الرباط – عبدالحق بن رحمون
حذرت السلطات المغربية في دورية أصدرتها مع مطلع سنة 2024 وهي مايشبه دق ناقوس الخطر الذي بات يهدد الاقتصاد الوطني على مستوى القطاع الفلاحي، وقالت، إن «سنوات الجفاف المتتالية التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة أثرت بشكل كبير على احتياطياته من المياه، مما أدى إلى إضعاف قدرات إمدادات المياه بشكل خطير.» من جهة أخرى، كشف وزير المغربي أن من المتوقع اللجوء إلى قطع خدمات تزويد الساكنة بالماء الشروب والتقليص من صبيب المياه بسبب التراجع الكبير في الواردات المائية في عدد من المدن المغربية، مشيرا إلى أن الوزارة تتجه إلى اتخاذ تدابير جديدة لمواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة.
وبذلك يواجه المغرب سنة 2024 أسوأ موجة جفاف وعليه أن يتأقلم مع هذه الظاهرة الطبيعية ، فيما بلغت أسعار الخضروات والفواكه في الأسابيع القليلة الماضية مستويات قياسية في الأسعار بالرغم من المبادرات الحكومية في محاولة استقرار الأسعار ، هذا وأصبحت مناطق حضرية وقروية بالمغرب مهددة بشح المياه ، حيث توجهت الحكومة وقطاع الفلاحة إلى البحث عن بدائل لإنقاذ الموسم الفلاحي وذلك بتشجيع زراعة النباتات القادرة على التأقلم مع الظروف المناخية من خلال تطوير واستعمال أصناف نباتية محسنة جينيا مقاومة للجفاف، خصوصا التي تتعلق بالحبوب والأعلاف.ويذكر أن معدل هطول الأمطار هذا الموسم في المملكة هو الأدنى منذ 41 عاما.
وتسابق السلطات المغربية التحديات في تدبير الموارد المائية بسبب انخفاض منسوب الأمطار والارتفاع المتواصل في درجات الحرارة والإفراط في استغلال المياه الجوفية. وفي هذا الاطار، أوضحت السلطات المغربية بشرق المغرب بمدينة وجدة أن صبيب الماء الصالح للشرب سيعرف ابتداء من الأربعاء، انخفاضا قد يصل إلى حد الانقطاع. من جهتها ، أعلنت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بوجدة، أن أشغال تجديد أنابيب الإمداد بالماء الشروب التي تزود مدينة وجدة انطلاقا من سد مشرع حمادي، فإن «صبيب الماء الصالح للشرب سيعرف انخفاضا قد يصل إلى حد الانقطاع ابتداء من الأربعاء.» وفي سياق متصل دعا وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ولاة وعمال أقاليم المملكة المغربية لتشديد المراقبة على تبذير المياه، وذلك بسبب دخول البلاد في سنة جافة. وأكد وزير الداخلية في دورية عممها على المسؤولين بمناطق المغرب أن «ندرة التساقطات المطرية والمعدلات الحرجة لملء السدود وجفاف الفرشة المائية تتنبأ بأزمة مائية كبيرة، مما يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة لترشيد استغلال مواردنا المائية.»
وحول الوضعية المائية الخطيرة التي يعيشها المغرب بفعل توالي سنوات الجفاف، كشف مسؤول حكومي أن وضعية السدود والمنشآت المائية بمختلف أحواض المملكة، تبعث على القلق، وقال وزير التجهيز والماء نزار بركة، إذ لم تعد نسبة ملء السدود تتجاوز 23.5 بالمائة في مختلف أحواض المملكة بمعدل 3 مليار و750 مليون متر مكعب، علما أن هذه النسبة كانت تتجاوز 31 بالمائة خلال نفس الفترة من السنة الماضية التي اعتبرت هي الّأخرى سنة جافة. وهكذا فإن نسبة ملء سدود اللوكوس لا تتعدى اليوم 39 بالمائة، وسوس ماسة 11 بالمائة، وأم الربيع 4.75 بالمائة، ودرعة وادنون 20 بالمائة وتانسيفت 46 بالمائة، في حين تبلغ بحوض غير زيز غريس نسبة 27 بالمائة. وبعد 3 سنوات متوالية من الجفاف انطلق الموسم الفلاحي الحالي 2023-2024 في ظل عجز مائي ملحوظ، حيث تسجل السدود الكبرى معدلات ملء منخفضة، خاصة بجهتي الحوز وتادلة، وباستثناء منطقتي الغرب واللوكوس، حيث يستمر الري بشكل عادي، مازالت مناطق واسعة أخرى تعاني من نقص شديد أو حتى من توقف في عمليات الري.
ويتوفر المغرب حاليا على حوالي 145 سدا كبيرا، و250 سدا صغيرا، وتتفاوت نسبة الملء داخل هذه السدود حسب موقعها الجغرافي، فبينما تعرف بضعة سدود واقعة على الأنهار الكبرى وفي المناطق المطيرة نسبة ملء متوسطة إلى عالية، كما هو الحال بسد وادي المخازن بالقصر الكبير، والذي بلغت نسبة ملئه حاليا 57.2 في المائة، وسد الوحدة بتاونات، وهو أكبر سد في المغرب، والذي وصلت حقينته إلى حدود أمس لنحو 44 في المائة، وسد النخلة بتطوان 45 في المائة، وسد شفشاون 79 في المائة . ولمواجهة هذه الأزمة المائية، بادر المغرب إلى وضع برنامج الأولويات الوطنية لتوفير مياه الشرب والري 2020-2027. والذي يغطي كافة مناطق المملكة. ويتعلق الأمر بتحسين إمدادات المياه، ولاسيما من خلال بناء السدود وإدارة الطلب على المياه، وخاصة في القطاع الزراعي، وتعزيز إمدادات مياه الشرب في المناطق القروية، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة في ري المساحات الخضراء والتواصل والتوعية بهدف تعزيز الوعي المرتبط بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استخدامها.