بكر شواني مترجم عمالقة الأدب الإنساني:
باموك وكمال ونسين يعشقون كردستان
حوار :بدل رفو
تختلف الاحاديث واللقاءات من ضيف الى ضيف وحين يكون اللقاء مع احد المبدعين الكرد في حقل الترجمة وطرق ابواب اعمال الحائز على جائزة نوبل للادب (اورهان باموك) و يشار كمال وعزيز نسين يكون للحديث نكهة خاصة،بكر شواني العاشق لمدينة كركوك،اكمل مراحل دراسته في جمجمال وينتهي به المطاف في بغداد ودراسة هندسة النفط ربما يعود يوما الى مكان ميلاده خبيرا نفطيا لكنه يتخذ طريق الغربة والمهجر وليكون احد ابرز المترجمين الكرد لابرز اعمال المكتبة الانسانية وضمن لقاءاتي مع المبدعين في المهجر تحدث لي بكر شواني في مكتبه الواقع في قلب مدينة كولن الالمانية بكل صراحة عن همومه واوجاع الاديب الدي :
{ ما الذي شدَ المترجم بكر شواني الى ترجمة الادب التركي وعمالقة الادب الانساني واخص بالذكر(اورهان باموك،عزيز نسين،يشار كمال)؟
– أسباب عديدة شدتني وتشدني الى ترجمة الأدب التركي الى اللغة الكوردية من أبرزها الاعتقاد الراسخ بأن تجارب الشعوب في الأدب والثقافة تكمل بعضها البعض. نحن نعيش جنبا الى جنب مع العرب والترك والفرس ولابد لنا أن نكون مطلعين على نتاجاتهم الأدبية والثقافية كما علينا أن ننقل لهم ما ينتجه مبدعينا من روائع الأدب والنتاج الثقافي. أما سبب توجهي الى ترجمة أعمال اورهان باموك ويشار كمال وعزيز نسين هو ان هؤلاء الكتاب تخطوا الحدود التركية والادب التركي وأصبحوا جزءا من الادب الانساني العالمي ومن حق القارئ الكوردي أن يتمتع بادبهم والوصول الى هذا الهدف يكون بطبيعة الحال عن طريق الترجمة.
{ يقول الشاعر الفرنسي(بيار ليريس)بان ترجمة الشعر امر مستحيل وعدم ترجمته ايضا مستحيل وماذا يقول بكر شواني؟
– ترجمة الشعر هي مهمة شاقة بشكل عام ولكن الحاجة لنقل الابداع الثقافي هي ما تدفع ببعض المترجمين على الاستمرار في ترجمته.
{ تدرس الاستشراق في بون وترجمة الاعمال عن التركية والالمانية فما هو دور الاثنان الترجمة والاستشراق في حوار الحضارات؟
– في بادىء الامر استفاد الغرب كثيرا من علم الاستشراق في التعرف على الشرق وخباياه وكنوزه الغزيرة. كما تعرف الشرق على الغرب وابداعاته الادبية والثقافية اي لا يمكن الحديث او التطرق الى حوار الحضارات دون الارتكاز على الترجمة والاستشراق.
{تعيش في مملكة الترجمة والاستشراق والاعلام وقبلها كممثل ومذيع تلفزيوني ..ماهو خطابك الانساني لكل هذه الابداعات؟
– خطابي الانساني كان دائما ولايزال هو ان اعطي ما يمكنني اعطائه للادب والثقافة واللغة الكوردية والى الشعب الكردي الذي هو جزء من الانسانية.
{ هل قدرت ان تجمع شيئا في مجال الاستشراق حول ما كتبه المستشرقون حول بلاد الكرد؟وهل الاستشراق في صراع مع الترجمة في عالمك؟
– اني حاليا بصدد جمع بعض المواضيع التي كتبها المستشرقون بشآن الكرد وبلادهم ولكن هذا عمل شاق ويحتاج الى البحث المتأني والوقت الكثير. آما الاستشراق فهو ليس في صراع مع الترجمة في عالمي لانني في هذه المرحلة اركز على الترجمة من اللغة التركية بشكل أساسي.
{ اسطنبول مدينة الذكريات لدى اورهان باموك فكيف قدرت ان تعيش اجوائها حين ترجمتها الى الكردية؟
– في النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي قدر لي أن أعيش فترة من الزمن في اسطنبول وهذه كانت بداية تعرفي على المدينة ولغة اهل البلاد وعندما بدأت بقراءة روايات باموك في السنوات التالية شعرت وكأنني أعيش نفس الاجواء التي يتطرق اليها الكاتب في اعماله الادبية وفي كل زيارة لي الى اسطنبول لابد لي من زيارة بعض الازقة والاماكن التي وردت ذكرها في بعض روايات باموك.
{ :كيف تقيم المترجم الناجح وهل الترجمة فن وابداع او نوع من انواع الادب؟
– برأي أن المترجم الناجح هو من له المام ثقافي بالمادة التي يريد ترجمتها وان يكون المترجم موضوعيا ولا يبدي رأيه بالمادة المترجمة ويعبر بشكل صادق عن فكرة المؤلف. الاعتقاد العام هو ان الترجمة فن مستقل بذاته حيث أنه يعتمد على الإبداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات وهو يمكن جميع البشرية من التواصل والاستفادة من خبرات بعضهم البعض.
{ هل للترجمة اعرافها وتقاليدها وماهو دور الجامعات في كردستان لتطوير الترجمة؟
– توجد اقسام اللغات والترجمة في بعض جامعات كردستان ولكن لاادري كيف تدرس الترجمة فيها. تسطيع الجامعات عمل الكثير من اجل الترجمة من والى اللغة الكردية وبامكان الجامعات ان تساعد في تأسيس مؤسسة ترجمة وطنية ونقابة خاصة بالمترجمين في كردستان.
{ هل تمكن المترجم الكردي ان ينقل صورة جميلة للشعوب الاخرى حول بلاده؟
– حركة الترجمة من اللغة الكردية الى اللغات الاخرى هي حركة ضعيفة جدا وغير منظمة وهذا ادى ويؤدي الى عدم تمكن المترجم الكردي من نقل صورة حقيقية عن بلاده للشعوب الآخرى. هذا الحال يحتاج الى التغيير الجذري ان كنا نريد ايصال صوتنا الى الاخر.
{ هل لدينا ازمة ترجمة في كردستان ام ازمة دعم مادي وموسسات للترجمة ام عدم وجود كفاءات؟
– لا ارى ازمة للترجمة في كردستان خصوصا الترجمة الى الكردية لان الكفاءات موجودة ويمكن تطويرها في حال وجود دعم مالي حقيقي ووجود مؤسسات وطنية للترجمة تكون مسؤولة عن تنظيم عمل المترجمين والترجمة.
{ اليست كردستان بحاجة ماسة الى موسسة ترجمة كبيرة من اجل ايصال الصوت الكردي بكل اللغات وكيف يمكن تحقيق ذلك؟
– بكل التاكيد كردستان بحاجة ماسة وضرورية الى مؤسسة ترجمة كبيرة تعمل باتجاهين؛ الاشراف على عملية الترجمة من اللغات الاخرى الى اللغة الكردية وذلك من اجل اغناء ادبنا وثقافتنا ومن اجل التواصل مع الشعوب الاخرى. اما الوظيفة الثانية لمؤسسة لهذه هي الترجمة من اللغة الكردية الى اللغات الاخرى من اجل ايصال الصوت الكردي الى الاخرين. اتمنى ان تقوم الحكومة المقبلة في كردستان بهذه الخطوة لان العمل من اجل النهوض بالادب والثقافة يقع بالدرجة الاولى على عاتق الحكومة. كما نحتاج نحن في كردستان الى تأسيس منظمة او نقابة خاصة بالمترجمين اسوة بالشعوب الاخرى وهذه هي مهمة المترجمين انفسهم ولكن بدعم من البرلمان والحكومة.
{ للترجمة مفهومان الامانة والخيانة فكيف تفهم انت الترجمة وهذين المفهومين؟
– الترجمة هي امانة ولايمكن التصرف بالنص الاصلي لان الترجمة بالتصرف يعتبر خيانة حقيقية لروح وجوهر النص الاصلي.
{ عملت مذيعا لاول قناة فضائية في تاريخ الكرد(ميد)في اصعب الظروف لكل اجزاء كردستان ،ما هو انطباعك وذكرياتك لتلك المرحلة وكيف تقيم القنوات الفضائية الكردية وهل نحن بحاجة الى هذا الكم ؟
– صحيح تلك الظروف كانت صعبة للغاية ولكن كما اصدر البدردخانيون جريدة “كردستان” على اعتاب القرن العشرين قام احفادهم بتأسيس اول قناة فضائية كردية على اعتاب القرن الواحد والعشرين. بشكل عام عندي انطباعات وذكريات جميلة عن تلك المرحلة والتي احاول ان اتطرق اليها في مذكراتي مستقبلا. اما فيما يتعلق بالقنوات الفضائية الكردية اعتقد انا ان المشكلة ليس في الكم بل في النوع. فاذا تمكنت بعض القنوات من الوصول الى معيار العمل التلفزيوني في الدول المتقدمة واصبح لدينا سوق اعلامي حقيقي عندها يتقلص عدد القنوات بحكم التغيير في طبيعة العمل الاعلامي.
{ هل يلقى المترجم بكر شواني الدعم من وزارة الثقافة في الاقليم والموسسات الثقافية من اجل خدمة الكرد وثقافتهم؟
-لقد تلقينا دعما في عام 2011 من اجل ترجمة حوالي 150 شعرا للشاعر الكبير شيركو بيكس حيث قمنا انا والزميل الكاتب والمترجم والاعلامي سيروان رحيم والزميل الكاتب والمترجم آزاد دلوار بترجمة الاشعار ومن ثم طبعها في اسطنبول في ديوان انيق تحت عنوان “مطر الشعر من الجنوب”. ولكن كما ذكرت اعلاه نحن بحاجة الى ان ننظم عملية الترجمة في اطار مؤسساتي لكي يستفيد المترجمون والترجمة من الامكانات المتوافرة في كوردستان.
{ ما هو دور ممثليات اقليم كردستان في الخارج في دعم الثقافة والفن؟
– لا تقدم ممثليات حكومة اقليم كوردستان في الخارج دعما حقيقيا للثقافة والفن لانه لايوجد اساسا برنامج واضح لحكومة كوردستان في هذا المجال.
الدعم الحقيقي والمؤثر للثقافة الكردية في الخارج يكون بفتح مؤسسات ثقافية كوردية بشــــكل تدريجي في المدن الكبيرة ذي الاعداد الكبيرة للجالية الكردية.