الموسوعة النقدية لقصيدة النثر العربية
أول توثيق للتجربة النثرية في الشرق الأوسط
غادة قدري
إضافة قيمة جديدة للمكتبات العربية أصدرها الشاعر والناقد عبدالله السمطي وتعتبر كأول موسوعة نقدية متخصصة في الشرق الأوسط، تتناول وترتكز على دراسة قصيدة النثر العربية؛ صدر من الموسوعة المجلد الأول في سبعة أجزاء، تحت عنوان الموسوعة النقدية لقصيدة النثر العربية . ويتناول السمطي خلالها قضايا قصيدة النثر ومفاهيمها الإصطلاحية، وإرهاصاتها، وعرض للتجارب الأولية فيها، مثل تجارب أورخان ميسر، وعلي الناصر، ومحمد كمال رمزي، وإدوار الخراط، وفؤاد سليمان، ومن ثم يتناول المؤلف تجربة مجلة شعر وتداول مصطلح قصيدة النثر ويقوم بقراءة نماذج شعرية للماغوط، وتوفيق صائغ، وأدونيس، وأنسي الحاج، وشوقي أبي شقرا، وينتقل بعد ذلك إلى تناول قضايا الذات الشاعرة في قصيدة النثر، والتحولات الجمالية فيها خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين.
ومن أبرز أجزاء المجلد الأول الجزء السابع الذي يتناول فيه السمطي لأول مرة في النقد العربي تجربة أربعين شاعرة عربية في جزء عنونه بـ انبثاق قصيدة النثر النسوية وفيه تناول تجربة شاعرات من العراق ومصر ولبنان والإمارات والسعودية وليبيا وسوريا والبحرين والكويت.
جدير بالذكر أن العمل بالموسوعة استغرق نحو عشر سنوات، و ستصدر المجلدات التالية منها بشكل متتابع خلال هذا العام والأعوام القادمة.
ويشير السمطي على أن مسمى قصيدة النثر أطلقه أمين الريحاني وليس أدونيس، كما أن جبران لم يكتب في مجال الشعر المنثور سوى خمسة عشر نصا فقط على غير مما هو شائع حيث إن بقية كتاباته عبارة عن مقالات وقصص كما في كتابه دمعة وابتسامة كما نفى السمطي في الموسوعة انتماء كتابات شوقي والمنفلوطي والبكري والرافعي إلى الشعر المنثور، بل هي نثر فني، مركزا على جماليات إرهاصات قصيدة النثر عند الريحاني وتوفيق مفرج ، ثم حسين عفيف، وثريا ملحس.
تهدف الموسوعة إلى دراسة تجليات قصيدة النثر العربية بدءا من إشكالياتها الاصطلاحية وإرهاصاتها الأولية التي أسهمت في بزوغها وانبثاقها خلال النصف الثاني من القرن العشرين، إضافة إلى التركيز على أبرز الملامح والخواص الفنية والجمالية في قصيدة النثر عبر قراءة أبرز أصواتها وشعرائها.
مع تبيان الإشكاليات الفنية التي تتجلى في قصيدة النثر، وقراءة التجارب الشعرية فيها من خلال أبرز أصواتها في الوطن العربي خلال العقود الماضية، إلى جانب تقديم الأصوات الشعرية الجديدة، والظواهر التجريبية في قصيدة النثر ومتابعة النتاج الإبداعي الجديد في أفق هذا الشكل الشعري.
وبحسب السمطي فإن قصيدة النثر جدلية بمعنى الكلمة وتأويلاتها، بدءا من تسمياتها واصطلاحاتها إلى فضاءاتها واستقصاءاتها ، ولقد ولد المسمى قصيدة النثر مدفوعا بحركة كتابية انقلابية مطمورة إذا صح التعبير فلم يكن أحد من الشعراء أو المشتغلين بالأدب يتوقع أن يتطور النثر الشعري أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين الميلادي ليغدو قصيدة منثورة ، ثم تتنوع تسمياته بحسب تطوره شكليا ودلاليا ليصبح قصيدة نثرية فقصيدة نثر لذا ولدت فكرة انشاء موسوعة متخصصة لتكرس لهذا المفهوم الشعري والذي تم إهمال دراسته، خاصة ولقد جاور الشعر المنثور بوصفه هامشا تعبيريا الشعر التقليدي والشعر الحر، وأخذ في التنامي الجمالي بشكل حثيث حتى غدت له أصواته المؤسسة ، وتجاربه المؤثرة في الأجيال الشعرية المختلفة ، وأصبح المشهد الشعري ــ النثري هو الذي يمثل المتن الشعري في الوقت الحالي.
على الصعيد ذاته، تصدر الموسوعة على مراحل متتابعة، وفي مجموعة متسلسلة من الكتب، تصل إلى ثلاثين مجلدا لتناقش جملة من القضايا الفنية والجمالية لقصيدة النثر، ثم تنهض الموسوعة إلى قراءة تجارب أبرز الشعراء الذين أنتجوا في هذه القصيدة، وإصدار كتاب عن كل شاعر من هؤلاء الشعراء سواء ممن مثلوا مرحلة التأسيس الفني والجمالي لقصيدة النثر أم ممن بزغت تجاربهم في العقود الأخيرة.
AZP09