باكينام الشرقاوي مساعد الرئيس المصري للشؤون السياسية لـ الزمان
المجلس الاستشاري ليس ديكوراً وعلاقاتنا مع إيران يجب أن تتحرر من الهواجس القديمة
حاورها مصطفى عمارة
في مبادرة تعد الاولى من نوعها في تاريخ عمل الرؤساء بمصر اقدم الرئيس محمد مرسي على تشكيل مجلس رئاسي يضم عدداً من الخبراء والسياسيين لتقديم المشورة اليه في عملية صنع القرار وتعد د. باكينام الشرقاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومساعد رئيس الجمهورية للشؤون السياسية واحدة من ابرز الذين تم اختيارهم ضمن هذا الفريق وفي ظل التطورات التي تشهدها الساحة السياسية الداخلية والخارجية كان لـ الزمان معها هذا الحوار
اعتبر بعض المحللين ان اختيار المجلس الرئاسي الحالي هو نوع من الديكور لارضاء القوى السياسية وان القرار الحقيقي سوف يظل في يد الرئيس مرسي وعدد قليل من المحيطين به فكيف ترين ذلك؟
ــ هذا تصور غير دقيق عن المجلس الرئاسي، فالمقصود بالمجلس الرئاسي هو مجموعة من المستشارين والمساعدين وعلى رأسهم نائب رئيس الجمهورية يعملون بشكل جماعي من اجل معاونة الرئيس في اتخاذ القرار، فلسنا بصدد مهمة اتخاذ القرارات بل معاونة الرئيس من خلال اطلاعه على كافة المعلومات والسيناريوهات المطروحة والدراسات العلمية حتى تأتي قراراته ذات مردود ايجابي وفعال.
وهل شعرت من خلال لقائكم مع الرئيس انه بالفعل جاد في الاستفادة من هذا الفريق؟
ــ من خلال لقائي بالرئيس شعرت انه مستمع جيد جدا ويسعى لاتخاذ القرار بشكل جماعي بعد تدبر وتفكر لآراء المحيطين به وحتى يأتي القرار في اطر علمية تعكس كافة الآراء وهذا منحنى جديد يدخل قصر الرئاسة لاول مرة منذ تولي الرئيس الحكم.
وماذا لو تعرضت لضغوط معينة لتغيير آرائك؟
ــ سأنسحب فورا من هذا الفريق لو وجدت ما يخالف قناعتي او عندما ارى انني لن تمكن من اداء مهمتي.
باعتبارك متخصصة في الشأن الايراني والتركي كيف ترين تأثير التقارب مع هذين البلدين على الاوضاع السياسية والاقتصادية؟
ــ الاتجاه الى الشرق هو مسعى جديد للسياسة الخارجية المصرية حتى تكون هذه السياسة اكثر توازنا واكثر قدرة على الانتباه الى اهمية مختلف الدوائر الدولية ولا تقتصر فقط على التقارب مع الغرب كما كان يحدث في الماضي ومن هذا المنطلق فان السياسة الخارجية المصرية تعكس مرحلة جديدة، ربما تأتي خريطة زيارات الرئيس الان والتي بدأت بالصين وايران ثم زيارة الجمعية العامة للامم المتحدة وتركيا مؤشر على اننا نشهد مرحلة جديدة في اتجاه الانتقال الى الدوائر الاخرى غير الغربية مع استمرار التعاون مع الغرب وبالتالي فهي مرحلة توازن السياسة الخارجية المصرية.
وهل يمكن ان نشهد في المستقبل محوراً جديداً يضم إيران ومصر وتركيا؟
ــ لغة العصر الجديد لا تتطلب لغة الاحلاف او المحاور الثابتة بصورتها القديمة لاننا بصدد جهود تنسيقية بين دول المنطقة تدفع الى الاستقرار على مستوى القضايا الحالية، فربما يتطلب الامر مزيداً من التعاون الاقتصادي مع ايران والصين وتركيا والسعودية وربما تدفعنا قضية خطر انتشار الاسلحة النووية لنمد ايدينا لدول اخرى، فنحن نتحدث عن حركة اقليمية نشطة تبنى على تكثيف شبكة التعاون بحسب التلاقي في الرؤى حول القضايا المختلفة التي تهم المنطقة.
طرح الرئيس مبادرة تقوم على تحسين العلاقات مع ايران مقابل وقف دعمها للنظام السوري فهل يمكن ان تكون تلك ورقة مؤثرة على السياسة الايرانية؟
ــ اعتقد ان الحديث عن فتح قنوات اتصال مع ايران فيما يخص الازمة السورية دلالة على ان المنطقة تشهد مرحلة جديدة بمعنى ان الازمات الكبرى في المنطقة يتم التحاور فيها على المستوى الاقليمي حتى يمكن مواجهة تلك الازمات واعتقد ان هذه نقطة ايجابية تحسب للتحرك المصري واذا تم التوصل لايجاد حل للازمة السورية من خلال فتح قنوات حوار مع ايران فهذا يعد مؤشراً ايجابياً على ان دول المنطقة تبدأ بتفعيل منظومة اقليمية لحماية الامن القومي تبنع من الدول والاطراف الموجودة في المنطقة نفسها.
وهل يمكن ان تضحي ايران بعلاقاتها مع سوريا في مقابل تحسين علاقاتها مع مصر؟
ــ اعتقد انه لابد من مخاطبة النظام الايراني لانه من اكثر الانظمة دعما للرئيس السوري واذا اردنا ان نجد حلولا من خلال بناء سوريا الجديدة او كيفية ايقاف نزيف الدم السوري فلابد من التعاون مع كافة الاطراف وعلى رأسهم ايران نظرا لدورها المؤثر في الازمة.
ولكن هناك تخوفات من تأثير العلاقات المصرية الايرانية بالسلب على علاقاتها بدول الخليج فضلا عن المخاوف من نشر ايران التشيع في دول المنطقة وعلى راسها مصر فكيف ترين ذلك؟
ــ بعد قيام الثورات العربية لابد من التعامل وفق لغة جديدة وان نتخطى الهواجس القديمة بمعنى ان دول المنطقة ان الاوان لها ان تتعاون وفق ارضية مشتركة بينها كي تعالج القضايا المختلفة وبالتالي فإن التحدث عن علاقات ايران على حساب علاقاتنا بالخليج او ان هناك صفقات هذه لغة يجب ان نتخطاها لانها ليست اللغه الصالحة الان فنحن نتحدث عن علاقات خارجية متوازنة تعالج الاثار القديمة لعصر مبارك والتي عزلها عن محيطها الاقليمي وبالعكس فإنني ارى ان استعادة الدور المصري المنفتح على الجميع بما فيها ايران يخدم في الوقت ذاته العلاقات المصرية ــ الخليجية. اما بالنسبة لموضوع نشر التشيع فهو موضوع يغلب عليه الهواجس اكثر من الواقع واعتقد انه من الخطورة ان نتحدث عن التشيع والخلافات المذهبية لان هذه لغة لبث الفرقة والخلاف في محيط الحوار العربي الاسلامي بدلا من تفعيل الارضية المشتركة وخلق شبكة تعاون اقليمي فعالة.
وكيف ترين مستقبل العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والتي شهدت علاقاتنا معها في الماضي خضوعا كاملا وحماس والتي شهدت علاقاتنا معها عداء على طول الخط؟
ــ نحن نبني علاقات متوازنة تقوم على الندية ومصالح مصر القومية فلا يمكن ان ندير ظهورنا لغزة لان حماس تظل فاعلاً فلسطينياً رئيسياً على ان لا تكون تلك العلاقات على حساب فتح فلابد من التواصل مع الجميع لان القضية الفلسطينية ليست فقط قضية العرب المركزية بل تشكل جزءاً اساسيا على امننا القومي، اما عن علاقاتنا بالولايات المتحدة فسوف تظل فاعلاً دولياً هاماً لابد من التعاون والتنسيق معه اقليميا ودوليا.
وكيف يمكن مواجهة الهجمة على الاسلام التي تشنها بعض الدوائر في الغرب؟
ــ لابد من التعامل بحكمة في مواجهة تلك المواقف حتى نفوت الفرصة على مثيري الفتن من خلال الاحتجاج السلمي الحضاري الذي يبعث برسالة حضارية توضح معتقداتنا كما انني اطالب بدعم حملة واسعة لكتابة ونشر مطبوعات للتعريف بالاسلام في الغرب فضلا عن اللجوء للوسائل القانونية سواء داخل الولايات المتحدة او على المستوى الدولي لمعاقبة الجناة.
اذا انتقلنا للشأن الداخلي هناك من يقول ان قرارات الرئيس مرسي تخضع لرأي الجماعة فهل تشعرين ان الرئيس أصبح رئيساً لكل المصريين أم لازال أسير الجماعة؟
ــ الرئيس مرسي اصبح الآن رئيساً لكل المصريين،أما الانتماء الحزبي والسياسي فهذا موجود في كل رؤساء العالم ومن هذا المنطلق فإن الرئيس يتواصل مع التيار الحزبي المنتمي اليه كما يتواصل مع التيارات الاخرى بدليل ان تشكيل الحكومة تم باختيار 4 وزراء فقط من الاخوان وبالتالي فإن الحديث عن اخونة الدولة هو حديث الهواجس ناتج عن ميراث الرئيس مبارك وبالتالي فإن انتماء مرسي للاخوان لا يعني تجاهله بقية الفصائل.
وهل تعيد التحالفات السياسية الجديدة التوازن للساحة السياسية المصرية؟
ــ هذه التحالفات مؤشر ايجابي على دينامكية وحيوية الحياة السياسية في المرحلة القادمة وان كنت اتمنى ان تكون هذه التحالفات اكثر قدرة على إدارةخلافاتها الداخلية وان تكون الانتخابات القادمة فرصة كي نشهد ظهور احزاب كبرى تتفاعل في الحياة السياسية وان تشكل تلك الاحزاب مرتكزات لحياة حزبية تتشكل فيها مؤسسات حزبية لها قدرة على الاستمرار وتمثيل التيار الذي تعبر عنه واعتقد انه لو تحقق هذا فسوف يكون انجاز كبير للتحول الديمقراطي.
وهل ستؤثر تلك التحالفات على فرص فوز الاخوان في الانتخابات المقبلة؟
ــ هذا سؤال قديم كان يمكن طرحه في العهود غير الديمقراطية اما الان فاننا نتحدث عن انتخابات ديمقراطية منفتحة، التنافس فيها مكفول للجميع وبالتالي فانه لا يمكن الحديث عن فرص نجاح او فشل في ظل تلك الاجواء التي تشهد دينامكية شديدة في التحالفات.
في النهاية كيف تقيمين دور المرأة بعد 25 يناير؟
ــ أرى ان هذا الدور يحتاج الى تطوير لاننا نركز فقط على مشاركة المرأة على المستوى السياسي الفوقي واذا كان دور المرأة ضعيفا قبل ثورة يناير لبعدها عن التنافس الحقيقي فاننا بعد الثورة يجب ان ننظر اليها من خلال قدراتها على التنافس الحقيقي والتواجد في الحياة السياسية والبرلمانية.
AZP02