باراك يعتزل السياسة

باراك يعتزل السياسة
دان وليامز وجيفري هيلر
قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك يوم الإثنين في اعلان مفاجئ إنه سيعتزل العمل السياسي بعد الانتخابات العامة التي ستجرى في 22 من كانون الثاني.
وتكهن بعض المعلقين بأن باراك وهو من أبرز واضعي سياسة اسرائيل بشأن إيران يحاول بهذا الاعلان أن يتفادى شخصيا هزيمة نكراء يتوقع أن يمنى بها حزبه الوسطي الصغير في الانتخابات على أمل ان يعيده بعدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زعيم حزب ليكود اليميني الأوفر حظا في الفوز بها الى الشؤون الدفاعية والعسكرية بصفته المهنية.
لكن آخرين قالوا ان باراك البالغ من العمر 70 عاما والذي سبق له العمل رئيسا للوزراء وقائدا للقوات المسلحة ربما يكون قد نال كفايته من خوض الحملات الانتخابية ويريد ان يركز على حل المشكلة الإيرانية قبل ان يترك منصبه. وقال باراك في مؤتمر صحفي اقف أمامكم اليوم لأطلعكم على قراري اعتزال الحياة السياسية وعدم الترشح في الانتخابات المقبلة للكنيست مضيفا انه سيبقى وزيرا للدفاع حتى تؤدي الحكومة الجديدة اليمين.
وقال باراك متحدثا بعد خمسة ايام من انتهاء الهجوم الاسرائيلي على غزة انه يريد قضاء مزيد من الوقت مع اسرته مضيفا لم اكن قط مولعا بالسياسة على نحو خاص .
واذا ثبت ان اعتزال باراك دائم فسيأتي وزير الدفاع القادم على الأرجح من صفوف ليكود. وربما يحل محله وزير الخارجية الحالي افجيدور ليبرمان وهو شريك اكثر تشددا لليكود في الائتلاف.
ولا يشك أحد في ان ذلك سيؤثر على عمل الوزارة التي تشرف على كل شيء من الصراع المسلح وادارة الاراضي الفلسطينية المحتلة الى الاتصال مع مصر.
وعقب إعلان باراك أدلت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني بتصريح قالت فيه أنها ستعقد مؤتمرا صحفيا امس الثلاثاء الأمر الذي اثار تكهنات بأنها ستعلن ترشيح نفسها للانتخابات وتظهر استطلاعات الرأي أنها قد تنتزع مركز باراك كأبرز زعيم وسطي في إسرائيل.
ووصف داني ياتوم وهو زميل قديم لباراك في الجيش وعمل رئيسا لجهاز المخابرات الموساد وزير الدفاع بأنه ركيزة الاعتدال في حكومة نتنياهو التي كثيرا ما اثارت تصريحاتها المهددة بشأن إيران غضب الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى.
لكن ياتوم الذي عمل في عهد حكومة نتنياهو الأولى في اواخر التسعينات قال ان الزعيم الاسرائيلي يحسن فيما يبدو علاقاته المتوترة مع باراك اوباما منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة لفترة ثانية قبل ثلاثة اسابيع. وقال ياتوم اعتقد وآمل ان تكون هذه العلاقة هي المرشد الهادي لسياسات الحكومة بشأن إيران. ويقود باراك ونتنياهو حملة اسرائيل لتشديد العقوبات الدولية المفروضة على ايران لوقف أنشطتها التي يخشى القادة الاسرائيليون والغربيون ان يكون هدفها صنع اسلحة نووية وهو زعم تنفيه طهران. وكان باراك قد حذر من ان طهران تقترب من مرحلة تغدو فيها منيعة حيث ستصبح منشآتها النووية المقامة على اعماق بعيدة تحت الارض والمحصنة بمنأى عن طائلة القدرات العسكرية الاسرائيلية الأمر الذي اثار تكهنات بان اسرائيل قد تتحدى الولايات المتحدة وتهاجم ايران بمفردها.
لكن باراك قال لصحيفة ديلي تلجراف البريطانية الشهر الماضي إنه تم تجنب ازمة وشيكة عندما قررت إيران استخدام اكثر من ثلث مخزونها من اليورانيوم المتوسط التخصيب في اغراض مدنية في وقت سابق هذا العام.
وقال للصحيفة ان قرار ايران يسمح بالتفكير في تأجيل لحظة الحسم ثمانية أشهر او عشرة .
ووصف دنيس روس وهو مبعوث امريكي مخضرم ومستشار سابق لاوباما وزير الدفاع الاسرائيلي بأنه قد يكون أبرز داعية للعمل العسكري ضد ايران .
وقال روس لرويترز كانت له علاقات وثيقة للغاية مع نظرائه الأمريكيين وفي حين ان ذلك كان له تأثير على مدى استعداده للتحرك عسكريا ضد ايران فقد كان مستعدا لتوجيه ضربة اسرائيلية منفردة الى ايران اذا رأى ان ذلك ضروري . وتابع ايا كان الذي سيخلفه في الحكومة المقبلة فسيتعرض لضغط شديد حتى تكون له نفس المكانة او التأثير على رئيس الوزراء نتنياهو وعلينا . وباراك الجندي الاسرائيلي الحاصل على أكبر عدد من الاوسمة يحظى بتقدير دولي منذ بذل جهودا مكثفة لإحلال السلام خلال فترته القصيرة في رئاسة الوزراء في منتصف التسعينيات. وأضفى جدارة بالتصديق على تهديدات نتنياهو المستترة بمهاجمة ايران اذا فشلت الدبلوماسية في الحد من نشاطها الخاص بتخصيب اليورانيوم.
لكن بعدما قال نتنياهو في كلمة بالامم المتحدة في ايلول ان الخط الاحمر لاسرائيل بشأن ايران يحين في منتصف عام 2013 لمح باراك الى ان اي حرب ضد الجمهورية الاسلامية ما زال أمامها وقت. ويقول مسؤولون اسرائيليون ان خطط الطوارئ الخاصة بإيران موجودة منذ اشهر في انتظار الضوء الاخضر من الحكومة.
ومثل هذا الحديث العلني بشأن مواجهة قد تنهك القدرات العسكرية الإسرائيلية يشير الى خداع محتمل او على الأقل تمني نتنياهو وباراك تحقيق نوع ما من المفاجأة التكتيكية عندما يحين وقت الحرب. وربما يرى البعض خدعة في مشهد تقاعد باراك الذي ظهر دون اعلان سابق عشية الحرب الاسرائيلية المفاجئة في غزة عام 2008 ــ 2009 في برنامج ساخر مباشر على التلفزيون الاسرائيلي لدفع الفلسطينيين الى التخلي عن الحذر فيما يبدو.
وسيكون نائب رئيس الوزراء موشي يعلون من حزب ليكود فيما يبدو هو الأوفر حظا لخلافة باراك بعد الانتخابات اذا شكل نتنياهو الحكومة الجديدة كما هو متوقع.
وهو اكثر تشددا من باراك بشأن ايران ففي الوقت الذي تحدث فيه وزير الدفاع مؤيدا لأوباما قبل انتخابه لفترة ثانية هذا الشهر انتقد يعلون الادارة الديمقراطية بأنها متساهلة فيما يتعلق بإيران.
ومن المرشحين الآخرين لخلافته افي ديختر وهو رئيس سابق لجهاز الامن وهو مكلف حاليا من قبل ليكود بإعداد الجبهة الداخلية للحرب وكذلك ليبرمان وزير الخارجية الحالي. وكثيرا ما زار باراك وهو العضو الوسطي الوحيد في الائتلاف الحاكم المكون من احزاب يمينية ومؤيدة للمستوطنين واشنطن لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين الامريكيين وانتقد نتنياهو لاظهاره الخلافات مع الولايات المتحدة.
وقال نتنياهو في بيان انه يحترم قرار وزير الدفاع ايهود باراك ويشكره على تعاونه في الحكومة ويقدر كثيرا اسهامه الطويل في امن الدولة . واعتبرت حكومة حماس في غزة قرار باراك دليلا على ان الهجوم الذي شنته اسرائيل على القطاع هذا الشهر فشل فشلا ذريعا.
وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم ان القرار دليل على الفشل السياسي والعسكري الذي منيت به حكومة نتنياهو ووزير دفاعه.
ووصفت اسرائيل هجومها بالناجح قائلة انه دمر معظم ترسانة حماس من الصواريخ طويلة المدى وقتل كبار قادة الحركة.
رويترز
AZP07