يا دار ميَّة عاثَ الموتُ في بَلَدي
وفَتَّتَ الروح منّي تاركاً جَسدي
تفرَّقت بين أضلاعي مداخِلُه
ومِنصَلُ السيفِ في قلبي وفي كبِدي
يا دارَ ميَّةَ حزني لا يغادرني
وفي ضلوعيَ تاريخٌ من الكَمَدِ
نبكي الديارَ فتبكينا مقابرُها
وتشتهي ضمَّةَ الباقينَ من وَلَدي
يا دارَ ميةَ كم بالبابِ قد وَقَفوا
وأجمعوا أمرَهم في كلِّ محتَشَدِ
فما استطاعوا مُضِيَّاً في متاهتِهم
وكنتُ ادفعُهم بالصبرِ والجَلَدِ
حتى استفقتُ وفي عيني مداخلُهم
من كلِّ شبرٍ أَتَوا في كلِّ مُرتَصَدِ
عيني ستُنكِرُ ضوءَ الشمسِ إن نَظَرتْ
في غفلةٍ عصبةَ الأوغادِ في بَلَدي
عشرٌ بها رَحِمِ التاريخِ قد مُسِختْ
دهراً أضعتُ بِهِ يومي وكلَّ غَدِي
هُزّي إليكِ نفوساً صارَ أرطَبُها
جذعاً من النخلِ لم ينقُصْ ولم يَزِدِ
يكفيكِ أن جبال الموتِ أحملُهُا
عمراً تَشَظّى بِصَمتي المثقلِ الجَلِدِ
تدورُ دائرةُ الأيامِ في وَطَنٍ
خيامُهُ اقتلعَتْ من آخرِ العَمَدِ
يا دار ميّةَ لاسفحٌ نلوذُ به
وأرضُنا اليومَ طوفانٌ من الزَّبَدِ
أنّى اتجهنا فهذا الليلُ يأخذنا
إلى الذي قد مضى مِن سالِفِ الأبَدِ
سحابةُ الحزنِ بالأمواتِ قد ثَقُلَت
وأمطَرَت قبلَ هذا اليوم في أُحُدِ
أمّا المقامُ فقبرٌ لا حدودَ لَهُ
نشتاقُ ظلمتَهُ في كلِّ ملتَحَدِ
إن الطفولةَ باتت بينَ أضلُعِنا
كغصَّةِ الموتِ بين الصَّحوِ والسُّهُدِ
محنَّطينَ حُنوطَ الموتِ مِن زَمَنٍ
مُكَفَّنينَ بدمٍّ طاهرِ خَضِدِ
ستستحيلُ بلونِ الفجرِ أنفسُنا
منذُ ارتضَت عيشَها في جنةِ الخُلُدِ
يا دارَ ميةَ لو تبكي حرائرُنا
فدمعة ُالحُرِّ تسقي النارَ بالبَرَدِ
يا دارَ ميةَ طُهرُ الطينِ علَّمَنا
أن البطولةَ دربٌ للخلودِ نَدِي
الشمسُ تخجلُ إن غابَت بساحتِنا
والفجرُ يشرقُ رغمَ الموتِ في بلدي
عمر حماد هلال – بغداد