاء يُظهر «استمرارية إعادة التسلح النووي في أوروبا، والحاجة المتجددة إلى الأسلحة النووية، وتعزيز ردع حلف شمال الأطلسي في مواجهة خصم هو روسيا» التي تخوض حربا ضد أوكرانيا منذ ثلاث سنوات. ومقاتلات اف-35 ايه التي تصنّعها شركة لوكهيد مارتن الأميركية هي نسخة من مقاتلات إف-35 بي المستخدمة في المملكة المتحدة غير أنها قادرة على حمل رؤوس نووية بالإضافة إلى الأسلحة التقليدية.
وكان سلاح الجو الملكي طلب منذ فترة طويلة حيازة هذا النوع من المقاتلات. ومن المتوقّع أن تتمركز في قاعدة مارهام الجوية في شرق إنكلترا.
«أخطار نووية»
وأوضح ستارمر «في وقت يسوده عدم اليقين حيث لم يعد يمكننا أن نعتبر السلام أمرا مفروغا منه، تستثمر حكومتي في الأمن القومي، مع ضمان امتلاك قواتنا المعدات التي تحتاج إليها».
وتعهّدت المملكة المتحدة الاثنين تحقيق هدف حلف شمال الأطلسي المتمثل في إنفاق 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الأمن.
وتم الاعتناء بأدق التفاصيل أثناء زيارة الرئيس الأميركي المتقلّب، انطلاقا من تخفيف الجزء الرسمي من الاجتماع وصولا إلى استضافته لتمضية ليلته في القصر الملكي.
وبدا أن الاستراتيجية تؤتي ثمارها، على الأقل في الوقت الحالي، إذ أبدى ترامب حماسة لتشارك الإشادات بالاتفاق الذي يتوقع بأن ينص على زيادة بلدان الحلف الـ32 إنفاقها الدفاعي ليشكّل خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة.
وقال «أطلب منهم زيادة الإنفاق إلى خمسة في المئة منذ سنوات وسيقومون بزيادته إلى خمسة في المئة… أعتقد بأن ذلك سيكون خبرا مهما جدا». وأضاف «نقف بجانبهم». وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الذي يستضيف الاجتماع للصحافيين بأن ترامب كان «في حالة مزاجية ممتازة» أثناء العشاء الذي استضافه الملك فيليم ألكسندر في القصر الملكي.
وقال ترامب على شبكته الاجتماعية «تروث سوشال» «يبدأ اليوم في هولندا الرائعة. الملك والملكة شخصان رائعان. كان اجتماعنا على مائدة الفطور رائعا!». ولدى وصوله إلى الاجتماع الناتو، اتفق القادة على أن إعلان زيادة الإنفاق المقررة أثناء القمة «تاريخي».
ويشير حلفاء الناتو إلى أن الزيادة ضرورية لمواجهة التهديد الروسي المتزايد من جهة، والمحافظة على دعم ترامب الذي لطالما اشتكى من أن أوروبا تنفق مبالغ ضئيلة جدا للدفاع عن نفسها، من جهة أخرى. وقال رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر «كأوروبيين، علينا أن ندرك أن انقطاعنا الطويل عن التاريخ انتهى»، مضيفا أن على القارة تحمّل مسؤولية أمنها «في فترة صعبة جدا».
ويقسم التعهّد الإنفاق إلى قسمين، الأول عبارة عن نسبة 3,5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة تخصص للإنفاق الدفاعي الأساسي والثاني نسبة 1,5 في المئة ستخصص للمجالات الأوسع المتعلقة بالأمن مثل الأمن الإلكتروني والبنى التحتية.
ملتزمة بالكامل
وبينما يبدو توقيع هذا الاتفاق أمرا محسوما، تتركّز الأنظار على القاعدة الأساسية للحلف المتمثّلة بالمادة الخامسة الواردة في ميثاقه والتي تنص على أن أي هجوم على أحد أعضائه يعد هجوما على التحالف العسكري الغربي بأكمله.
وأحدث ترامب هزّة في أوساط حلفائه عندما بدا أنه يشكك في هذه المادة إذ قال للصحافيين وهو في طريقه إلى لاهاي إن الأمر «يعتمد على التعريف الذي يتم تبنيه. هناك العديد من التعريفات للمادة الخامسة».
لكن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته قلل من أهمية تصريحات ترامب معربا عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة «ملتزمة تماما» المادة الخامسة.
ولدى سؤاله عن تعهّد الدفاع المشترك أثناء اجتماعه مع روته الأربعاء، ردّ ترامب بالقول «نقف بجانبهم على طول الطريق»