بريطانيا‭ ‬تسجّل‭ ‬أكثر‭ ‬الأعوام‭ ‬سطوعا‭ ‬للشمس‭  ‬

المنطقة‭ ‬القطبية‭ ‬تشهد‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬حرارة‭ 

لندن‭ – ‬واشنطن‭  – (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭)   ‬سجّلت‭ ‬بريطانيا‭ ‬رقما‭ ‬قياسيا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ساعات‭ ‬سطوع‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬فيها‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أعلنت‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭.‬

وأفاد‭ ‬مكتب‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬بأن‭ ‬البلاد‭ ‬سجلت‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬1622‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬سطوع‭ ‬الشمس‭ ‬حتى‭ ‬15‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر،‭ ‬متجاوزة‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬السابق‭ ‬المسجل‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003‭ (‬1587‭ ‬ساعة‭).‬

وساهم‭ ‬سطوع‭ “‬استثنائي‭” ‬لأشعة‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬الربيع‭ ‬أعقبه‭ ‬صيف‭ ‬تميز‭ ‬بفترات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬الصافية،‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ “‬التأثير‭ ‬المتكرر‭ ‬للضغط‭ ‬الجوي‭ ‬المرتفع‭ ‬الذي‭ ‬قلل‭ ‬من‭ ‬الغطاء‭ ‬السحابي‭”. ‬وبفضل‭ ‬هذه‭ ‬الفترات‭ ‬الطويلة‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬الصافية،‭ ‬شهدت‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2025‭ ‬الصيف‭ ‬الأكثر‭ ‬دفئا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬التسجيلات‭.‬

وأشار‭ ‬مكتب‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬متوسط‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬بلغ‭ ‬16‭,‬10‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬متجاوزا‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬السابق‭ ‬البالغ‭ ‬15‭,‬76‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬المسجّل‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬أكدوا‭ ‬الأربعاء‭ ‬أن‭ “‬التوقعات‭ ‬المناخية‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬قاطع‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬اتجاه‭ ‬مستقبلي‭ ‬في‭ ‬سطوع‭ ‬للشمس‭ ‬مرتبط‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ‭”. ‬وأشاروا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬أصبحت‭ ‬عموما‭ ‬تحظى‭ ‬بساعات‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬منذ‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬وقدّرت‭ ‬وكالة‭ ‬الأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬أن‭ “‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بسبب‭ ‬التباين‭ ‬الطبيعي،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬انخفاض‭ ‬الهباء‭ ‬الجوي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬عاملا‭” ‬أيضا‭.‬

‭ ‬شهد‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬حرارة‭ ‬سنوية‭ ‬في‭ ‬تاريخه،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬الأميركية‭ ‬للمحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي‭ (‬NOAA‭) ‬يرسم‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬المعرضة‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬لتبعات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬وبحسب‭ ‬التقرير‭ ‬السنوي‭ ‬بشأن‭ ‬المنطقة‭ ‬القطبية‭ ‬الشمالية‭ ‬الذي‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬بيانات‭ ‬بدأ‭ ‬تدوينها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1900،‭ ‬ارتفعت‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بين‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬وأيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬2025‭ ‬بمقدار‭ ‬1‭,‬60‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬المعدل‭ ‬المسجل‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1991‭ ‬و2020‭.‬

وقال‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ألاسكا‭ ‬توم‭ ‬بالينغر،‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الدراسة،‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬أمر‭ “‬مقلق‭”‬،‭ ‬واصفا‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬بأنه‭ “‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وربما‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭”.‬

وقد‭ ‬سجّل‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬حللته‭ ‬الإدارة‭ ‬الوطنية‭ ‬للمحيطات‭ ‬والغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬حرارة‭ ‬سنوية‭ ‬لفصل‭ ‬الخريف،‭ ‬وثاني‭ ‬أعلى‭ ‬معدلات‭ ‬حرارة‭ ‬سنوية‭ ‬لفصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬وثالث‭ ‬أكثر‭ ‬فصول‭ ‬الصيف‭ ‬دفئا‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1900‭.‬

تشهد‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي،‭ ‬ظاهرة‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ “‬التضخيم‭ ‬القطبي‭” ‬يسُجّل‭ ‬خلالها‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬حرارتها‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬المعتدلة‭. ‬ويعود‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬عدة‭ ‬بينها‭ ‬ذوبان‭ ‬الغطاء‭ ‬الثلجي‭ ‬والجليد‭ ‬البحري‭. ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬سُجّل‭ ‬انحسار‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬للجليد‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬القطبية‭ ‬الشمالية،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬رصده‭ ‬بالأقمار‭ ‬الاصطناعية‭.‬

قدّر‭ ‬علماء‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬لبيانات‭ ‬الثلوج‭ ‬والجليد‭ (‬NSIDC‭) ‬أن‭ ‬الجليد‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬بلغ‭ ‬أقصى‭ ‬امتداد‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬آذار‭/‬مارس،‭ ‬بمساحة‭ ‬14‭,‬33‭ ‬مليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬وهي‭ ‬أصغر‭ ‬مساحة‭ ‬مسجلة‭ ‬خلال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الرصد‭ ‬بالأقمار‭ ‬الاصطناعية‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬شتاء،‭ ‬يستعيد‭ ‬الجليد‭ ‬البحري،‭ ‬وهو‭ ‬الجليد‭ ‬المتكون‭ ‬من‭ ‬تجمد‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬مساحته‭ ‬حول‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬ويتوسع‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬امتداد‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭. ‬لكن‭ ‬بسبب‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬النشاط‭ ‬البشري،‭ ‬يواجه‭ ‬الجليد‭ ‬صعوبة‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬التماسك‭. ‬ويوضح‭ ‬والت‭ ‬ماير،‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬تقرير‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬لبيانات‭ ‬الثلج‭ ‬والجليد‭ (‬NSIDC‭) ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يشكل‭ “‬مشكلة‭ ‬ملحّة‭ ‬للدببة‭ ‬القطبية‭ ‬والفقمات‭ ‬وثيران‭ ‬البحر‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬الجليد‭ ‬كمنصة‭ ‬للتنقل‭ ‬والصيد‭ ‬والولادة‭”. ‬وبينما‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬ذوبان‭ ‬الجليد‭ ‬البحري‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ذوبان‭ ‬الجليد‭ ‬على‭ ‬اليابسة‭ (‬الغطاءات‭ ‬الجليدية‭ ‬والأنهر‭ ‬الجليدية‭)‬،‭ ‬فإنه‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬مناخية‭ ‬تهدد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭. ‬كما‭ ‬يُفاقم‭ ‬هذا‭ ‬الذوبان‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاحترار‭ ‬المناخي‭ ‬لأنه‭ ‬مع‭ ‬تقلص‭ ‬مساحة‭ ‬سطح‭ ‬الجليد‭ ‬البحري‭ ‬الأبيض،‭ ‬ينكشف‭ ‬المحيط‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بلونه‭ ‬الداكن‭ ‬مقارنة‭ ‬بالجليد،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬يعكس‭ ‬طاقة‭ ‬شمسية‭ ‬أقل‭ ‬ويمتص‭ ‬طاقة‭ ‬أكبر‭.‬

ونظرا‭ ‬لأن‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬يشهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬حرارته‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬بقية‭ ‬أنحاء‭ ‬الكوكب،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فروق‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬حبس‭ ‬الهواء‭ ‬البارد‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬القطب،‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬لموجات‭ ‬البرد‭ ‬القارس‭ ‬بالانتشار‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر‭ ‬إلى‭ ‬خطوط‭ ‬العرض‭ ‬الأدنى،‭ ‬وفق‭ ‬دراسات‭ ‬عدة‭.‬

بلغت‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬إلى‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬2025،‭ ‬والمعروفة‭ ‬أيضا‭ ‬باسم‭ “‬عام‭ ‬المياه‭”‬،‭ ‬إذ‭ ‬صُنفت‭ ‬ضمن‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬أعلى‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬المتساقطات‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1950‭.‬

وتؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الحرارة‭ ‬المرتفعة‭ ‬والأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬إلى‭ ‬اخضرار‭ ‬بيئة‭ ‬التندرا‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬نباتات‭ ‬منخفضة‭ ‬وتربة‭ ‬صقيعية،‭ ‬وهي‭ ‬أرض‭ ‬متجمدة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬كمية‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬وثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬الكمية‭ ‬المنبعثة‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1850‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬بلغ‭ ‬متوسط‭ ‬ذروة‭ ‬اخضرار‭ ‬التندرا‭ ‬القطبية‭ ‬ثالث‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬خلال‭ ‬26‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬سجلات‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭.‬

ويؤدي‭ ‬ذوبان‭ ‬التربة‭ ‬الصقيعية‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬الحديد‭ ‬في‭ ‬المحيط،‭ ‬وهو‭ ‬المسؤول‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ “‬الأنهار‭ ‬الصدئة‭”.‬

وبحسب‭ ‬التقرير،‭ ‬حُدد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مجرى‭ ‬مائي‭ ‬بلون‭ ‬برتقالي،‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬تدهور‭ ‬جودة‭ ‬المياه،‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬المائي‭.‬