الملك تشارلز الثالث يختتم زيارته التاريخية لألمانيا بجولة مع ذكريات الحرب العالمية

هامبورغ‭ – ‬برلين‭ – ‬لندن‭ – ‬الزمان‭ ‬

اختتم‭ ‬ملك‭ ‬بريطانيا‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬الجمعة‭ ‬زيارته‭ ‬التاريخية‭ ‬لألمانيا‭ ‬بمحطة‭ ‬للذكرى‭ ‬في‭ ‬هامبورغ،‭ ‬في‭ ‬بادرة‭ ‬ترتدي‭ ‬بعدا‭ ‬رمزيا‭ ‬كبيرا‭ ‬بعد‭ ‬80‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬الغارات‭ ‬الدامية‭ ‬التي‭ ‬شنها‭ ‬الحلفاء‭.‬

في‭ ‬ختام‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬له‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬بصفته‭ ‬ملكا،‭ ‬توجه‭ ‬الملك‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬وزوجته‭ ‬كاميلا‭ ‬صباح‭ ‬الجمعة‭ ‬عبر‭ ‬القطار‭ ‬من‭ ‬برلين‭ ‬الى‭ ‬هامبورغ،‭ ‬ثاني‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬المانيا،‭ ‬برفقة‭ ‬الرئيس‭ ‬الألماني‭ ‬فرانك‭-‬فالتر‭ ‬شتاينماير‭.‬

في‭ ‬ختام‭ ‬رحلة‭ ‬استغرقت‭ ‬ساعتين‭ ‬في‭ ‬القطار،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬نادر‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬زيارة‭ ‬دولة،‭ ‬قام‭ ‬العاهل‭ ‬البريطاني‭ ‬بوضع‭ ‬إكليل‭ ‬من‭ ‬الزهر‭ ‬تحت‭ ‬المطر‭ ‬في‭ ‬محطة‭ ‬دامتور‭ ‬امام‭ ‬نصب‭ ‬في‭ ‬ذكرى‭ ‬الأطفال‭ ‬اليهود‭ ‬الذين‭ ‬أرسلوا‭ ‬الى‭ ‬بريطانيا‭ ‬هربا‭ ‬من‭ ‬النازية‭.‬

ثم‭ ‬توجه‭ ‬الى‭ ‬كنيسة‭ ‬القديس‭ ‬نيكولاس‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬القصف‭ ‬الجوي‭ ‬البريطاني‭ ‬والأميركي‭ ‬في‭ ‬1943،‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬تأمل‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الرئيس‭ ‬الألماني،‭ ‬أعلى‭ ‬سلطة‭ ‬معنوية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

ينهي‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬زيارته‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬بزيارة‭ ‬للمنشآت‭ ‬المراعية‭ ‬للبيئة‭ ‬في‭ ‬ميناء‭ ‬هامبورغ،‭ ‬يليها‭ ‬أداء‭ ‬قصير‭ ‬لفرقة‭ ‬موسيقية‭ ‬تستعيد‭ ‬أغاني‭ ‬البيتلز،‭ ‬الفرقة‭ ‬البريطانية‭ ‬الاسطورية‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬مسيرتها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الساحلية‭.‬

تعتبر‭ ‬زيارة‭ ‬كنيسة‭ ‬القديس‭ ‬نيكولاس‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬خراب‭ ‬وتستخدم‭ ‬كنصب‭ ‬تذكاري،‭ ‬في‭ ‬المانيا،‭ ‬إشارة‭ ‬الى‭ ‬المسؤولية‭ ‬والمصالحة‭ ‬ذات‭ ‬‮«‬الأهمية‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬‮«‬أي‭ ‬خطاب‮»‬‭ ‬بحسب‭ ‬صحيفة‭ ‬بيلد‭ ‬الشعبية‭. ‬وقال‭ ‬اسقف‭ ‬هامبورغ‭ ‬كيرستن‭ ‬فيرس‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬صلاة‭ ‬المصالحة‭ ‬الجمعة‭ ‬إن‭ ‬‮«‬إشارة‭ ‬المصالحة‭ ‬بين‭ ‬العدوين‭ ‬السابقين‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬والذكرى‭ ‬المشتركة‭ ‬للضحايا‭ ‬هي‭ ‬إشارة‭ ‬مهمة‮»‬‭.‬

في‭ ‬24‭ ‬تموز‭/‬يوليو‭ ‬1943،‭ ‬أطلقت‭ ‬بريطانيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عملية‭ ‬ادت‭ ‬الى‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬هامبورغ‭. ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬الهجوم‭ ‬الجوي‭ ‬الأكثر‭ ‬دموية‭ ‬مع‭ ‬قصف‭ ‬دريسدن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭.‬

وكانت‭ ‬الملكة‭ ‬اليزابيث‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬توفيت‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬قد‭ ‬زارت‭ ‬في‭ ‬1992‭ ‬كنيسة‭ ‬السيدة‭ ‬العذراء‭ ‬في‭ ‬دريسدن،‭ ‬وهي‭ ‬رمز‭ ‬للدمار‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬وقد‭ ‬أعيد‭ ‬بناؤها‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭. ‬لكنها‭ ‬استقبلت‭ ‬آنذاك‭ ‬برشق‭ ‬البيض‭.‬

يبقى‭ ‬التطرق‭ ‬الى‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬المدنيون‭ ‬الألمان‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬موضوعا‭ ‬حساسا‭ ‬جدا‭ ‬ومن‭ ‬المحرمات‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬مصرع‭ ‬ستة‭ ‬ملايين‭ ‬يهودي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النازية‭.‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬تبقى‭ ‬بين‭ ‬أعمال‭ ‬الحرب‭ ‬الاكثر‭ ‬إثارة‭ ‬للجدل‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الحلفاء‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ترويع‭ ‬السكان‭ ‬وإرغام‭ ‬نظام‭ ‬هتلر‭ ‬على‭ ‬الاستسلام،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين‭.‬

يشير‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الألماني‭ ‬الى‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬لكي‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬الذنب‭ ‬المرتبط‭ ‬بالنازية‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬السبعينات‭.‬

كان‭ ‬التقارب‭ ‬الألماني‭ ‬البريطاني‭ ‬ومستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المواضيع‭ ‬الرئيسية‭ ‬لزيارة‭ ‬تشارلز‭ ‬الثالث‭ ‬التي‭ ‬استغرقت‭ ‬ثلاثة‭ ‬ايام‭ ‬وهي‭ ‬الأولى‭ ‬له‭ ‬الى‭ ‬الخارج‭ ‬بصفته‭ ‬ملكا‭.‬

وتشكل‭ ‬زيارته‭ ‬أيضا‭ ‬بادرة‭ ‬أوروبية‭ ‬مهمة‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬بريطانيا‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬

وأصبح‭ ‬الخميس‭ ‬أول‭ ‬ملك‭ ‬يتحدث‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الالماني‭ ‬حيث‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬لعودة‭ ‬‮«‬آفة‮»‬‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تطرقه‭ ‬الى‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬اوكرانيا‭ ‬مؤكدا‭ ‬ان‭ ‬الحلفاء‭ ‬يمكنهم‭ ‬‮«‬تجسيد‭ ‬الشجاعة‭ ‬بوحدتهم‮»‬‭.‬

وقال‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬الذي‭ ‬استغرق‭ ‬حوالى‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬إن‭ ‬الحرب‭ ‬تشكل‭ ‬‮«‬تهديدا‮»‬‭ ‬لأمن‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬ولقيمنا‭ ‬الديموقراطية‮»‬‭.‬

وأشاد‭ ‬الملك‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بتسليم‭ ‬أسلحة‭ ‬ثقيلة‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ألمانيا،‭ ‬الدولة‭ ‬المسالمة‭ ‬منذ‭ ‬فظائع‭ ‬النازية‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تتردد‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭.‬

هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬كان‭ ‬أبرز‭ ‬محطات‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬علاقات‭ ‬الصداقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

مشاركة