المغربية ماريا: الغناء العراقي يسكنني

‭ ‬

حوار‭ – ‬كاظم‭ ‬بهيّة

تبدو‭ ‬المطربة‭ ‬المغربية‭ ‬ماريا‭ ‬بشير‭ ‬حزينة،‭ ‬متألمة،‭ ‬وهي‭ ‬تسترجع‭ ‬بداياتها‭ ‬الفنية‭ ‬وغيابها‭ ‬الطويل‭ ‬عن‭ ‬الساحة‭. ‬تتحدث‭ ‬بصدق‭ ‬وشجاعة‭ ‬عن‭ ‬الحيف‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له،‭ ‬وحرمانها‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬حقيقية‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُغيّر‭ ‬مسارها‭ ‬الفني،‭ ‬لولا‭ ‬قرارات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬يدها‭.‬

قالت‭ ‬ماريا‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬لـ‭”‬الزمان‭”: “‬أشعر‭ ‬بأنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬محظوظة‭. ‬انتشاري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬بقي‭ ‬محدوداً‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة،‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬أنني‭ ‬حُرمت‭ ‬من‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ (‬مواهب‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬خرجت‭ ‬منه‭ ‬أسماء‭ ‬لامعة‭ ‬مثل‭ ‬عزيزة‭ ‬جلال‭ ‬وسميرة‭ ‬سعيد‭. ‬كانت‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬لي،‭ ‬لكن‭ ‬اللجنة‭ ‬لم‭ ‬تنصفني،‭ ‬ولن‭ ‬أخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭”.‬

تتوقف‭ ‬قليلاً،‭ ‬ثم‭ ‬تستعيد‭ ‬بداياتها‭ ‬الفنية،‭ ‬وهي‭ ‬ترويها‭ ‬بوضوح‭ ‬يحمل‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬الأسى‭: “‬بدأت‭ ‬علاقتي‭ ‬بالغناء‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة،‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬عندما‭ ‬اكتشف‭ ‬الأقرباء‭ ‬وأصدقاء‭ ‬العائلة‭ ‬صوتي‭. ‬أحد‭ ‬أصدقاء‭ ‬والدي‭ ‬–‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ (‬مواهب‭) ‬–‭ ‬اقترح‭ ‬أن‭ ‬أشارك،‭ ‬لكن‭ ‬والدي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬رفض‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سائدة‭ ‬حينها‭”.‬

ماريا،‭ ‬التي‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬الغناء‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬عادت‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنهت‭ ‬دراستها‭ ‬الموسيقية‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭.‬

وتحكي‭: “‬عدت‭ ‬للغناء‭ ‬بمشاركة‭ ‬في‭ (‬ملحمة‭ ‬فرحة‭ ‬الشعب‭)‬،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬لحظة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬حياتي‭. ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬لي‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬شاركت‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬الأغنية‭ ‬المغربية‭ ‬بمراكش‭”.‬

وحين‭ ‬تسألها‭ ‬عن‭ ‬اهتماماتها‭ ‬الفنية،‭ ‬ترد‭ ‬بحنين‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬الطرب‭ ‬الأصيل‭: “‬أنا‭ ‬أعشق‭ ‬أغاني‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل،‭ ‬وأحب‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬عمالقة‭ ‬الطرب‭ ‬العربي‭ ‬مثل‭ ‬أم‭ ‬كلثوم‭ ‬ومحمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب،‭ ‬وكنت‭ ‬مهتمة‭ ‬جداً‭ ‬بأغانيهم‭. ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬انقطاعي‭ ‬لأربعة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً،‭ ‬عدت‭ ‬لأجد‭ ‬أن‭ ‬الساحة‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬كثيراً،‭ ‬والذائقة‭ ‬كذلك،‭ ‬فاتجهت‭ ‬لإنتاج‭ ‬الأغنية‭ ‬الشبابية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬حضوراً‭”.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬الغناء‭ ‬العراقي،‭ ‬فتبتسم‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭: “‬أنا‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المعجبين‭ ‬بالغناء‭ ‬العراقي،‭ ‬أحب‭ ‬المواويل‭ ‬كثيراً،‭ ‬وأعشق‭ ‬أغاني‭ ‬كاظم‭ ‬الساهر‭ ‬تحديداً‭. ‬هناك‭ ‬صدق‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الغناء،‭ ‬شيء‭ ‬يلمسك‭ ‬من‭ ‬الداخل‭”.‬

‭ ‬تسير‭ ‬ماريا‭ ‬بشير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬العودة‭ ‬بخطى‭ ‬هادئة،‭ ‬ولكنها‭ ‬واثقة‭. ‬لا‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬المؤقتة،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬مكانها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬حيث‭ ‬يُنصت‭ ‬الناس‭ ‬للصوت‭ ‬قبل‭ ‬الصورة،‭ ‬وللإحساس‭ ‬قبل‭ ‬الإيقاع‭.‬

مشاركة