المسؤولية المجتمعية أزاء منكوبي الزلازل – حسين الزيادي

المسؤولية المجتمعية أزاء منكوبي الزلازل – حسين الزيادي

الكارثة Disaste: ظاهرة  متلازمة للإنسان عرفت منذ اقدم العصور، وهي تنشأ في اية لحظة وفي ظروف مفاجئة نتيجة ظروف داخلية أو خارجية تخلق نوعاً من التهديد للفرد او المجتمع، ويتحتم التعامل معها للقضاء عليها أو التقليل من شأنها والحد من خسائرها وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وهناك مراحل لتجنب اثار الكوارث الطبيعية منها هي :التهيؤ لا دارة الكارثة ثم الاعتراف بوجود الكارثة ومرحلة احتوائها ومرحلة الاستفادة من الكارثة التي اصبحت سمة من سمات الحياة المعاصرة للإنسان  والمجتمعات والدول، الامر الذي ادى الى الاهتمام بها وبإدارتها بأسلوب وقائي ومستقبلي للتكيف مع التغيرات المفاجئة التي قد تحدث قبل الكارثة أو اثناء حدوثها ، وتشير الدراسات إلى أن الكوارث الطبيعية لاسيما الزلازل لا تزيد من التشرد والفقر والمجاعة بل تزيد من احتمالية نشوب صراعات داخلية لاسيما في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية ومنخفضة الدخل والتي شهدت نزاعات سابقة كما هو الحال في سوريا. ان الكارثة غالباً ماتتوافق مع عنصر المفاجأة مما يتطلب مهارة عالية لإدارتها والتصدي لها، والازمة لحظة حرجه قد تتحول إلى الأفضل اذا كان هناك استعداد لمواجهتها او تتحول إلي الأسوأ عند عدم وجود استعداد لمواجهتها واهم خصائصها (المفاجأة – التهديد – ضيق الوقت) وتتجلى امكانات الدول وقدراتها وكفاءة مؤسساتها وسياساتها في أوقات الكوارث، فالدول الناهضة التي تملك رؤى واضحة وتخطط بكفاءة للمستقبل، غالباً ما تكون أكثر استعداداً للتعامل مع أية أزمات مفاجئة؛ لأنها في تخطيطها للمستقبل تضع في حسبانها كافة السيناريوهات وتصوغ الخطط الاستباقية اللازمة للتعامل مع كل سيناريو، وهذا هو جوهر مفهوم إدارة الكوارث الطبيعية، وهو حدث مروع يصيب المجتمع بأكمله ويسبب دمارا واسعا ومعاناة عميقة، وهي لحظة حرجه اقوي في شدتها من الأزمة وأكثر منها في حده التأثير وقد تحدث نتيجة لتفاقم الازمات وتنقسم الي كوارث طبيعية من الطبيعة وكوارث صناعية من الانسان ولها نفس خصائص الازمة.

قد تعرضت تركيا وسوريا خلال الايام الماضية لكارثة طبيعية تمثلت بحدوث زلزال مدمر يعد الأقوى منذ عام 1939 تجاوزت حصيلة قتلاه 20 ألف و451 قتيل بحسب الاحصاءات الرسمية بعد أحد أكثر الزلازل كارثية في المنطقة منذ نحو مئة عام ، والرقم قابل للزيادة في ضوء اعداد كبيرة من الجرحى والمفقودين، وحذرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من أن عدد الذين تضرروا بالزلزال قد يبلغ 23 مليون شخص، بينهم نحو خمسة ملايين في وضع اقتصادي هش، واذا كانت تركيا قد تجاوزت الكارثة بفضل امكاناتها الاقتصادية فان الوضع في سوريا مازال ينذر بكارثة انسانية ناجمة عن نتائج الزلزال واثاره بسبب هشاشة الاقتصاد السوري الذي انهكته الحروب وبسبب خضوعه للعقوبات التي أرهقته كثيراً ، لذا بات من الاهمية بمكان تقديم المساعدات الانسانية العاجلة بشتى انواعها ـ كما إن الاستجابة لحالة الطوارئ في سوريا  لا يجب تسييسها تحت أي عذر، فالعامل الانساني يجب ان يكون هو الحاضر الوحيد وإغاثة المنكوبين والمشردين وتلبية احتياجاتهم، وإنقاذ السكان المحاصرين تحت الأنقاض هو الهدف الرئيس.

اوضاع مأساوية

ويبدو ان الوضع في سوريا اكثر مأساوية ، في ظل وجود أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم: 6.8 مليون شخص. الامر الذي يجعل عدد السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة هو الأعلى ، ومن المرجح أن يؤدي هذا الزلزال إلى زيادة أعباء السوريين المتضررين، ولا سيما النساء والأطفال، فغالباً ما تواجه النساء والأطفال تزايد خطر التمييز وسوء المعاملة والاستغلال في أعقاب الكوارث الطبيعية، ومن المرجح أن تصبح العديد من النساء المتضررات من زلزال اليوم المعيل الأساسي للأسرة أو نازحات داخليًا أو كليهما.

ولا بد من توخي الحذر بشكل خاص لضمان حمايتهن ودعمهن وسط الأزمات المتعددة التي يواجهنها الآن.

ويعتبر مبدأ الإنسانية الضمانة القانونية الأساسية لاحترام وحماية حقـوق الإنـسان وحرياتـه الأساسية أثناء الكوارث الطبيعية وهو التزام قانوني دولي حتى في غياب النصوص والاتفاقيات الدولية،  وأن مبدأ الإنسانية وكمـا يحدده النظام الأساسي للصليب الأحمر يهدف الى تدارك معاناة البشر وتخفيفها في جميع الأحوال ويستهدف حماية الحياة والصحة وضمان احترام الإنسان، وتجدر الإشارة إلى أن محكمة العدل الدولية تعرف الإنسانية بأنها تخفيف المعاناة على الأفراد وحماية حياتهم وحفظ صحتهم واحترام شخص الإنسان، لذا يعد مبدأ الإنسانية قاعدة قانونية وأخلاقيـة .

ينظـم القانـون الدولـي الإنساني العلاقـات بيـن الـدول والمنظمـات الدوليـة وغيرهـا مـن رعايـا القانـون الدولـي، وهـو فـرع َّ مـن القانـون الدولـي العـام الـذي يتكـون مـن قواعـد إنسـانية، تسعى إلـى حمايـة الأشخاص الذيـن يتعرضون للكوارث الطبيعية، وبعبـارة ّ أخـرى، يتكـون القانـون الدولـي الانسـاني مـن قواعـد المعاهـدات أو مـن القواعـد العرفيـة الدوليـة .

كوارث طبيعية

على الرغم من أن كثيرين من العلماء وصانعي السياسات ومنظمات الإغاثة يعتقدون أن الكوارث الطبيعية توحد المجموعات معاً وتثبط الصراعات، فإن ذلك يكون عادة في المناطق التي تشعر بوحدة الهدف والمصير المشترك، كما أن الزلازل يمكن أن تحفز بالفعل الصراع داخل الدول من خلال إحداث ندرة في الموارد الأساسية، حيث تكون المنافسة على الموارد الشحيحة أكثر حدة وتوضح هذه النتائج أن جهود التعافي من الكوارث يجب أن تولي اهتماماً أكبر لاحتواء تأثيرات الزلازل واتخاذ تدابير معينة، بما في ذلك تعزيز الإجراءات الأمنية، لمنع اندلاع مزيد من الصراعات.

ومن جانب اخر فأن المساعدة العالمية للدول التي تعرضت للكوارث يمكن أن تقلل من حدة التوترات الإقليمية، وأن الرسائل المتعاطفة والداعمة من مختلف أنحاء المنطقة، تبعث رسائل مفادها بأن المآسي يمكن أن تخلق أيضاً إحساساً بالتضامن في أوقات الأزمات، ولهذا قد يكون هناك بعض الهدوء في العلاقات الإقليمية المتوترة في أعقاب وأثناء عملية التعافي، وقد أظهر التاريخ مرات عدة أن النضال المشترك في الكوارث الطبيعية مثل الزلازل يمكن أن يقدم مساهمات إيجابية في تنمية العلاقات بين البلدان، وأن الدول التي تظهر تضامناً مع تركيا ستعمل أيضاً على تحسين علاقاتها الثنائية مع أنقرة.

وبشكل عام لا يوجد تعريف متفق عليه للمساعدة الإنسانية ولكن أي تعريـف لهـا يجـب أن يتضمن عناصر تعد بطبيعتها ضماناً لاحترام بعض الحقوق الأساسية للإنسان وتتماشى مـع الـشروط الضرورية للحفاظ على حياة الإنسان وصحته وتمتعه بالأمن حين يكون بعض الأشخاص ضحايا لأحداث ما ، والمساعدة الإنسانية فعل يجب الشروع فيه حيث توجد حالات طارئـة وعاجلـة وحينمـا تكـون الخدمات العادية ليست بالمستوى المطلوب والمناسب لمواجهة الحاجات الأساسية للمجموعة البـشرية ، وقد تناولت اتفاقيات جنيف الاربع لعـام 1949وبروتوكوليهـا الاضـافيين لعـام  1977المساعدات الإنسانية وفي كثير من المواضيع إلا انها لم تعط تعريفاً قانونياً لها واكتفت فقـط بتوضـيح الاحكام التي تنظمها ، وبشكل عام تعرف بأنها “الخدمات الـصحية أو المـواد الغذائيـة أو اللـوازم المقدمة من الخارج لضحايا أي نزاع دولي أو داخلي

اما عن المبادئ التي تحكم المساعدات الإنسانية فاهمها مبدأ السيادة الوطنية وضـــــــرورة موافقة الدولة على عروض المساعدة الإنسانية ولدخول المنظمات الإنسانية الأثر الكبير في ظهور مبادئ العمل الإنــــــساني، وهي قيود أساسية تفرض علـى  كل من يقدم المساعدة الإنسانية، وقد أكدت على هذه المبادئ العديد من المواثيق والقرارات الدولية.

مشاركة