د. فاتح عبدالسلام
منذ يومين يشيع الاعلام الرسمي في السعودية بعد الاستهداف الحوثي الأخير لمصفاة في شركة أرامكو، مصطلح “الهجمات العدائية للحوثيين”، ما يثير استغرابا للمتلقي وتساؤلاً مستحقاً بشأن إنْ كانت الهجمات السابقة طوال سنوات عدة، أخوية أو ودية؟
من هذه الملاحظة على خطاب اعلامي يبدو فيها مُلتبساً عن قصد أو من دونه، نريد أن نرى ثقل الملف الحوثي الذي يحمله المفاوض السعودي في جولات التفاوض مع الايرانيين تحت سماء بغداد منذ سنتين.
حين يتم الجلوس في جولة خامسة مقبلة، لم يتحدد موعدها حتى الان، لابدّ ان تقفز المفاوضات الى درجة أعلى وأكبر لتلامس حرب اليمن التي تُعنى بها إيران وتدعمها بالأصالة أو بالنيابة.
لا توجد قضية تتصل بالهموم السياسية والعسكرية السعودية منذ سنوات اهم من اليمن، ذلك انها تقع على الحدود السعودية في المجال الحيوي الفعلي للمملكة، والتي كان نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ،غير المرضي عنه سعودياً في سنواته الاخيرة، محافظا على سلامة هذا المجال، ولعله كان الأفضل في إمكانية الحفاظ على العلاقات في مستوى مقبول يضمن عدم خرق أمن السعودية، ومن العمى ان يتجاهل مراقب الفراغ الذي تركه وراءه في المعادلة اليمنية المعقدة على الجميع، إذ لم يسده أحد بنفس كفاءة” الراقصين فوق رؤوس الثعابين” التي كان يتوافر عليها في سنوات حكمه وربما بعدها بقليل.
الصواريخ التي أطلقها الحرس الثوري الإيراني على أربيل قبل أيام، من دون ان تتكلف الإدارة الامريكية قول كلمة واحدة تزيد على انها لم تكن الهدف المقصود في تلك الهجمات، انّما هي رسالة للسعودية حصة أكيدة فيها، وقد رأينا – بروفات إيرانية أو حوثية أو مجهولة- في قصف عصب الحياة في السعودية، وهي شركة أرامكو.
الدبلوماسية نوع عميق من المنازلات المستحقة وفيها مراهنات متبادلة على عامل الزمن كأساس ثابتيف لغة المفاوضين، ولابدّ من المضي في شوطها حتى الوصول الى نتائج، وعدم التسليم بالعثرات المتوقعة اصلاً، فيما تبدو ايران استنفدت فائدتها من المراهنة على الزمن قبل سواها. معركة الدبلوماسية السعودية مع إيران لا تزال تحت الخط المقبول من جهة النتائج، التي كانت فرص قطفها كبيرة، حين كان الجانب الإيراني ُمنغمساً في مفاوضات فيينا لتوقيع الاتفاق النووي وبحاجة للقوة المعنوية لصوت بلدان المنطقة. لكن الان اختلفت تراتبية الأهمية الدبلوماسية للإيرانيين بحسب المجسّات المرصودة، وهم بصدد الحصول على انجاز الاتفاق المرفق بما هو أخطر، أي رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الامريكية.
حال العراق في المنظور الاستراتيجي سيكون اكثر صعوبة وتردياً اذا أصاب الامن القومي السعودي أي وهن أو خرق أو أذى.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية