تلك الكتب
النهوض بالعناوين – نصوص – رزاق ابراهيم
اهداني صديق بعض مؤلفاته، فوجدت بعد تصفح اوراقها ومطالعة بعض الصفحات، انها ذات عناوين متقاربة رغم اختلافها في بعض الاهتمامات والموضوعات، فهناك كتاب عنوانه: (اضاءات من الادب والحياة) وكتاب عنوانه (همسات من الادب والحياة)، وكتاب عنوانه (شذرات من الادب والحياة) ومثل هذه العناوين ليست جديدة، اذ كانت العلاقة بين الادب والحياة موضع اهتمام تيارات وشخصيات ادبية كثيرة، وكان يحاول كل اديب ان يحقق ويديم هذه العلاقة التي تأخذ الموقع الاول في عدد كبير من النتاجات الادبية ويمكن ان نجد في كل عصر نتاجات واراء تشير الى العلاقة بين الادب والحياة في نتاجات معينة، وقد يصل الامر ببعض الادباء انهم يفخرون بانضمام ابداعاتهم الى هذه العلاقة، وانهم يجتمعون فيها بين الادب والحياة.
ولم يكن الادب محوراً لهذه العلاقة، وانما وردت قوية، مؤثرة في عناوين كتب رئيسة وذات اختصاصات اخرى، فهناك كتاب للدكتور الفنان (سامي عبد الحميد ) عنوانه (محطات في الفن والحياة) وهناك كتاب لعكاب سالم الطاهر بعنوان (على ضفاف الكتابة والحياة ) ومثل هذه الكتب صدرت في هذه الايام في العراق، وهناك اصدارات عراقية وعربية صدرت في مراحل سابقة، وهي من الكتب التي شغلت الكثير من الصفحات عن الادب والحياة.
ومع ان هذه العلاقة تعرضت الى الخلل والاضطراب في بعض المراحل، وحلت مكانها نظريات وتوجهات اخرى، الا انها تمارس قوتها وتحديها باستمرار، وترفع رأسها شامخة، لتديم التواصل والتفاعل بين الادب والحياة، اذ كان من غير الجائز ان يطرح الفنان نفسه بمعزل عن الحياة واحداثها ومستجداتها، وان يعيش في دائرة مستقلة، واذ يهتم ادباء وكتاب بمفردات معينة، واستخدامها لتحديد العلاقة بين الادب والحياة) فانهم في ذلك لا يصدرون عن جهل وسوء تعبير،وعن شحة في المفردات وانما هم يريدون استخدام مفردات ذات دلالات عامة وشمولية ، وذات استعداد للايحاء بما هو قليل وكثير، وذات قدرة على تقبل الكثير من المفردات التي تعد من وجهة نظر اخرى مفردات محددة بزاوية لا تتحمل الاتساع والاستجابة للدلالات المختلفة، وتشير هذه المفردات في الوقت نفسه الى التواضع والسخاء، الى الفرح والقناعة.
والى غض الصوت واستجابة للهمس والايماء، الى امتلائه بالقوة.
ولكن هذه المفردات اذ تطرح نفسها وحدها فانها تبدو فقيرة، ومنعزلة، وتبدو غريبة وثقيلة الامر يؤكد ان اغلب المفردات في سياقها، وانها تمتلك قدرة على ما هو مضاف وجماعي من خلال علاقتها مع المفردات الاخرى.
ان مؤلف الكتب: (اضاءات في الادب والحياة) وشذرات من الادب والحياة) وهمسات من الادب والحياة) اذ اعطى لكتبه هذه العناوين فانه حاول من خلالها الايحاء
باهمية واستحقاق ما تحقق في صفاتها، وان هذه الصفات مليئة بالغزير والمتنوع من الدلالات والتفاصيل وهو اذ استخدام هذه المفردات في علاقة دالة على التواضع فانه اراد بذلك ان يكون التواضع نفسه حاملاً لكبريائه، ودالاً على قامته وذلك ما حققه الفنان سامي عبد الحميد وعكاب سالم، الطاهر في كتابي (محطات في الفن والحياة)، و (على ضفاف الكتابة والحياة)
ومما ينبغي (الاشارة اليه ان هذه المؤلفات تستخدم هذه المفردات بعد ان اصبح استخدامها شحيحاً في هذه الظروف، ليؤكد ان المفردات لا تكون محكومة بالظروف، وانما قد تمتلك وجوداً جديداً في هذه الظروف من خلال ما يتاح لها من سياق وعلاقات وفضلاً عن ذلك فان هذه العناوين، اذ استندت الى عدد من المفردات المهمشة، والتي تعود الى مراحل سابقة فانهم يريدون من خلال تقديم انفسهم على انهم من المظلومين والمهمشين، ومن الذين ما زالوا يعيشون في الهامش بقدرة عالية على التحدي والصعود.
ان تكرار الايقاع والمفردات في العناوين يزيدها ايماناً بفاعليتها، وانها مفتوحة على افاق اوسع من الدلالات والايقاع والسياق.


















