المهرجان المسرحي العشرون يُكرم الفنان الراحل جلال جميل

الراحل جلال جميل

د. عقيل ماجد الملا حسن

جامعة الموصل / كلية الفنون المسرحية

اقام قسم الفنون المسرحية في كلية الفنون الجميلة جامعة الموصل مهرجانه المسرحي السنوي للفترة من 22ــ 29/1/2023 ، إذ ضم المهرجان سبعة عروضٍ مسرحية تنوعت ما بين التراجيديا والكوميديا والاداء الصامت ، ويأتي هذا المهرجان ضمن مادة التطبيقات المختبرية في القسم ، حيث يشترك فيه طلبة الدراسة الاولية من ممثلين ومخرجين ومدراء مسرح ومساعد مخرج وتقنيين وفنيين وبإشراف الكادر التدريسي في القسم ، قبل الولوج في حيثيات المهرجان نستذكر الفنان الراحل والاكاديمي الفذ الدكتور جلال جميل ، فمن هو ؟؟ الفنان والاكاديمي الدكتور جلال جميل محمد حسن الدليمي من مواليد الموصل 1953 حاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة بغداد ، عمل في مجال المسرح بوصفه مصمماً للسينوغرافيا ومخرجا لمجموعة من الاعمال المسرحية وله مشاركات سينمائية ، بدء الكتابة  في الصحف والمجالات العراقية والعربية فضلاً عن كتاباته في مجال النقد والدراسات المسرحية والادبية والشعرية وغيرها ، صمم ونفذ العديد من العروض المسرحية في الاضاءة للفرق المسرحية داخل العراق وخارجه ، له نصوص مسرحية مُترجمة ، أشرف وناقش العديد من طلبة الدراسات العليا ، صدر له كتاباً الموسوم (مفهوم الضوء والظلام في العرض المسرحي) تقديم نهاد صليحة والذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2003 ، كذلك هو عضوا في اتحاد الادباء والكتاب في العراق ، عضو نقابة الفنانين العراقيين، عضو هيئة تحرير جريدة الاديب الثقافية، عضو رابطة النقاد المسرحيين العراقيين ، عضو الاتحاد العام للكتاب العرب ، شغل منصب معاون العميد للشؤون العلمية في كلية الفنون الجميلة / جامعة الموصل . توفي عام 2009 في مدينة الموصل.

ايام المهرجان :

اليوم الاول : 22/1                  مسرحية (مسرحية دعائية)         تأليف : يوري يورين            اخراج : أمنة زياد غانم

فكرة العرض : يذهب المؤلف بنصه المسرحي عبر حكايته نحو صناعة نصاً مسرحياً وظف فيه الفكر الاشتراكي بمناسبة يوم العمال العالمي ، الذي ساد أبان الفترات الماضية ، وتمثل ايضا بمجالات الفن المختلفة ومنها المسرح ، بيد أن النص وعبر المخرج (العصري / التجاري) الذي حاول تغيير من انساقه الفكرية المنصوصة في فكرة النص ، الذي حاول المؤلف تدعيم فكره الاشتراكي عبر شخصياته .

الفضاء المسرحي : أسست المخرجة (آمنة زياد) فضاءها المسرحي باعتمادها على فرضية المسرح داخل المسرح، أي أن خشبة المسرح تحولت الى صالة التدريبات التي يجريها الممثلين هي ذاتها لتقديم العرض المسرحي ، حيث الديكور المتغاير يتحول مع مجريات الاحداث وكأن ما يراه المتلقي هو عملية التدريب على المسرحية  لكنها هي المسرحية بذاتها ، فكان لكسر الجدار الرابع والاضاءة الفيضية والازياء الوظيفية غير المسرحية ، هي العنصر الابرز في مجريات الاحداث .

الاداء التمثيلي :  يتحرك الفعل الادائي لمجموعة الممثلين وفق مبدأ الجماعية ، بوصف أن ما يقدمه العرض المسرحي هو فضاء التمرين ما قبل المسرحية ، فيظهر الممثل / الطالب (سيف فارس) وهو أحد الممثلين الذي تظهر عليه ملامح الكوميديا عبر تجسيده لشخصية (المنظف) الذي يقوم بتنظيف المسرح بطريقة تناغميه مع الفعل الموسيقي وهو يتراقص مستخدماً (المكنسة) وهنا تظهر شخصية المؤلف (ألن سمير) الذي يبحث عن المخرج فتتمظهر المواقف الكوميدية بين الاثنين ، في حين يلعب دور المخرج  الذي جسد شخصيته الطالب (احمد نشوان) بروحه الكوميدية وفكره التجاري بوصفه محركاً لبنية العرض المسرحي عبر مواقف كوميدية وافعال أدائية انمازت باللعب والتنوع والخفة ، في حين نرى ان شخصية مساعد المخرج التي جسدها الطالب / الممثل (ايهاب وعدالله) ذهبت الى تحقيق فعل الخنوع لسلطة المخرج التجاري ، بيد أنه استطاع ان يطرح شخصيته وسلوكياته الادائية بطريقة شفافة وخفيفة الظل ، ولعب شخصية العاشق الطالب / الممثل (صكر باسل) بإسلوب متناغم عبر الاهتمام بصورة الشخصية الخارجية ، وجاءت الشخصية النسائية للطالبة / الممثلة (دعاء سمير) بروح منسجمة  حالمة / رقيقة ، تحاول مغازلة الكاتب للإفادة منها في اعمال مسرحية قادمة ، حيث قدمت صورة لبعض الممثلات اللاتي تتقربن من بعض المخرجين والمؤلفين ليكونوا ضمن الاعمال المسرحية التجارية ، وقد اعطت الموسيقى التصويرية التي نفذها الطالب (زياد البكري) صورة تشخيصية للمواقف الكوميدية التي جرت طيلة العرض المسرحي في حين كان للفضاء الضوئي المتمثل بالأستاذ (سنان الصميدعي) دوره الواضح لرسم ملامح الافعال الادائية والتحولات المشهدية ما بين صورة التمرين والعرض المسرحي .  لقد اظهرت مسرحية (مسرحية دعائية) صورة عن قدرة طلبة قسم الفنون المسرحية في تحقيق المثابرة والعمل الجماعي  وايصال روح وفضاء الكوميديا .

اليوم الثاني : 23 / 1      مسرحية (دولاب)   تأليف : حسين نجم حسين         اخراج : مصطفى علي عبدالله

فكرة العرض : كل شيء يسير نحو الامام الا نحن … ما زلنا في دولاب الزمن .. فتارة نكون في السحاب وتارة نكون في باطن الارض دولاب الزمن .. الخيال … الخيال … الانسان .. فنحن في دولاب . بهذه الكلمات اعطى مخرج العمل ما يحمله العرض المسرحي من افكار (رمزية) اخذت بالتشكل والترميز لبناء صورة العرض ومضامينه المتعددة .

الفضاء المسرحي : أسس مخرج العمل فضاءه المسرحي من (نايلون شفاف / ملابس مبعثرة / حبال) وغيرها . في حين توزعت البقع الضوئية على جوانب المسرح لتحيل المكان والفضاء الى حالة من الفوضى المنتظمة .

الاداء التمثيلي : الاداء هو حالة من الانغماس في الذات / الشعور / رسم لملامح الحالة والشخصية / الدوافع والغرائز/ الهدوء / اللعب / الاسترخاء / التاريخ ومرجعياته / الاحداث / الصور… الخ من المجسات الادائية التي يبني عليها الممثل شخصيته الادائية ، وعن طريق هذه المحاور رسم الممثلون تلك الافعال والحالات للوصول الى عمق الشخصية ودلالاتها التعبيرية ، فقدم الطالب / الممثل (باسم غازي) شخصيته وهي الاحدب / المُصاب بحالة من عدم الرضا لما آلت اليه صورة البلد من خراب ودمار وقتل وتهجير وتشريد ، فهو الدفان والتاريخ والذاكرة والبيئة ، تلك الشخصية التي رسمها الممثل ، عبر أدائي الجسدي والصوتي (المُغنى) الرافض للواقع ، وقد ساعده ايضاً طبيعة صوته (الريفي) في ايصال النبرة الشجية والعمق البيئي في تجسيده للشخصية فضلا عن اتقان مصمم ومنفذ الماكياج (الدكتور منقذ محمد البجدلي) في اعطاء البعد التشريحي للشخصية ، حيث جعل من شخصيته ذات عين واحدة والاخرى مغطاة دلالة على الاصابة و العوق فضلا عن (الحدبة) التي تمثلت بتشويه صورة الشخصية . في حين ظهر الممثل / الطالب (احمد نشوان) الذي قدم صورة مغايرة عن شخصيته الاولى في المسرحية السابقة ، فهنا تمثل الاداء بالتراجيديا حيث اعطى صورة وتجسيد للحالات الانسانية والتاريخية جراء لحظة الانفجار التي بسببها فقد اعز ما يملك وهي الام ، فضلا عن موت الانسان بشكل عام ، فتمثل اداءه بقوة الفعل والتشخيص وهو ينسجم مع الفضاء المسرحي ، في حين نرى الشخصية الثالثة وهي النقيض التي جسدها الطالب / الممثل (حكم منهل) الذي اعتلى ورسم ابعاد شخصيته وهو في حالة من الاسترخاء والهدوء بحسب ما يتطلبه الدور اولا ً ، وثانياً قدرته الذاتية في لعب تلك الادوار بصورة طبيعة فهو يمتلك نبر صوتي ينسجم مع تلك الشخصيات وما تحتويه من طاقة ومتغيرات ادائية .

المسرحية الثالثة : 24/1       مسرحية (الدب)            تأليف : انطوان تشيخوف                     اخراج : كرم عادل كوريا

فكرة العرض :   يمكن للحب ان يطرق بابك في أي لحظة ، حتى وان كنت حزينا .

الفضاء المسرحي : ينتمي العرض الى المدرسة الواقعية ، بكافة تفصيلاتها وملامحها الادائية والاخراجية ، وهنا بنى المخرج فضاءه من اثاث منزلي (طخم / كراسي / شبابيك / مداخل للغرف / صور/ تحفيات … الخ) ليجعل من ذلك الفضاء واقعياً ينسجم وواقعية تشيخوف ونصوصه التي ينتمي اليها . وقد اعطت الاضاءة الصورة الواقعية للفضاء المسرحي .

الاداء التمثيلي : ان عالم (تشيخوف) مليء بالمواقف والحالات الانسانية والدوافع الغريزية التي تقترب من الفرد الانساني بشكل مباشر ، فتمثلت الشخصيات الثلاث (الخادم  ـــ لوقا/ السيدة ــ الارملة / السيد ــ سميرنوف) بتلك الحالات الانسانية ، فقدمت ابعادها وغرائزها وحركاتها وسلوكياتها ، فشخصية (لوقا ) الخادم الكبير بالعمر الذي قدمها الطالب / الممثل نجمان حاتم التي حاول عن طريقها اعطاء صورة ادائية تتوافق والشخصية المسرحية وهي (الخادم) الذي يحاول جاهداً ان يحافظ على (السيدة ــ الارملة ) ومساعدتها في الخروج من ازمتها فضلا عن عدم السماح للآخرين بالتقرب منها ، فقدم شخصية خفيفة الملامح  رشيقة الفعل ، عبر افعالها وحركاتها ، في حين نرى البرجوازية ــ العنيدة ـ الرقيقة ـ المتجبرة ــ المتسلطة التي تقع بغرام الدب ــ الجلف ــ سميرنوف ، والتي جسدتها الطالبة / الممثلة (رغدة دريد) بإسلوب ينتمي الى روح تشيخوف ، وتظهر شخصية الدب ــ الطالب / الممثل (عبد الرحمن ثامر) بصوته الجهوري وعنفوانه وجبروته وهو يقع اسيراً بحب الارملة ، لقد اعطت الشخصيات الثلاث تجانساً وتوافقاً كيميائياً للفضاء الواقعي .

المسرحية الرابعة : 25/1          مسرحية : ذاكرة صفراء        تأليف : عباس الحايك              اخراج : محمود بهجت درسون

فكرة العرض : شخصية مصابة بمرض ، تعيش داخل ذاكرتها الصفراء ، تحاول التأقلم مع المحيط لكنها تفشل في كل مرة .. فهي ذاكرة لا يمكن ان تتحقق .

الفضاء المسرحي : ذهب مخرج العمل على تأسيس فضاءه وفرضيته الاخراجية داخل منزل لتدور الاحداث فيه ، فكان لطبيعة المكان مرسم للوحات / اثاث منزلي / تمثال ، هذه المفردات شكلت الفضاء المسرحي والادائي للشخصيات .

الاداء التمثيلي : ان الذاكرة هي خيال لا يمكن الامساك به ، لا محدود / لا نهائي ، هنا عاشت الشخصية داخل ذلك الخيال ، خيال (العمل / الوالدة / الوالد / الحبيبة / الاصابة/ المكان) جميعها اجتمعت في ذاكرة الشخصية ، لتؤسس عالماً موحشاً من الاحداث ، تظهر الشخصية في بادئ الامر وهي تصارع الماضي بواسطة جهاز الداتاشو وهو يعرض الاحداث الماضية التي عاشتها الشخصية والتي على اثرها جعلت من الاصابة موضوعاً لها ، جراء الحرب وانفجار اللغم وموت والدته ، فتشكلت لديه عقدة نفسية وذاكرة صفراء تهدده في كل مرة ، فيبدأ بالصراخ واستذكار الماضي ، وهنا يلجأ الى الرسم  ويؤطر لوحته برسم (والدته) التي توفت ، وهو يحاكيها ، فتظهر شخصية البنت التي قدمتها الطالبة / الممثلة ( زينب سمير) التي اعطت صورة ادائية تلامس مخيلة الشخصية ، وهي تحاول مواجهته بالواقع ومغادرة عالم الخيال ومخيلته  فقدمت شخصيتها بطريقة تتناسب وفرضية الفضاء الادائي ، وهنا يظهر الاب الذي قدمه الطالب / الممثل (بلال بسام) الذي رسم ابعادها وملامحها الادائية ونبرة صوتية نمت عن فهم واسترخاء ووعي لطبيعة الشخصية وما تحمله من دوافع عبر تحريك تلك الذاكرة . ان مصداقية الافعال الادائية للممثلين ساعدتهم على رسم الشخصيات والتعامل مع الفضاء والفكرة والرؤية الاخراجية التي يحملها المخرج ، اعطت صورة تفاعلية للعرض المسرحي .

المسرحية الخامسة : 26/1      مسرحية : 400 متر موانع            تأليف : عباس منعثر               اخراج : قيس بسام ايوب

فكرة العرض : يطالعنا عنوان المسرحية (400 متر موانع ) على انه نصاً رياضياً نظراً لطبيعة ، بيد أنه يتجه الى ان ذلك الرقم هو مقدار النحس الذي تعيشه العائلة  الذي يحيط بها طالع النحس للاحتفال بعيد الميلاد ، كلما ارادت ان تقيم احتفالاً ، فيجتمع النحس والحظ العاثر في ليلة واحدة .

الفضاء المسرحي : عمد المخرج على بناء فضاءه المسرحي من اجواء احتفالية وزينة الاعياد والالوان المبهجة والبالونات الملونة في جو من الاحتفال العائلي .

الاداء التمثيلي : يتجه الاداء التمثيلي الى نوع من الكوميديا في تفاصيل العرض ، فالشخصيات بشكلها العام تعيش بجو من المواقف الكوميديا (كوميديا الموقف) فشخصية الاب التي جسدها الطالب / الممثل (محمود صبحي) التي تجسد (البخل) في السلوك ويتأتى ذلك من بنية الحوارات والافعال في شراء (كعك ) عيد الميلاد بعد أن ذهب لشراء الكعك من ثمان طبقات حتى وصل به الحال لشراء قطعة صغيرة ، وليس انتهاءً بهذا الموقف بسير احداث المسرحية تظهر تلك السلوكيات وهو يشعر بالفرح كلما ابتعد عن الشراء ودفع المبالغ والاحتفال ، فقدم (محمود صبحي) تلك الشخصية بروح كوميدية خفيفة نمت عن الوعي والفهم لطبيعة الشخصية وسلوكياتها . وتأتي شخصية الام التي قدمتها  الطالبة / الممثلة ( سارة عامر) التي حاولت قدر الامكان التركيز على جو العام للشخصية والعرض والسيطرة على مجريات الاحداث والتعامل مع الشخصيات الاخرى ، فتمثلت تلك الشخصية بالانسجام مع شخصية الاب والابن ، وقدم الطالب / الممثل (سان سمير) شخصية الابن ، تلك الشخصية العفوية التي تريد الاحتفال بأي شكل من الاشكال بيد أنها تقع بمجموعة من المواقف والسلوكيات الكوميدية التي عن طريقها تظهر (بلاهة) تلك الشخصية وعفويتها وبراءتها فضلا عن ايقاع العائلة بالمشاكل والاحداث ، وتسير احداث المسرحية بشكل عكس ما تتمناه العائلة فكل مرة تقع بموقف يمنعها من الاحتفال ، مرة انطفاء الكهرباء وتارة موت وتهجير احد الجيران ، وهنا يتحقق فعل العنوان (400 متر موانع) في عدم استطاعة العائلة اكمال الاحتفال وصولا الى سرقة احد منازل الجيران المدعو (ابو فلاح) التي جسدها الطالب / الممثل (مصعب طارق) وهو في حالة من السُكر والفقر . وهنا تم تحقيق جميع الموانع التي اعترضتها العائلة بالاحتفال بأعياد الميلاد .

  المسرحية السادسة : 28 / 1          مسرحية : وطن للبيع            تأليف : عكاب حمدي                اخراج : مهند الشكرجي

فكرة العرض : ما زال وطني معلق على جدران قاعات المزادات معروضاً للبيع ، لكن من يقتنيه ، يبدو انه تم بيعه بثمن بخس دراهم معدودات …. عذرا يا وطني .

الفضاء المسرحي : على انقاض الدمار والبيوت المهدمة بنى المخرج (مهند محمد يونس) فضاءه المسرحي ليعلن عن تلك الحقبة التي ادت الى الحرب والدمار والتهجير ، وهنا يعلن عن بيع الوطن عبر المزاد.

الاداء التمثيلي : ينتمي العرض الى فضاءين مختلفين في الاداء الاول (التاريخي) وهو ما قدمه الطالب / الممثل (مصطفى علي) عبر ازياءه التاريخية وهو يخرج من التابوت / القبر / الزمن / العباءة / الكفن، ليتفاجأ بالمكان وضياع ملامحه وهو يحاول التعرف عليه بيد أن ملامحه مبهمة جراء الهدم التي تعرض له ، فجسد الممثل حالة من الانبهار /الخوف / الاندهاش ، ليدخل الصوت بوصفه (الوطن) الذي يستنجي جراء ما تعرض له وهو الان في مزاد للبيع ، فيدخل البائع المتمثل بالطالب / الممثل (حكم منهل ) من بين الجمهور وهو ينادي مزاد … مزاد .. وهو لحظة بدء بيع الوطن بما يحتويه من ارث وتاريخ وحضارة وثروات ونفط ، والبيع سوف يكون بالدولار وهو سيد العملات لان المشترين هم من مختلف الجنسيات (رؤساء / ملوك / تجار/ امراء) وقد تعامل الممثل (حكم منهل) بطريقة ادائية انمازت بالقدرة على التنوع والتشخيص بالحالات كما فعل الممثل (مصطفى علي) الذي توافق ادائية وقدرة حكم منهل في رسم ملامح الشخصية وابعادها واحساسه واسترخاءه في الاداء فضلا عن التحكم بالنبر الصوتي وايقاعاته وتنوعاته .لقد قدم العرض صورة جمالية فنية حققت فعل التواصل مع المتلقي .

المسرحية السابعة : 30/1      مسرحية : محطات           فكرة : د. بشار عبد الغني               اخراج وتمثيل : مروة ثامر

فكرة العرض: حياتنا محطات عديدة تنتقل بين محطة واخرى نعيشها بحلوها ومرها بشقائها وسعادتها نتعلم من اخطائنا لنصحح محطتنا التالية هكذا هي الحياة ، والمهم ان نزرع الابتسامة في وجوه الاخرين لتمدنا بالطاقة لنستمر.

الفضاء المسرحي : اعتمدت المخرجة على تأثيث الفضاء وفق مستويات متعددة ، فجاء الاول في نهاية الخشبة ليكون منصة الانتظار القطار ، اما الثاني الذي ارتكز في منتصف الخشبة بشكله المربع ليكون منطقة الاداء الاكثر تداولاً والمستوى الاخر ارضية الخشبة في المقدمة .

الاداء التمثيلي : ينحو العرض الذي غاب عنه الحوار المنطوق بشكل تام ، حيث حضر الصمت بوصفه اداءً واقعياً لمجمل التعبيرات والحالات والافعال والسلوكيات والدوافع ، فالعرض لا ينتمي الى الاداء الصامت (البانتومايم) وانما الى الفعل الجسدي / الحياتي ، حيث يبدء العرض بصوت القطار والممثلة تحمل حقيبة  اشارة الى  السفر والمغادرة ، وهنا يغادر القطار دون صعود الشخصية اليه ، فتبدء المحطات التي عاشتها الشخصية بعد ان غلبها النعاس فوق المستوى الوسطي ، فالمحطة الاولى : تمثلت مرحلة الطفولة واللعب دون الشعور بالمسؤولية ، عندما تسحب الممثلة احدى الحقائب بالحبل ، حيث توزعت الحبال على اطراف الخشبة وكل حبل فيه مرحلة ومحطة من محطات الحياة ، فتعامل الممثلة مع اللعب واللهو بطريقة طفولية متناغمة مع شعور الطفل وهو يعلب ويبكي ويصرخ ، اما المحطة الثانية وهي مرحلة الدراسة الابتدائية : ومدى صراح الطفل وهو يعاني مع الدراسة مع حضور الغائب / الوالدة ، وهي تحاول اقناعها بالكتابة والقراءة ، وتمثلت المحطة الثالثة : وهي مرحلة المراهقة وهي تضع الماكياج والعطور ومساحيق التجميل ومدى تعرض تلك الفترة وخاصة البنات الى التحرش من قبل الشباب ، والمرحلة الاخرى الجامعية ومن ثم الوظيفة : حيث وظفت المخرجة / الممثلة ادوات ومستلزمات (الهاتف / الحاسوب / بوكس اوراق /الاطعام) لتحقيق المصداقية في بنية المشهد الذي تعاملت معه بحرفية جيدة ، وتمثلت المحطة الاخيرة بلحظة الاستيقاظ من الحلم ، فكل ما دار من محطات هي احلام على منصة الانتظار في محطة القطار ، ليعود الصوت مرة اخرى (صوت القطار) بيد أنه غادر ايضاً دون اعتلاءه ، لتستمر المحطات .

خلاصة : لقد قدم طلبة قسم الفنون المسرحية تجاربهم ورؤاهم الاخراجية والادائية بطرق واساليب متعددة فيها من المثابرة والحرص والاهتمام  والجدية من أجل رسم ملامحهم المستقبلية في عوالم المسرح . فتحية لكل من سعى لإنجاح هذا العرس الفني المهم وليكون اسم الفنان جلال جميل حاضرا بين طلبته ومحبيه .

مشاركة