المرأة تمطر.. المرايا تقول – نصوص – شوقي كريم حسن
الان لم يتبق سوى بضع مخاوف كانت تمنح الوقت عباءة ارتجاله ، الامال التي عاشرتني طوال السنوات، طارت الان مثل دخان السجائر ، ما كنت اعرف ان اللعنة التي منحني اياها الامبراطور ، ستظل تفجر منابع الذكريات لدي / حاولت التحديق بفراغات المعبد، الذي غدا ارق من قشرة ألبيض ، لكني ما وجدت غير نواحات بعيدة تضغط لأمة وجودها الذي بات الان مجرد شيء بعيد جدا، الكاهن الثامن،امسك بيدي وكأنه يقدم لي توضيحا لا أعرفه / كانت اليد الباردة ، اللينة مثل طين حري ،تشرح دهشتها، التي اشعرتني وكأني مريض ميئوس منه، ثمة تأوه وتوسلات تخترق قلب ألعتمة / ثمة اهات متوسلة تحاول بث روح الهدوء في القلب الغاطس بالظلام، كنت موقنا اني اعرف ذلك الصوت، اعرف اوهامه الواضحة ألاضطراب ، جست اليد الثامنة يدي، فأيقنت اني وجدت الطريق الى خلاص لااعرف كنهه، ثمة انزلاق بطيء بدأ يأخذني الى عمق ألاسترخاء ، قالت الكف الثامنة، بصوت مالبث ان عرضني الى السقوط .
ــــ لا تخف… ربما استطيع مساعدتك !!
اجاب صوتي الذي صار اشف من ورقة ورد .
ـــ كيف ؟!!
اجابت الكف ، وهي تجذب نفسا عميقا وكأنها تستنشق آثامها عنوة .
ــ لاادري حتى الان… فقط كل ما اطلبه منك هو أن تهدأ…!!
اجاب صوتي الذي غدا ناعما يثير الاشمئزاز ، .
ــــ كيف؟!!
اجابت الكف بصوت واهن خفيف الرغبة بالاستمرار .
.ـــ لاادري كل ما اعرفه أنك لابد وأن تتعرض لبعض الايذاء بدلا عن موتك الذي قرره المعبد … ولابد وأن ترضى ؟ !!
اجاب صوتي الذي اغتصب ضحكة غريبة لم يعتدها من قبل ،
ـــ كيف ؟
اجابت ألكف ، التي ارتجفت بشيء من الخيبة والأسى ، .
ــ لاادري … ما يقرره كهنة المعبد واجب التنفيذ ولسوف اختار طريقة موتك.. عندها لابد من حل… والحلول كثيرة ولكن تحتاج الى بعض من صبرك وهدوئك !!
أجاب صوتي ، الذي اطمأن لنتائج الحلول ، .
ـــ أنا طوع ما تختار ؟!!
اجابت الكف ، وهي تميل برياح اضطرابها ذات الشمال.
ـــ أأأأأش !! كيف يمكن ليّ أن ارسم ملامح الوقت الذي بدا أمامي مأهولا بالإغواء ومصابا بداء الملامح ألشيطانية ، في الركن ألقصي كنت انصت لصوت يتوسل .ـــ أتركني !!
وفي القصي الابعد ـــ سافل !!
وفي البعيد، رأيت الملامح الذئبية توظف رغباتها بشيء من المجون المضحك ، .
ـــ اقتربي ليتك تعرفين كم كنت احمل من وجع وأنا أمر من امام الباب وأبصر حقدك يصب جام غضبه عليّ… كنت اتمنى لو ان الارض اخذتني الى اعماقها… لااعرف سببا معقولا لكراهيتك أياي ولا اعرف كيف يمكن لي ان اوصل دفق الحب الجامح الى قلبك.. ابتسامة رضا واحدة ما كانت توصلك الى بطن هذا الحوت الذي لم ار احدا يخرج منه… كان عليك أن تحسبي حساب قوتي وترمي بعيدا حساب قوتك… لا قوة لأنثى امام رغبات كاهن تدججه الرغبات مثلي… كان يجب أن تبتسمي… وتمنحيني بيارق رضاك لكي استطيع حمايتك.. لكنك اخترت غرور اناث ألنعام ، غرور فارغ لا يوصل لشيء سوى هذا الفراغ الذي تعيشينه الان… ما كان يجب أن تكوني هنا… ما كان يجب أن تكوني هنا… حين امرنا بجلبك ثارت كل رغبات الجسد ورسمت مخيلتي ليلة رضا باذخة… أقتربي… ولك عهد مني أنك خارجة ما ان تشرق شمس اليوم الأتي لا عليك … دعينا نمارس عذاباتنا… خير من أن يأتي كاهن اخر…أنا الاقرب اليك والأرق والادفأ حضنا…. لا تتراجعي.. فليس ثمة فائدة من تراجع كهذا… طلقة غضب واحده ترميك الى انهار من الاستسلام … ,أنا لااريد هذا لا اريده ألبته الحب هو ما ارغب… الحب الذي يجعلني امارس مهمتي بسلام لا تعاندي… لا تعاندي فلا فائدة من عناد لا يوصل الغير ما ارغب… اتعرفين كل كهنة المعبد لديهم رغبات واحدة… رغبات مكبوتة منذ ازمان طويلة… ايقظها الفشل فراحت تدافع عن حضورها شبه الميت ، لا ارغب بغير الوصول اليك في عتمة هذا الليل الاخذ بالزوال… عليك ان تستبقي الوقت… لان نهارك سيكون مختلفاً تماما… !!
انداحت لحظات الحزن باتجاه الصراخ الذي تعالى فجأة ومن غير ما رغبة مني ، وجدتني اتوسل حضورها الباعث على الهدوء، اللحظات المتعبة تحتاج الى دليل يوصلها الى بر الأمان وما كنت لحظاتي تقبل بأمان غير أمانها الذي اشتقت اليه مثل اشتياقي لهذيان خلوتي وأنا ارى الرقاب وهي تتأرجح ، مسحوبة الى هوة النهاية، رايتها تبصر اليّ مبتسمة، وثمة تسف واضح ينهمر مثل غباء من بين شلال عينيها شبه الغائرتين بالحزن ، قلت ـــ حسانا فعلت كنت اتوسل اليك ألمجيء !!.
قالت ـــ لا فائدة… ها نحن نصل الى النهاية… كان عليك ان لا تعلن استسلامك بهذه البساطة وأنت تعرف كراهيات الكهنة ومعابدهم !!
قلت ــ لا عليك النهايات فكرة تعودتها منذ زمن بعيد… لم تعد تخيفني… ربما كنت اخفي عنك سر تلك النهايات التي كنت ارقبها وهي تودع ما ترغب فيه… اعرف الكثير من النهايات التي كانت تمارس وجودها هناك… هنا لاشيء غير نهاية واحدة… نهاية تبدو ساذجة وعقيمة أيضا ، ما الذي يمكن ان يحدث .. لاشيء غير علامة رفض لمعنى وجودي… الاختيارات هي التي تهمني… لااعرف كيف يمكن ان يكون خيارهم لي… ولكن ارغب بكاس من عرق مغشوش.. وأغنية تكدر أرواحهم ، لطالما ظلت تلك الاماني تقض مضاجع وجودي… وها انا الان ارغب بواحدة … واحدة لا غير… اتذكر ذاك الوجه الذي ظل يراقب استجابتي حتى لحظة انهماره باتجاه وحدتي… كنت العب وياه لعبة البوح والامتنان… فمن تراه يمارس معي الان هذه أللعبة وكيف وظلام المعابد لا يشبه الظلامات الباقية… ظلام عطن باعث على الاستهزاء والعبث ، رائحة موت قديم، ونواح كاذب، لم نعتد هناك مثل هذه النواح… ما الذي تغير… ولماذا …. كانت سنواتنا تفيض بسيول الاسترخاء وفجأة وجدتنا نحاول أنقاذ ما تبقى .. الحروب رايات الخسارة ومحراب اعمارنا الذي لم يعد يليق بوجودنا غير المستقر . كانت الايام تقص عذوبة القول .. وكنا نلعق مراسيم عسل الليالي المشحونة بالبهاء والسكينة ؟!! ـــ اتعبت نفسك وأنت تمشي في طريق ما كان يجب ان تمشيه… وما دمت قد اعلنت القول الان… اعلمك بمعرفتي كل شيء… اعرف انك تشتغل هناك وانك تنهزم اليّ لحظة تنفيذ لعبة الموت مثلما انهزمت الان… كنت قد اكتشفت السر بغتة ، برغم كل الاحتياطات التي اتخذتها… كان الامبراطور هو الوحيد الذي اظنه يعرف.. وحين كنت اواجهه كان يبعد تهمة المعرفة ويدافع عن وجودك… السر الاعظم الذي كان يجعل الامبراطور يرتجف حين احدثه عنك وأطالبه بأن يعتق رقبة امالي. كان يحثني على قبول محطتي تلك… ويطالبني بأن استقر عند قدمي مخيلتك الباعثة على الضحك.. وحين عرفت السر … انداحت خطواتي اليه … دون كلمة، القيت بالبطاقة التعريفية اليه، ودون همس منه ، رفعها عن الارض بهدوء الحكيم، مسح ما تعلق بها من تراب، وراح ينظر اليها مبتسما، ظل ينظر اليها وألي ، ويعاود النظر وكأنه يحاول سبر أغواري ، انفلتت امالي عندها، ورحت اتمنى لو اخبرته بأني اخونك مع من احب علنا وبرضاك، لو أني اخبرته اني امارس انوثتي بعناد منه، لكني تراجعت بانتظار ما يمكن ان يقول، اشعل سيجارته، ونفث دخانها بعصبية، ثم حدق إلي ،وسحب نفسا عميقا، جعله يرخي عنان ملامحه ، قائلا.
ــ وماذا في هذا …. ما الذي يضرك انت ما دمت تعيشين على راحتك وبحسب ما ترغبين… اقصر معك بشيء… أنا اعرف انك تكرهينه.. أظن ان الرجل الذي يعيش مع امرأة تكرهه كل هذه الكراهية .. رجل بأخلاق حكيم… المرأة هي أللوثة .. المرأة التي تكره رجلا يحبها بجنون امرأة لا تستحق ان تعيش ابدا… أنت تعرفين جيدا أن لم تخف السر يمكن ان تآكلك خنازير الاهوار بلحظة واحدة اهدئي ولا تفكري بغير رضاه … هذا ما يجب ان تعرفيه جيدا.. رضاه هو رضاي ,,,أفهمت …. اعرف كل ما يمكن ان تتخيلنه .. أعرف الانحراف والمساواة ,,, لكني اغض الطرف من اجل أن تستمر مراكب عشرتك .. العقل زينة ان لم يصحبه مرض الخزي والامتهان… مالذي يمكن لرجل مثله ان يطلب بعد أن وفر كل ما ترغبين به .. ولم يعص لك أمرا… الرجل لا يحلم بغير جسد امرأة يملأ عليه لهاث ليلة… جسد يمنحه ذكورة بركان… أنت لا تعين الدرس … ولسوف تدفعين بعدي ثمن هذا… احذرك … هذا كل ما اقوله الان … حاذري التفريط برجل احبك كل هذا الحب.. وغفر لك خياناتك المتكررة… نفسك دنسة… نفسك دنسة !! .أخرجني ارتباكي من دائرة السيطرة التي كان يضعني داخل نيرانها، اخذت البطاقة الشخصية الى صدري وخرجت، ليس ثمة لحظة اقسى من تلك ، قسوة ما كنت استطيع تجاوزها او نسيانها، الامبراطور اعطاني حق الاندماج وبهجة الخيانة، ثارت رغباتي الماجنة، واصطخبت روحي بمئات من دلالات الرفض والاحتجاج ، ما كنت ادري أين يمكن أن اجده ألان ، لكني مصرة على ان اجد ولو بعض من رائحة جسدة، اغمضت عينيي وأنا ارقب تيه خطواتي، ودون اشارة وجد واحدة ، دون اثارة لمعاني الحضور، وجدته يقف قبالتي ملوحا برايات من الابتهاج والمودة، ملك يحاول اغواء انثى ظلت عصية على أمانيه ، تخيلته يرتمي بين قدمي، وتخيلتني امسد رأسه بكف من يمسد رأس طفل يتيم ، تخيلته يرفع رأٍسه ممتنا ، وتخيلتني امد يدي الى يديه / كانت الاصابع قد تشابكت/ واختلطت روائح الاجساد / الابتسامات الدافعة لمعاني الهيام تثير شبقي، تمنيت لو أن عريي الان اقام فضيحته / لو أنه الان منح سواقي روحي الشاعرة بالجفاف من ماء انهاره الاعذب من كل شيء ، أخذ بيدي الى يديه ، وهمس ،
ــــ لا تخافي ما دمت الاقرب اليك !!
ــــ ومن لي غيرك والقحط بدأ يأخذ من اعمارنا !!
ــــ المحنة ماضية… والأتي هو الاهم… كل مااطلبه أن تطردي اشباح الخوف وأن تعلني اندغامك والحب… الانثى دونما حب تفقد بريق أنوثتها.. تغدو كائنا يشبه بئرا جافا قد تردمه الايام دون ان يكترث اليه أحد… تلك هي المعادلة… أيامك أمام كل هذا الجفاف الذي نعيش… لا تكترثي لكل هذه الاوهام… ايامهم باتت وهما… عليك أن تعرفي هذا…!!
ـــ وأنت … أنت الى ماذا يمكن ان تؤسس؟
ــــ في الرأس اشياء واضحة ودقيقة الابتهاج… وأشياء اخرى مبهمة تحتاج الى مسح غبار الايام عنها… ولكني اعرف أن خطوي وإياك في الاتجاه الصحيح !!
ـــــ تركتي ثقيلة… ولا احد يساعدني على نسيان اثار هواجسه وهي تلعق جسدي !!
ـــــ لسوف تنسين هذا ما يمكن أن اعدك به …!!
ــــ اصعب آثامي هي أني لااعرف النسيان… كلما اجلستني وحدتي الى وحدتها انهمرت نسيانات الماضي كلها فوق رأسي… الامبراطور… وهذيانات صبرية.. وهو الذي لا يريد الاعتراف برفضي لكل نذالاته.. وتركة الاولاد الذين باتوا لايعرفون غيري… وفوق كل هذا أنت… أنت الذي يشعل حرائق الروح !!.
ــــ خوفك يملأ رأسي بالتراجعات..أنت تعرفين أن ليس مثلي من يجد حدا لخطواته.. الخطو لايعرف حدود الانتظار… تعلمت هذا منذ تلك اللحظة التي وجدت نفسي فيها محاصرا بين موت وموت… كانت الفكرة تتأمل المشهد دونما ارتياح ، والمطاحن تلوك الاسئلة شبه الراعفة لهموم غيري.. ما كنت الوذ بأذيال همومي الشخصية قط… تلك هي محنة البحث عن خلاص… كنت اغتسل بهموم الناس دون أن اجد احدا يغتسل بهمومي… حتى أنت ما كنت تجيدين شيئا سوى النواح والانكسار عند هيامات لهاثي الذي اشعره باعثا على اساي.. الوجع أن تجد انثاك… حلمك الابدي يلوث اغطية روحك بلهاثات الرغبة لا ألحب ، هذه الاجابة التي صيرتني مثل غراب عجز عن مواصلة طيرانه… الغربان وحدها التي لا تشعر بسعة الفضاء لهذا تراها تعاود الحنين الى سعة القفز والنعيق….
ما كان عليك أن ترمي لهاثك الفاضح عند قدمي غوايتي… اتلمس هموم القلب وهي تطفو بين يدي… وحين احثك على الكلام … تتبسمرين ناظرة بغير ما رغبة بشيء… لاشيء يحدد وجودك معي غير الاشتهاء الذي غدا الان لامعنى له ..!!
// كانت الاصوات قد تعالت ببطء ، واللهاثات خمدت ببطء / وثمة في البعيد اصوات رصاص جاف مثل ليلة الهم الذي اعيش / الاول الباعث على ألقيء / أمرني ان انهض بعد ان دفعني الى قبالة الحائط الذي راح يزكم انفي برائحة زنخة تشبه رائحة المقابر العتيقة / اغمضت عيني / ليس ثمة أمامي غير تلك الوسيلة التي تبعد عن ظلمة المكان هواجس نسياني وسط هذه الركامات من الانين والهذيانات والقبول / الجدران/ كانت تملأ وحشتنا بانين المارقين الى حيث لاادري / وحده الكاهن الاول كان يبتسم/ يضحك / يأمر بالإسراع، يرتل معاني الرضا الذي لا يعترف بوجود مردوخ ربا / سومر ماعادت تؤمن بغير ألكهنة / تجاوزت حدود رضاها الى حيث رضا المعبد وفضائحه / الحياة حين ترتبط بهموم الكهنة الشبقة ، تتحول الى شيء من شراب العلقم / ما كان لهذا الشعور ان يترك حضوري لولا جس الكاهن الثامن لمعصمي بلطف انثى خفره ،قال هامسا ـــ كل ما ارجوه ان تسقط سريعا وأن لا تتأوه !!قلت بخوف حقيقي ، بعث في اعماقي كل جنون الاسئلة .
ـــ ماذا ؟!!
قال مواصلا همسه .
ــــ الوقت يمضي… والعيون تراقب… وأخاف ان يسبقنا ألعذل ؟!!
ــ كل ما ترغب فيه قابل تنفيذه !!
ــــــ أنا لا ارغب بشيء سوى انقاذ ما تبقى منك … الزمن القادم قاس الى حد الجنون ولا اريد لك ان تضيع دونما هدف… ربما لا تعرفني الان. … ولكن ستجد أنك مطلوب لي بحياة… ستأتي للحظة التي اطالبك برد ما تحملت وأتحمل… ولكن ليس الان… ما ان اسحبك الى الخارج… وأطلق … عليك ان تسقط… تسقط سريعا ..!!
ــــ آثمة مكان محدد لي ؟
ــــ نعم… تلك النفايات غير القابلة للنقصان…. هناك يحتم عليك الوقت أن تنتظر..إياك وأن تفوه بشيء .. تعلم منذ الان فكرة الموت.. الموت الذي سيعيد اليك حياتك…
لعبة تحتاجها عبر مر الايام التي ستجيء… فكر بهذا لكي لا تضيع الفرصة من بين يديك ؟!!
// الوقت حبل من مسد ، وعلامات من افتضاح ، كانت مخيلتي قد تورمت من اثر هواجس رسم أللحظة ومردوداتها ، اللحظة التي قد تكون الاخيرة فعلا،احلامي تنسكب الآن ، بهدوء اشوفها تنسحل مثل فطيسة الى حيث مكب النفايات الذي اتخذه المعبد مدفنا لأرواح الكراهيات، تلمست هلعي، ورأيت ان ثمة دموع تهبط من علياء غضبى ، ما كنت اصدق ان الايام يمكن ان تصل بي الى حد مخيف كهذا، تلاشت تلك الهيامات البعيدة ألمنال ، وحدها كانت تلامس ذكورتي التي ايقنت اخماد نيرانها، الرائحة ازدادت وضوحا ، والتوسل ازداد صخبا ، واللهاث تيقن ان المعبد احسن الامكنة لعبادة ألرغبة ، حين اقتربت منها، فرت لائذة بأذيال الكاهن الذي كان يشمر رغباته باتجاه زوايا الأمكنة ، تبادلا ألنظرات ومثل من يتلمس شيئا لدنا حلو المذاق ، رأيته يجس مفاتنها ، حاولت ألابتعاد ، لكنه اشار اليها .
ـــــ بسم ارباب سومر عليك أن تقتربي !!
// الاناث جل ما يخشينه غضب أرباب سومر، لهذا روضت المعابد الأنوثة ، واستباحت ذكورتنا من خلال الاستسلام ألمهين ،/ لاكت همهمتها، مثل فرس حرون / لكنها ما لبثت أن اعلنت استسلامها ،الاستسلام الذي جعلني اشم عري انوثتها وهو يلطم جسدي كله/ تعالت الضحكات / وتعالى الانين المتوسل / ومثل برق ضوء رأيته يأمرها بأن تنبح مثل كلب ضال / ان لمعابد سومر، افتضاحات لايمكن معرفة أسرارها ،/ امرني ألثامن ، أن انهض / فنهضت ببطء لم اعتده من قبل ، بطء كان يشدني الى قاع المعبد، لكنه جرني عنوة الى الخارج ، ثمة الان اكثر من صوت ، وأكثر من طريق ، وأكثر من رائحة/ تعالت الهتافات / وتعالت الأنفاس / قال الكاهن .
ـــ لتلتمع صواعق البروق ألان فلقد تعالت لواعج الارواح ولابد من زوال البلاء… ارباب سومر رسل الهطول والابتدار السريع.. لا حقيقة غير هذه الحقيقة السومرية الخالصة… الاشتياق الى الاعالي ياخذكم الى احضان عشتروت لتتمسكوا بخدر انوثتها فلا تنسوا وصية الاثر ولا تختلج انفاسكم خوفا..هونوا عليكم اليقين من اجل يقين اخر //!!.
تعالت الانفاس ، وهطلت نداءات الترحيب ، كان الوقت قد مر سريعا ، مثل برق، حين وجدتني اتلاشى بين اكوام من النفايات بروائح تزكم الانوف ، خليط من /البول،/ وعفن الجثث /، مهملات المعابد،/ .
توسد رأسي الارض وهو يتنفس الصعداء ، وتلطلطت اعماقي دون ان تستقر عند شيء ، الوجع المتصاعد كان قد استحوذ على ما تبقى مني، لم يتبق غير شتات من الالم والخوف والفجيعة، اغمضت عيني محاولا استدراج بعض من الراحة، خيط الدم يشعرني بالتنازل، وأشعره باللذة ، لهنيهة كانت المساءات البعيدة قد اكملت حضورها، فدارت الليالي مستعرضة كل امكانيتاها في بيع ما تبقى ، مالذي تبقى مني.!! كان السؤال يتدحرج مثل ضباب، مأخوذا بهذيانات المكان الذي ما كنت اعرف كيف احدد معناه ، كلاب توحشها نباحات الفجر، وقطط تموء ، تبحث عن طريق يوصلها الى مراميها ، واقدام بدأ الان تطر فلق الفجر وهو يتوظأ بذفر الشط الذي كان يتهامس والشمس الشاقة لكبده ، بأشياء مفزعة جعلتها تتصاعد باتجاه الاعالي غير مكترثة بما يحدث، كانت سومر حتى لحظتها هذه تحاول ايجاد طرق لخلاصها ، لكن الكهنة تمسوا بجدران الاعتزال ، والهيمنة، بدأت دواخلي تستنشق عبق الجيف التي تحيط بي، فسعلت دما بلون الزنجار، الحلم الذي ظل يسكنني كل تلك المسافات رأيته يتحطم ألان ،تحطمه الارتحالات التي بدأت أعيشها لوحدي الان…. !!


















