الموت .. مرتين
“من أطرف ماعشته من مواقف أني كنت داخل سجن الأمن العامة دخل زنزانتي نزيل جديد وعندما سمع بأسمي طار صوابه فظل مذهولاً يحدق في وجهي قلت له ما الأمر؟ الذي استغربه قال: أن الصحف الأردنية نشرت المقالات العديدة عن تصفيتك الجسدية واستشهادك ونعتك في الصحف الأردنية ضحكت في داخلي ولم اعر أهتماماً للأمر ومرت سنوات طويلة وبعد سقوط النظام أي في عام 2006 جاءني صديق ليعزيني في موتي وقال لي بالحرف الواحد انه سمع وقرأ نعي السيد حسين جاسم محمد حسن المسعودي في الصحف العراقية وحمل بعض القصاصات التي تثبت ذلك والأدهى والأمر أن اللافتات التي علقت واحدة منها في شارع الجمعية مقابل حسينية الماشطة والثانية في حي نادر والثالثة على طريق كربلاء مقابل مدينة الثورة لم أصدق وظننت ان الأمر مجرد مزحة من هذا الصديق وعندما تحريت من صحة الخبر تأكدت بما لايقبل الشك أنه صحيح من خلال لافتات النعي التي عُلقت في تلك الأماكن وبقيت زمناً طويلاً أحتفظ بقصاصات الصحف التي تنعي الفقيد حسين المسعودي لا أعلم ماهو الأصرار على موتي رغم أنفي … وأنا حي أرزق امشي واسير وأمارس حياتي بالمفهوم التقليدي للحياة !!والحقيقة هي عكس ذلك ! فأنا ميت من الداخل !ماتت في جوانحي اسمى المشاعر الأنسانية وفقدت الحياة منذ خسرت حبيبتي التي وهبتها اجمل سنوات العمر .. وراهنت على مستقبلي عليها .. فقد ضيعتني أنتصار الغريب .. هذه المرأة التي جمعت جميع المتناقضات في وقت واحد .. دمرتني وحطمت كل أحساس في داخلي .. ليسامحها الله … لاتزال الطلقة بيدها … لم تزل تحتفظ بملابسي وصوري وذكرياتي التي تركتها خلف ظهري يكفي دماراً أنها لاتزال تحتفظ بأعز فلذة فلذة كبد في حياتي ..
بالأمس كانت طفلة احملها بين يدي وأبدل غيار ملابسها وأعلمها وعمري ماقسوت عليها طفلة لايحلو لها النوم ألا بجواري وكنت عندما أقبلها وأشم رائحتها أكاد أذوب من الحزن والقهر لأني كنت أكررمرات عديدة بأني سأفارقها ذات يوم سنوات عديدة مرة عانيت من التعذيب والاذلال والقهر ومحنة الحياة وأهوالها ولكن رغم صعوبتها لم تفارق مخيلتي وصورتها التي ظلـــت راسخة في ذاكرتي عندما ودعتها في عمان وفي منطقة العبدلي مقابل سجن العبدلي عندما كان الشرطي الأردني يسحبني ورقبتي تشرأبي نحو الخلف لأشبع من التحديق في وجهها أرأيتم أعجب وأغرب من أنسـان يموت مرتين !سادتي القراء أن كنتم لاتصدقوني فعند الملاكم الدولي السابق سامي شندل والصحفي كريم اسود واللاعب الدولي السابق هادي الجنابي … والسيدة أنتصار الغريب … غربها الله الى يوم يبعثون وإنا لله واليه راجعون
حسين المسعودي – بغداد
/4/2012 Issue 4177 – Date 18 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4177 التاريخ 18»4»2012
AZPPPL