انتخابات الإعادة المصرية

انتخابات الإعادة المصرية
عبد الله محمد القاق
أحداث دراماتيكية تنتظر انتخابات الاعادة الرئاسية المصرية يومي السبت والاحد المقبلين لانتخاب مرشح من بين الاثنين وهما الدكتور محمد مرسي الاقوى حظا والمرشح الثاني الفريق احد شفيق الذي يصفه الثوار المصريون بأنه مرشح النظام المصري السابق او الفلول وفي ضوء ما يجري من تحركات يترقب السياسيون الرابع عشر من الشهر الحالي اي يوم الخميس المقبل حكما تاريخيا من المحكمة الدستورية ربما بحل مجلس الشعب المصري او قضية العزل السياسي اي باستبعاد احمد شفيق من سباق الرئاسة المصرية.
وهذا الاسبوع سيكون حافلا بالاحداث السياسية لغاية دعم ثورة 6 ابريل للمرشح الدكتور محمد مرسي الذي اعلن في لقاء له مع قناة سي بي سي من انه سيكون اذا ما انتخب مرشحا لكل المصريين دون استثناء وانه سيهتم بقضايا الشهداء الذين سقطوا برصاص اجهزة الفلول وانه لم يتحدث انه سيبقي الرئيس المخلوع والمحكوم بالاعدام في السجن مدى الحياة في حالة اعادة انتخابه مؤكدا ان سياسته تعتمد عل فصل السلطات ودعم القضاء وتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين المصريين الذين عانوا الكثير من الظلم والفساد والقهر والاعتقال في هدم النظام السابق.
لقد كانت الانتخابات المصرية الاولى التي راقبها العالم مرشحة منذ البداية لمفاجآت، فاثناء عملية الاقتراح تم الحديث عن مفأجأة احمد شفيق الذي اعتبر مرشح المجلس العسكري، ولكن الاخوان يعرف عنهم انهم يركزون على الساعات الاخيرة من اللعبة، قلبوا المعادلة، فقد نجح تكتيكهم حتى الآن على الاقل، حيث اظهرت النتائج الاولية تفوق مرشحهم، حسب ما اعلنه القيادي عصام العريان، فيما تراجع المرشحان المفضلان الى المرتبة الثالثة والرابعة. وبدأ عمرو موسى حملة يطالب فيها احمد شفيق بالتنازل لكي يدخل في المرحلة الثانية من السباق التي يقول المراقبون انها ستكون على غرار السباق الرئاسي الفرنسي بين فرانسوا هولاند ونيكولاي ساركوزي. ووصف تقرير الغارديان سباق النتائج بانها على حد السكين. ويرى المراقبون في احاديثهم لي عبر اتصالات هاتفية مع مكرم محمد احمد نقيب الصحفيين المصريين السابق والنائب الصحفي وحيد عبد المجيد عضو مجلس الشعب انه منذ بداية الانتخابات كانت اتجاهات الناخبين المصريين موزعة بين اختيار مرشح اسلامي مما يعني سيطرة الاسلاميين على البرلمان والرئاسة والدستور في شكله الجديد، او شخصية مجربة مثل موسى او شخصية قوية مثل شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، الذي وعد بالقوة واعادة الامن ولهذا فضله اصحاب المحلات الذين عانوا من الفوضى الامنية التي تبعت سقوط النظام السابق، والخيار الآخر وهو شخصية اسلامية ذات رؤية منفتحة وممثلة بأبو الفتوح، او العودة للناصرية واحياء نموذجها بشخص حمدين الصباحي، وكان عدد من المصريين قد رأوا في انتخاب رئيس غير اسلامي فرصة لمواجهة الثقل الاسلامي في البرلمان، خاصة ان لدى القطاعات الليبرالية والاقليات تخوفات، فرئيس اسلامي كم يرى بعض المحللين يعني تضييقا على حرية الرأي، وعجزا في مواجهة الازمات المتعددة، بعد الاداء المخيب للامال للبرلمان الذي يسيطر عليه الاخوان. فقد كان الاختيار لدى بعض الناخبين في النهاية، بين محسوب على نظام الفساد وقوى شفيق ، او نظيف وغير مجرب الاسلاميون ، فمن اجل لقمة العيش توجه بعضهم للقوي المدعوم من الجيش على الرغم من شعورهم انهم بتصويتهم لفلول النظام السابق يوافقون على سرقة الثورة.
والملاحظ في غمرة الحملات الانتخابية الواسعة ان صعود مرسي هو سبب لقدرة الاخوان وحزب العدالة والحرية. وما يثير التساؤل ان الكثير من المصريين الغاضبين من الاسلاميين قالوا في الجولة الاولى انهم سيصوتون للمرشح المعتدل ابو الفتوح، ويبدو ان الاخير بتاريخه لم يكن قادرا على اختراق مراكز التأثير الاخوانية، كما لن يعرف اثر التيار السلفي على الانتخابات الا بعد الاعلان النهائي عنها يوم الثلاثاء المقبل.
ويشير محللون ان مرسي اختاره الجناح المحافظ في الحركة خاصة ان المعتدلين داخل الحزب كانوا ضد ترشيحه او ترشيح واحد منهم. وقد اعتمد هذا الجناح على الائمة المحافظين الذين دعوا رواد مساجدهم لاختيار رئيس يخاف الله. ونقلت واشنطن بوست عن جوشوا ستاتشر من جامعة كينت قوله ان مرسي لن يتخلى عن التفسيرات المحافظة للاخوان التي تتسيد الآن. وترى صحيفة نيويورك تايمز ان فوز مرسي هو اثبات لقدرة الاخوان المسلمين على التنظيم على مستوى القاعدة. ويعتبر مرسي في النهاية انتاجا اخوانيا فهو عضو مستعد للتضحية بنفسه من اجل اهداف الحزب والحركة. ولاحظت صحيفة نيويورك تايمز ان وجه مرسي لم يظهر الا قليلا في الاعلاميين التجاريين اللذين بثا عبر التلفاز ولم تتح له الفرصة للمشاركة في المناظرات التلفزيونية. وفي النتيجة الاخيرة فان فوز الاخوان الذين ترددوا في البداية من المشاركة في الثورة يعني انهم هم المستفيد منها. والمثير للسخرية ان الجولة الثانية تعني مواجهة بين الاخوان المضطهدين لعقود وبين مرشح الفلول وربما ستكون المعركة الاخيرة والفاصلة بين المضطهد بكسر الضاد والمضطهد بفتحها، فرموز النظام السابق يقاتلون من اجل بقائهم في مركز الحياة السياسية التي اخرجتهم الثورة منها. فقد اقترب احمد شفيق اثناء حملته الانتخابية من الوعد باعادة النظام القديم، حيث انتقده وهدده المصريون بثورة ثانية. وكان شفيق قد اكد انه الرجل القوي الوحيد الذي وعد المصريين بحمايتهم من القوى الظلامية اي الاخوان. ويعني صعود شفيق للجولة الثانية نهاية الثورة ولما يمر عليها سوى سنة ونصف. وترى صحيفة واشنطن بوست ان فوز المرشح الاخواني ستكون له اثاره الكبيرة على طبيعة العلاقات الامريكية ــ المصرية وعلى الخريطة السياسية في المنطقة وخاصة مع اسرائيل. وكان مسؤولون امريكيون قد عقدوا اجتماعات مع ممثلين من الاخوان وحصلوا على تطمينات منهم، وربطت امريكا استمرار الدعم السنوي ، مليار بالاحتفاظ على المعاهدة مع اسرائيل. ونقلت عن محللين امريكيين قولهم ان فوز مرسي سيؤدي الى فترة من الاستقرار النسبي لان الاخوان المسلمين منظمين، ولكنها اضافت ان فوز مرسي سيفتح الباب امام اسئلة حول شرعية الانتخابات. وقالت ان رئيسا اسلامي الانتماء سيصل لمنصب الرئاسة ومعه طريقة جديدة للتعامل مع القضايا الدولية الحساسة، سواء اسرائيل، غزة، الضفة الغربية او لبنان. وفي مقابلة مع شبكة سي ان ان الامريكية قال مرسي انه لا يوجد شيء اسمه ديمقراطية اسلامية بل ديمقراطية وان الشعب هو مصدر السلطات، ورفض وصفه برئيس الاخوان بل رئيس مصر.
لكن كليمنت سكوت في تحليل له في واشنطن بوست قال ان فوزا للاسلاميين يعني خسارة امريكية. وتحدث عن مرحلة ما بعد مبارك الذي كان حليفا لامريكا قائلا ان استطلاعات مركز دراسات بيو لدراسة التوجهات العامة تظهر 8 من 10 لديهم اراء غير جيدة عن امريكا، اضافة الى تفضيل عينة كبيرة من المصريين لدولة دينية حسب المثال السعودي. وقال الكاتب ان ديمقراطية اخرى نتاج للربيع العربي من الصعب تكهنها وبالتالي معرفة اثارها. لقد ولد مرسي في منطقة الدلتا ودرس في جامعة الزقازيق، واكمل دراسته في مجال الهندسة في جامعة ساوث كاليفورنيا، ودخل البرلمان من 2000 الى 2005 وفي حالة تأكد انتصار مرسي للسلطة فمنطقة شمال افريقيا من الاطلسي الى البحر الاحمر اصبحت بشكل عملي تحت تأثير الاسلاميين باستثناء الجزائر التي لم تكن نتائج الاسلاميين فيها مشجعة، لقد رفضت قيادة الاخوان المسلمين فكرة المجلس الرئاسي لانه يكبل مرشح الاخوان لأنهم لم يستبعدوا ان يكون للرئيس المرتقب نواب من الاقباط وبعض الثوريين بغية ايجاد الحلول السياسية لكل القضايا التى تواجه مصر الذي يبلغ تعدادها حوالي التسعين مليون نسمة.. وهكذا اصبح ميدان التحرير الذي شهد يوم الجمعة الماضي تظاهرات ومسيرات مليونية شاركت فيها جموع الاخوان المسلمين وحركات التحرر الوطني المصري ضد نظام الرئيس المخلوع مبارك والذي يعاني من ازمات قلبية ونفسية واضطرابات صحية حادة بعد نقله الى مستشفى طرة العسكري هو بمثابة رمانة الميدان خاصة بعد ان تعلن المحكمة الدستورية قرارها الحازم في قانون العزل السياسي لانهاء الجدل في الاوساط السياسية المصرية وتهيئة الاجواء امام انتخابات سياسية ناجحة وحيادية ونزيهة.
رئيس تحرير جريدة الكاتب العربي الاردنية
/6/2012 Issue 4225 – Date 13 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4225 التاريخ 13»6»2012
AZP07