النووي الأمريكي الإيراني

 

النووي الأمريكي الإيراني

رحلة الماء الثقيل

تتسارع الاحداث وتتجدد التهديدات اكثر مما سبق ، فبعد تسلم ترامب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية اختلفت السياسة الامريكية ظاهراً تجاه العالم وبالأخص الشرق الاوسط نعم ايران والدول العربية سوريا والعراق وغيرها …

عند الاتفاق النووي الامريكي الايراني فكل طرف يوضح لسياسيه النصر وانه حقق ما يصبو اليه فأمريكا تبرر مواقفها واسباب الاتفاق وعند الرأي العام هي المنتصرة وفي المقابل ايران تفسر نفس العلل وتصبح هي المنتصرة وهذا ما لاحظناه في مظاهرات مؤيدة للاتفاق تملأ شوارع طهران وبقينا من حيرة من امرنا ايهما حقق الذي يصبو اليه !!! .

ولكن المتتبع للأحداث والمتتبع  للشأن الامريكي وسياسة الحكومة سواء الحزب الجمهوري او الحزب الديمقراطي فكلاهما حزبان لسياسة واحدة نرى ان المنتصر هو امريكا بلا شك وسنوضح رأينا بسلاسة و وضوح , وقد اجاد الدكتور مهند جاسم الحسيني بشأن الموضوع وكانت له اراء سديدة . ان اغلب الأنوية سواء كانت خفيفة او ثقيلة فأنها تمتلك نظائر وهذه النظائر تختلف بالعدد النيوتروني دون الذري ، فمثلاً ذرة الهيدروجين تمتلك ثلاثة نظائر هي :-

أولاً : الديوتيريوم الذي تحوي نواته على نيوترون واحد .

ثانياً : الترنيوم الذي تحوي نواته على نيوترونين .

ثالثاً : هو نواة الهيدروجين الطبيعية التي تشكل مادة الماء الصالحة للعيش الاحيائي ولا تحتوي نواة هذا العنصر على نيوترون ، بل تحوي فقط بروتون .

بنية نووية

ومن هذا الاختلاف في البنية النووية جاءت التسمية للماء المكون من الديوتيريوم بالماء الثقيل ، أي الذي يحتوي على ذرتي ديوتيريوم مع ذرة الاوكسجين بينما المياه الخفيفة الصالحة للاستهلاك الاحيائي مثرباً وعيشاً فتتكون من ذرتي هيدروجين مع ذرة اوكسجين …  ومن هذا الاختلاف في البيئة النووية وزيادة عدد النيوترونات ( النويات ) تتغير الصفات الفيزيائية ، حيث يعتبر الماء الثقيل اكثر كثافة وسعة حرارية من المياه الخفيفة وكذلك ان نقطة غليان الماء الخفيفة اكثر من المئة درجة سيليزية بقرابة الدرجة الواحدة ، بينما تجمده فتزيد على درجة تجمد الماء الخفيف بثلاث درجات تقريباً … ومن المعلومات الفيزيائية اعلاه تتبدد الكثير من الاحلام الوردية التي يفهمها ويقتنع بها غير الاختصاصيين في مجال الفيزياء النووية ، حيث لا اهمية للسعة الحرارية ولا لارتفاع درجة الغليان مدخلية في تسميته بمبرد التفاعل لأن المائين الخفيف والثقيل كلاهما بنفس الصفات الفيزيائية تقريباً ، اذن للتسمية سر آخر.  والسؤال المطروح عن سبب تسميتهُ بالمُبَرَد على الرغم ان الماء الخفيف الاعتيادي يقاربه بالصفات الفيزيائية ، فلماذا تطلق عليه بالمُبَرَدِ اذاً ؟؟؟  ان الماء الخفيف له القابلية على امتصاص النيوترونات المنبعثة من اليورانيوم غير المنضب ، واليورانيوم غير المنضب يراد به هو ذلك الذي يكون فيه نسبة اليورانيوم (235) نسبة ( سبعة بالألف ) في اليورانيوم الكلي الموجودة في الطبيعة وبالتالي ان عدد النيوترونات التي ستشارك في التفاعل ستُمتص فور خروجها من التفاعل السابق للنوية ، لذا فيعتبر الماء الخفيف ماء ممتصا وبطيء للتفاعل …  وحتى لو استخدم الماء الثقيل مع نفس النسبة من اليورانيوم (235) سوف يمتص كل النيوترونات بلا استثناء لنزارتها لذا  لا فرق بين المائين من حيث فشلهما في استمرار عمل التفاعل لذا لا بد من عملية تنضيب اليورانيوم أي لابد من زيادة عدد الأنوية لليورانيوم (235) الى نسبة تخصيب اقصاها الخمسة او السبعة بالمئة وهذه النسبة هي الكافية في الاستعمالات السلمية للبرامج النووية سواء تلك التي يعتني بتوليد الطاقة او الدراسات او مجالات الصحة … وقد وجد عملياً ان المياه الخفيفة والثقيلة تعمل على حد سواء في مثل هذه الاستعمالات ضمن هذه النسبة من التنضيب لان عملية تسخين المياه ستكون ذاتها باستعمال المائين الثقيل والخفيف وان عملية امتصاص النيوترونات سوف لا تؤثر على سير التفاعل ضمن هذه النسبة من التنضيب ، لان النيوترونات ستكون ذات وفرة كثيرة ولا يؤثر امتصاص بعضها على سير التفاعلات التسلسلية ..

ماء خفيف

لذا فالجدوى الاقتصادية تقدم استعمال الماء الخفيف على الثقيل بنسبة مئة بالمئة (100 بالمئة) لانهما على حد سواء في العمل ضمن هذه المرحلة المتقدمة من التنصيب ، لذا فلا داعي لصرف مئات الملايين من الدولارات لإنتاج هذه النوعية من الماء وبالتالي تغيب الجدوى الاقتصادية من انتاجه ضمن هذا الحد من التنضيب الواطئ …

اما في حالة التنضيب الى مستويات عالية تقترب من التسعين بالمئة او ترتفع عليها وهذه الدرجة من التنضيب يعني صناعة مادة البلوتوتيوم الصناعية التي تدخل في صناعة القنبلة النووية وبما ان عدد الأنوية يجب ان تبقى دون نقصان كبير بل والحاجة الى مشاركة العدد المتزايد منها ، لذا يستعمل الماء الثقيل لهذه المهمة لانه مبطئ لحركتها وماص لطاقتها الى حد جعل النيوترونات بسرعة مساوية لسرعة حرجة جزيئات السائل …

محمد عبد الرضا الحسني – بغداد

مشاركة