المزايدات السياسية – كامل الدليمي

المزايدات السياسية – كامل الدليمي

لم يعد المشهد السياسي في العراق اليوم مجرد ساحة للتنافس المشروع في إطار الديمقراطية، بل تحول بفعل المزايدات السياسية إلى ساحة صراع حوارية تعج بالاتهامات المتبادلة والمناكفات التي انعكست سلبًا على جميع مفاصل الدولة.

فالمواطن العراقي، الذي كان ينتظر بفارغ الصبر وحدة الكلمة وتماسك الموقف الوطني، وجد نفسه أمام مشهد مرتبك يبعث على الخيبة والإحباط. فالوعود الكثيرة التي أطلقتها القوى السياسية اصطدمت بجدار المزايدات الطائفية والقومية، لتتحول بدلاً من أن تكون برامج بناء وإعمار، إلى أداة للتفريق وتعميق الانقسام.

ولم تتوقف تداعيات هذا الصراع عند حدود التنافس السياسي، بل زُجت الأقليات فيه لتصبح جزءًا من معادلات الخلافات الداخلية، وهو ما أضاف مئات الأحزان إلى المشهد العراقي، وأضعف ثقة الناس في جدوى العملية السياسية برمتها.

أما على الصعيد الإقليمي والدولي، فقد أدى هذا التشتت في المواقف والبرامج المربكة إلى إعاقة عودة العراق إلى دوره الطبيعي كلاعب فاعل في المنطقة، بعدما كان يمتلك من المقومات البشرية والاقتصادية والجغرافية ما يجعله في مقدمة الدول القادرة على قيادة مبادرات الحوار والتوازن.

إن المزايدات السياسية، إذا استمرت بهذا الشكل، لن تجلب سوى المزيد من التراجع والخسائر، في وقت يحتاج فيه العراق أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة القرار، وإلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الضيقة.

فالرهان الحقيقي اليوم ليس في تسجيل النقاط على الخصوم، بل في بناء دولة عادلة وقوية تعيد ثقة المواطن وتستعيد مكانة العراق في محيطه الإقليمي والدولي .

مشاركة