بالتسعين – سعد جهاد عجاج
لا اتحدث هنا عمن بلغ من العمر عتيا وبلغ تسعين عاما ولا يعلم من بعد علم شيئا واصبح ينتظر من يشفق عليه بشربة ماء او قطعة خبز ، ولا اتحدث عن الزاوية القائمة ذات القياس 90 وكيف نصوب الهدف وكيف نجيب الاجابة الشافية او الحديث المناسب، او نضع الكلمة في محلها ووقتها لتستند على ركن شديد. ولا اتحدث عن درجة ال 90 التي يحصلها الطالب بجهده ومجهوده بعد عناء سنوات طوال حالما ان يحقق حلمه لتغلبه ال 80 دون الخوض في التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان. اتحدث عن التسعين في القرن العشرين حينما كان القانون يحكم الجميع بقوة القانون. كنا طلابا ونخشى ان نخطئ لان العقوبة لا تنتظر، ونخشى المعلم وسطوته واذا مر من طريق نبحث عن طريق اخر احتراما وخشية ان يرانا. آنذاك كنا نسير ليلا تحت ضوء القمر تارة وبالظلام اخرى في طريق ميسمي على جانبيه الادغال والاشواك قاطعين عدة كيلومترات لنصل الى المسجد ولا نبالي بطول طريق او عائق. كنا شباب على قلب رجل واحد لا نتوانى ان نطرق ابواب الخير ونتسابق عليها ولا يعيقنا في ذلك شيء لان القلوب كانت نقية لا تحمل سوى حب الخير للجميع. حينها لم يكن لوسائل التواصل وتطبيقاته الخبيثة حيز في حياتنا ولم تكن السياسة قد دخلت البيوت والعقول لتفسدها وما كنا نفقه من امور الدولة الا ما يحدثنا به آباءنا من خلال ما يسمعون من المذياع. كان ذلك الجيل شاهدا على حرب الثمانيات ودخول الكويت وفترة الحصار الجائر وحرب التسعينات وحرب 2003 واحتلال بغداد والاحداث الطائفية ورياح الفتن وما تلاها من تداعيات ولا يزال جيل التسعين صامدا امام مغريات الحياة.