المدرسة العراقية لدراسة التاريخ وتناول المشكلات الوطنية

فاضل حسين من خلال تلامذته

 

المدرسة العراقية لدراسة التاريخ وتناول المشكلات الوطنية

 

زراق ابراهيم حسن

 

بغداد

 

اعتادت اقسام بيت الحكمة العلمية ان تعقد ندوات ومؤتمرات عن شخصيات عراقية، ذات صلة باختصاصاتها، وما تحاول تحقيقه من اهداف، تقديرا لهذه الشخصيات، وابرازا لدورها في الثقافة العراقية والعربية والعالمية، وتعزيز التواصل الفكري معها، فقد عقد ندوات ومؤتمرات لاستذكار ودراسة شخصيات عراقية تميزت في الفكر السياسي والفلسفي وعلم الاجتماع، وتميزت بالدراسات والافكار والمناهج التاريخية، وجميع الاسماء التي عقدت حولها مؤتمرات وندوات مهمة، ذلك ان بيت الحكمة يضم اساتذة في اختصاصات مختلفة وهم لا يحتفون بشخصيات اعتيادية، وبشخصيات لم تمارس دور فاعل ضمن اختصاصاتها، وانما تختار لندوات ومؤتمرات بيت الحكمة شخصيات لها مؤلفات وبحوث رصينة ومهمة في اختصاصاتها، ولها دور فاعل في التدريس الجامعي، وفي الدراسات العليا، ولها وجهات نظر متميزة ازاء الجوانب  والموضوعات التي درستها، وقدمت العديد من الابحاث والمؤلفات عنها.

 

واذا كانت ندوات ومؤتمرات بيت الحكمة  عن هذه الشخصيات مهمة لتناولها هذه الشخصيات ولانعقادها في بيت الحكمة ولان المشاركين فيها يتسمون بالرصانة العلمية والخبرة في الموضوع، فان الندوة التي  عقدها قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة عن المؤرخ العراقي الراحل الدكتور فاضل حسين لم تتفوق على هذه الندوات والمؤتمرات فانها يمكن ان تكون متساوية معها في الاهمية، وذلك يرجع لاسباب عديدة منها.

 

1. ان المؤرخ العراقي الراحل فاضل حسين لم يحصل على حقه من الاستذكار والبحث رغم  استحقاقه لاكثر من ذلك وجاءت هذه الندوة للتعويض عن ذلك ولتقدم للمؤرخ فاضل حسين بعض استحقاقه من الاهتمام، ولتحفز المؤسسات والمنظمات الثقافية على دراسته وبحثه ومنهجه.

 

2. ومع ان العراقيين الدراسين في الخارج قد قدموا صورة مشرقة عن الباحث العراقي، وعن جدارته وسعة ثقافته الا ان الاستاذ الدكتور فاضل حسين قدم اروع صورة عراقية علمية في سنوات دراسته في الخارج، اذ كان  مثابرا ودؤوبا شديد الاخلاص لوطنه وشعبه، يكرس نفسه وثقافته  لموضوعات عراقية اشكالية، وقد عرف عنه ان اطروحته  في الدكتوراه لم تناقش ولم يبد اي واحد من اعضاء لجنة المناقشة اية ملاحظة عنها لانها قد استوفت جميع ما ينبغي ان تستوفيه، وانها استكملت اغراضها ولم تعد بحاجة الى سؤال وجواب واخذ ورد.

 

1. ان الدكتور فاضل حسين يمثل العراقي المثابر الدؤوب القادر على مواجهة التحديات والانتصار عليها، فقد دخل المدرسة وهو في سن كبير، واستطاع ان يواصل دراسته وان يتفوق، وان ينال اعلى الدرجات في حياته العلمية، وهو اضافة الى ذلك من وسط يغلب عليه الطابع الريفي، ولكنه لم يستسلم لهذا الوسط وحقق اروع وافضل المواقع العلمية في حياته الاكاديمية، وقد عرف عنه انه دخل المدرسة متاخرا، ولكنه واجه المصاعب والمعوقات ودخل الدراسات وحصل على افضل المواقع العلمية، والحقيقة  ان ابناء المناطق الفلاحية كانوا يعانون من اوضاعهم، ومما يفرض عليهم من حرمان، ويعد بروز هذا المؤرخ من صفوفهم ووسطهم الاجتماعي دلالة على حسن التعامل  معهم والقدرة على مواجهة التحديات والمعوقات ومحاولة بناء شرعية  دينية اجتماعية. 4. ان فاضل حسين لم يخضع دراسته ومؤلفاته لموضوعات عابرة، وغير مرتطبة بالواقع، وانما كرس جهاده لدراسة مشكلات العراق مثل مشكلة شط العرب ومشكلة شط العرب وغيرها، وقد عمل على التعريف بهذه المشاكل على الصعيد الدولي وله مؤلفات عن ثورة 14 تموز وعن حركة 41، والنفط واستخراجه وتسويقه، ومؤلفات  عن اوضاع العراق في الخمسينات والستينات.

 

طلبة وعلاقات

 

5. ان الاستاذ الدكتور الراحل حسين فاضل حسين لم يكن رغم اشغاله والتزاماته  دون علاقات، وانما كان يقيم افضل العلاقات مع زملائه وتلامذته، اذ كانت اغلب الاوراق التي قدمها الباحثون في الندوة التي عقدها قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة تدور حول علاقاته مع تلاميذه، فقد تناول الاستاذ الدكتور اسامة عبد الرحمن نعمان علاقاته الودية والمتواضعة مع تلاميذه، وحرصه على الحوار معهم، وان يعوا خطورة ما يحاك للعراق من مخططات، وما يتعرض لخسائر بسببها، وكان يمتلك اراء جريئة في وصف الحكام، وبلورة احكام معينة ودقيقة عن شخصياتهم. وتحدثت الاستاذة الدكتورة انعام مهدي علي السلمان عن المراحل الدراسية التي مر بها الراحل فاضل حسين مستنتجة من ذلك انه كان  طموحا وذكيا، وكان لذكائه يرشح للدراسات العليا دون وساطة من احد. ويضعه الدكتور ابراهيم المشهداني الى جانب ابرز المؤرخين العراقيين امثال صالح العلي وفيصل السامر والعابد، ويعد من المؤسسين للمدرسة العراقية في التاريخ ودراسة وقراءة التاريخ.

 

وتحدث الاستاذ الدكتور محمود عبد الواحد محمود عن بعض مؤلفات وافكار فاضل حسين مؤكدا انه كان يجذب الطلبة لدروسه، ويحفزهم على استيعابها وفهمها، وكان اضافة الى ذلك قد كرس نفسه ومؤلفاته لقراءة ودراسة التاريخ العراقي، وحتى مؤلفاته التي لم تتناول هذا التاريخ كانت قريبة منه في المنهج والرؤية واستنتاج ما يترشح منه من دروس وتجارب وتوجهات. ان الندوة التي خصصها قسم الدراسات التاريخية في بيت الحكمة عن المؤرخ الكبير فاضل حسين كانت من الندوات المهمة فقد كان من المقرر ان يشارك باحثان في الندوة التي عقدها قسم التاريخية في بيت الحكمة ان المؤرخ العراقي فاضل حسين هما الدكتور اسامة عبد الرحمن نعمان والدكتور خليل  ابراهيم المشهداني، ولكن الندوة التي عقدت في كلية الاداب- قسم التاريخ اتسعت لمشاركات اخرى، اذ تحمس الكثير لها ولموضوعها، ساهمت فيها الدكتورة انعام مهدي علي والدكتور محمد عبد الواحد محمود. وقد اتسمت الابحاث والمداخلات والمناقشات بروح عالية من الحميمية والحماس لان الجميع مجمعون على اهمية فاضل حسين واستحقاقه لاكثر من ذلك، ولان بعضهم من تلامذته، ومن الذين عاشوا معه اروع ما ينبغي ان تكون عليه العلاقات بين الاستاذ والتلاميذ.