المجتمع والأدب ظلال مشتركة

المجتمع والأدب ظلال مشتركة
التعليم السلوكي لدى بافلوف وأثره في الشعرية
نجاح هادي كبة
مابين النظريات الاجتماعية والثقافية والنفسية والنظريات اللغوية والادبية وشائج كثيرة، فقد تأسست البنيوية مثلا ضمن الاطار الفلسفي والنفسي لنظريات سابقة عليها، ذكر بول ريكور ان المدرسة البنيوية هي كانتية دون ذات متعالية.. لان قوام هذه الفلسفة انها تجعل من النموذج اللغوي نموذجا مطلقا بعد ان عممته شيئا فشيئاً بول ريكور، البنية والتفسيرية في كتاب اوزياس البنيوية، ص 253 نقلا عن كتاب اقنعة النص، سعيد الغانمي، دار الشؤون بغداد، 1991م، ص20 وينظر مرجعه.
وقد اثرت نظريات التعليم السلوكية والجشطالتية في النظرية البنيوية كما اثرت نظرية فرويد التحليل النفسي في الادب. وسأتناول فيما يلي اثر النظرية السلوكية او الترابطية في النظرية البنيوية وفي الشعر. التعليم السلوكي
النظريات السلوكية او الترابطية
ويرى اصحاب هذه النظريات ان نشوء التعلم كتعلم اللغة او الذكاء ونموهما لدى الانسان او الحيوان يتم نتيجة تقوية اواصر من الارتباط بين مجموعة من المثيرات ومجموعة من الاستجابات المنعكسة نتيجة تلك المثيرات، وبعبارة موجزة ان كل مثير للانسان او الحيوان يدفعهما بالضرورة الى حدوث اواصر استجابة من خلال الارتباط بين المثير Stimulus وبين الاستجابة Response ومن ارتباطهما يتعلم الانسان السلوك عن طريق الانعكاس الخارجي، ومن هذه النظريات نظرية العالم الروسي الفسيولوجي بافلوف اذ اجرى تجاربه على الكلب عام 1900م وقام بدراسة عملية الهضم عند طائفة من الكلاب المروضة في معمله ولاحظ ان الكلب يسيل لعابه حين يوضع مسحوق الطعام في فمه وهذا فعل منعكس طبيعي Reflex غير ان بافلوف لاحظ الكلب يسيل لعابه حال رؤية الطعام او رؤية الشخص الذي يقدم اليه الطعام او حال سماعه وقع اقدام هذا الشخص وهو قادم، ثم اخذ يقرع جرسا كهربائيا يسمعه الكلب قبل ان يضع المسحوق في فمه مباشرة، وتسمى عملية افراز الكلب اللعاب بطريق هذه الادوات بالفعل المنعكس الشرطي الذي هو بديل للفعل المنعكس الطبيعي هذا الارتباط بين المثير والاستجابة لدى الكلب قد تحول من علاقة طبيعية الى علاقة رمزية جديدة ليس بينها وبين المثيرات الطبيعية علاقة منطقية، ان هي الا ظهورها قبل المثيرات الطبيعية مباشرة، وقد استنتج بافلوف قوانين عديدة لاحظها من خلال تجاربه الاشراطية وهي لا تختلف كثيرا عن القوانين السلوكية التي استنتجها غيره من العلماء السلوكيين فيما بعد، وسيأتي تفصيلها فيما بعد ايضا.
وقبل ان نتطرق الى اثر التعلم السلوكي عند بافلوف على النظرية البنيوية، لابد ان نتعرف على علاقة اللغة بالتعليم السلوكي، لاسيما عند بافلوف.
1 ــ اثر التعلم السلوكي في اللغة
رأي بافلوف في عملية اكتساب اللغة
يرى بافلوف ان اكتساب اللغة عن طريق المثير الدال ــ الاشارة بلغة سوسير، كما ارى قارئ الذي يستدعي استجابة طبيعية او شرطية تحديد سمات المدلول بلغة سوسير من ناحية المعنى او اللفظ من خلال تفاعل الفرد مع البيئة عبر اشارات حية من المحيط البيئي، لاسيما المحيط الاجتماعي، وهذه المثيرات تصل عن طريق النهايات العصبية الحسية الموجودة على سطح الجلد الحواس بالتعبير المألوف وتصل الى مركز المخي المختص المنطقة الحسية المسماة بالمنظومة الاشارية الاولى اللغوية .
2 ــ ان المنطقة الحسية هي مجرد ادوات فلسجية او نوافذ مخصصة للالتقاط والاستقبال او تسلم التنبيهات الحسية المختلفة، وفيها يتم التعرف عليها يعني تتم الرؤية والسمع .
3 ــ وحينما تطور الانسان بايولوجيا تطورت معه حاستا السمع والبصر بأشتراك جهاز النطق الحالي منذ زهاء 50000سنة واصبح نقل تلك الانطباعات الحسية وتعلم اللغة او الكلام بواسطة المنظومة الاشارية الثانية المخية اللغوية .
4 ــ تقوم المنظومة الاشارية الثانية اللغوية فلسجيا على اساس المنظومة الاشارية الاولى المخية كما يقوم البناء على الارض، والمنظومة الاشارية الثانية اللغوية لاتتعامل او تتفاعل بشكل مباشر مع الاشارات الحسية الدوال بلغة سوسير من البيئة المحيطة وداخل الجسم عبر الحواس بل مع الاشارات هذه الاشارات من الكلمات التي تعبر عن تلك الانطباعات الحسية مشكلة اتساعا هائلا بسبب وجود اساس جديد للنشاط العصبي الاعلى عن الانسان، تجريد اشارات المنظومة الاشارية الاولى من ارتباطاتها الواقعية وتعميمها ايضاً. وهو المبدأ الذي يضمن توجيها لامتناهيا في علاقات الانسان بالبيئة الطبيعية والاجتماعية ويؤدي الى ارقى درجات التكيف، وهو ما يسمى بالاستجابة الشرطية والطبيعية وان المنظومة الاشارية اساس متين في تكوين الفكر والادراك عبر اللغة وكمثال على التجريد والتعميم كلمة كرسي التي هي تجريد لكلمة الكرسي المادي وهي تعميم في الوقت نفسه تنطوي على الصفات المشتركة الموجودة بين جميع انواع الكراسي التي يتعذر حصرها، معنى هذا ان كلمة كرسي و حصان و رجل وما اليها تعميم اشتق في الاصل من مقدار كبير من الكراسي والخيل والرجال وهو مما استفاد منه سوسير ــ برأيي كقارئ ــ في تحديد معنى الاشارة ــ الدال والمدلول وعلى الرغم مما وصفت به نظرية بافلوف كونها ميكانيكية لا جدلية، الا ان كان لها فضل كبير لاسيما في مجال اكتساب اللغة وان قبلت من الوراثيين بصرامة، وقد اثرت هذه النظرية و في جانب مهم من النظرية البنيوية ــ كما مر سابقا وكما سياتي توضيحه في طبيعة الاشارة اللغوية عند سوسير
1 ــ عرف سوسير العلامة في ضوء مبادئ الاشتراط عند بافلوف والسلوكيين من خلال الارتباط بين الدال والمدلول وهي عنده مركب ثنائي من دال ومدلول، وكلاهما نفساني بطابعه ياكوبسن، رومان، قضايا الشعرية، ت محمد الولي ومبارك حنون ــ دار تو بقال للنشر، المغرب، ط1 ،2004م، ط1»1988ن،ص، نقلا عن اتجاهات الشعرية الحديثة، يوسف اسكندر، ط1، 2004م، دار الشؤون بغداد،ص170» وينظر مصدره.
وقد اعتبر سوسير 1857 ــ 1913م المدلول صورة نفسية مرتبطة بالدال، فما ان يحضر الدال حتى يحضر مدلوله في الذهن، وهذه الصفة الترابطية بين الدال والمدلول مضبوطة اجتماعيا وعرفيا اتجاهات الشعرية الحديثة» م.ن،ص 170» ويؤكد سوسير استفادته من علم النفس العام وعلم النفس الاجتماعي، ونظريات التعلم السلوكية هي جزء من علم النفس العام، ويقول سوسير ويمكننا ان نتصور علما موضوعه دراسة حياة الاشارات في المجتمع، مثل هذا العلم يكون جزءا من علم النفس الاجتماعي وهو بدوره جزء من علم النفس العام، ساطلق عليه اسم الاشارات Semiolyogy …
وتقع على علماء النفس مسؤولية تحديد الموضع الدقيق لعلم الاشارات فردينان دي سوسير، علم اللغة العام، ج3، ت د يوئيل يوسف عزيز، دار افاق عربية، بغداد، 1985م، ص 34 والدال والمدلول بلغة سوسير هما المثير والاستجابة الشرطية بلغة بافلوف وقد استنتج من خلال ارتباطهما قانون التعميم ــ كما مر سابقا ــ الذي يمكن برايي كقارئ توسيعه لينطلق المدلول من خلال الدال عبر تصور وصورة حسية او معنوية اخرى للمدلول وهي ليست العلاقة بين الاسم والمسمى التجريد .
2 ــ ان الاشارة هي علاقة اعتباطية بين الدال والمدلول وهي ليست علاقة استاتية بل دينامية متطورة فالاشارة غير الاعتباطية بين الاسم والمسمى تسمى بلغة بافلوف الاستجابة الطبيعية تقريبا .
3 ــ ان الاشارة تاتي من البيئة الاجتماعية وهو ما اكده بافلوف من خلال اهتمامه بالمحيط البيئي، والاشارة بالتالي ليست فردية كما يرى سوسير ــ
4 ــ والاشارة براي سوسير هي خطية، وتكتسب دلالتها ومعناها من النظام الذي تندرج فيه، وهو ما يسمى قانون التعميم عند بافلوف.
5 ــ لقد ميز سوسير بين اللغة والكلام فاللغة هي القوانين وهي وراء انتاج الكلام، اما الكلام فهو مستوى مفتوح وهو عصي على الدراسة، كما ميز سوسير بين الفوتيم والالفون، وبين المورفيم والالوروف، وهو ما يسمى بقانون التمييز عنتد بافلوف ــ وسياتي توضيحه ــ وقدتبني بلومفيد وجهة نظر السلوكيين ايضاً في كتابة اللغة عام 1933م، وفي هذا الكتاب يتطرق بلومفيد الى نظرية السلوكية في الوقائع اللغوية… وتختزل لومفيد وجهة نظره في اللغة بالاعتماد على طرفي المعادلة السلوكية في المثير والاستجابة بالصورة التالية
S r… s R حيث يمثل حرف S بصيغته Reatction أو Response اي الاستجابة او رد الفعل لكف الحروف الكبيرة تعني وقائع عملية خارج اللغة في حين تعني الحروف الصغيرة وقائع لغوية، وهو يمثل بقصته عن Jaek وجيل Jill فيفترض ان جيل كانت جائعة، اي ان عضلات بطنها كانت تتحرك بطريقة معينة، ثم اثرت الموجات المنعكسة من تفاحة راتها على عينها. وهذا يمثل الاستجابة بالحرف الكبير R لكن جاك كان معها، وهنا تحدث استجابة بديلة r وهو الكلام الذي ينتقل به جيل رغبتها في التفاحة الى جاك، ويعتبر هذا الكلام مثيرا بديلا s فيتسلق جاك الشجرة وياتي بالتفاحة، وهذه استجابة فعلية R لمثير كلامي..
النحو العربي والدرس الحديث، دار النهضة العربية، بيروت 1979م، ص39 نقلا عن كتاب اقنعة النص، سعيد الغانمي دار الشؤون، بغداد 1981م، ص22 وينظر مصدره،.
ومن قوانين النظريات السلوكية او الترابطية لــ
2 ــ اثر التعلم السلوكي في الشعر
ــ التعلم السلوكي ــ
أ ــ قانون الانطفاء ويتلخص هذا القانون ان المثير الشرطي اذا تكرر ظهوره من دون ان يتبعه المثير الطبيعي من ان لاخر تضاءلت الاستجابة بالتدريج حتى تزول قاطبة، فالطفل الصغير لاتبدو عليه امارات البشر ان تكرر سماع صوت امه من دون ان تحضر الى جانبه، وصفارات الانذار لاتخيفنا وان لم تقترن مباشرة بالقصف
ــ اثره في الشعر ــ
وفي الشعر فان المثير.. لدى الشاعر يتضاءل حتى يتلاشى بالتدريج، لعدم وجود التدعيم وهو التركيب اللفظي والفكري عند الشاعر ولم تسعف الشاعر موهبته لان يعبر عن استجابته بالشعر اذ تعوزه وقتئذ رسم الكلمات والافكار، كقول الشاعر سعدي يوسف
للنساء اللواتي يرحن ويغدون في حجرة يتحدثن عن ميكائيل انجلو.
للنساء اللواتي يطالعن اثوابهن ويلبسن قبل المساء الكتب
للنساء اللواتي يداومن في التوكالون..
للنساء…
للنساء…
دير الملاك، د. محسن اطيمش، وزارة الثقافة والاعلام، الجمهورية العراقية، بغداد، 1982م، ص256، نقلا عن ديوان نهايات الشمال الافريقي، ص 33 .
فان المثير الدال النساء قد اخذت استجابته المدلول تتلاشى حتى اضمحلت واعتقد ان هذا التضاؤل في الاستجابة راجع الى نضوب موهبة الشاعر لتكرار النسق النساء…
ــ التعليم السلوكي ــ
ب ــ قانون التدعيم وهو تقوية الارتباط بين المثير والاستجابة ومما يدعم الاستجابة ويثبتها ويميل بالفرد الى تكرارها واختيارها من دون غيرها من الاستجابات هو ان يصحبها ما يرضي دافعا عند الفرد ويكون ذلك بمثابة اثابة للفرد
اثره في الشعر
او مكافئة له، والامثلة في ذلك كثيرة فهناك المطولات في الشعر العربي منها مطولة الزهاوي الملحدة ثورة في الجحيم التي تجاوزت اكثر من اربع مئة بيت ومنها الفية ابن مالك التي نظم فيها قواعد النحو العربي في الف بيت..
ومن خلال ما تقدم تتضح قوة الارتباط بين قانوني التعديم والانطفاء وان احدهما يكمل الاخر، ومثال التدعيم في الشعر العراقي المعاصر واعتماد الشاعر على الاسطورة والقصة والحكاية والرمز والقناع اذ شاعت الاسطورة في شعر السياب في حي شاع الرمز والقناع في شعر البياتي
ــ التعلم السلوكي ــ
ج قانون التعميم لوحظ ان الكلاب تستجيب بافراز اللعاب في اول الامر للمثيرات جميعا التي تشبه المثير الشرطي من بعض الوجوه فالكلاب التي تعلمت ان تسيل لعابها عند سماع صوت الجرس يسيل لعابها عند سماع وقع اقدام المجرب، والفتاة اذا رات في الشخص المتقدم للزواج منها ما يشبه خلقه خلق ابيها او اخيها.. يحدث عندها التردد في الزواج من هذا الشخص..
ــ اثره في الشعر ــ
وقد عمم السياب المراة المومس العمياء في قصيدته انشودة المطر اذ اعتمدها السياب كموقف شمولي، وليس كقصة امراة سقطت في الوحل، والنظرة الفاحصة الى القصيدة كموقف موحد وشامل تؤكد ان المومس العمياء هي صرخة اجتماعية، وموقف سياسي قبل اي شيء اخر، وهي ادانة لفكرة الاحتلال والغزو التي تشيع في القصيدة كلها
والله ــ عز الله ــ شاء
ان تقذف المدن البعيدة والبحار الى العراق
الاف الاف الجنود ليستبيحوا في زقاق
دون الازقة اجمعين
تلك الشقية ياسمين
اذن فان صورة الغزاة لم تبرح ذاكرة الشاعر، وصارت محورا تقوم عليه القصيدة، بل ان بعض اشخاصها وان بدوا بعيدين عن الغزاة او المحتلين كالاقطاعي قاتل ابي الفتاة المومس الا انهم ينتمون بشكل او باخر الى عالم الاحتلال والغزو الذي… يخلق حكاما عملاء واقطاعيين جبابرة، يملكون الارض والمال الذي هو من عظام العبيد.
من هنا تصير الطيور المذبوحة كاثداء العجائز صورة شعرية ذات دلالة عظيمة، وذات طبيعة شعرية بالغة الخطورة وبدونها سيبدو المقطع باهتا غير مثير، لان الصورة هنا تحولت الى جزء فاعل ومؤثر في الموقف الفكري للشاعر، وغدت هي المضمون وهي الفكر دير الملاك، م.ن، ص270 ــ 271 .
ومن هنا يتضح أن السياب قد عمم المثير المومس العمياء على موقف فكري أي انطلق الشاعر من مثير ذي استجابة بيولوجية طبيعية إلى مثير بديل ذي استجابة فكرية عامة ــ اصطناعية ــ شرطية بالمفهوم النفسي و ــ رمزية ــ بالمفهوم الازلي.
التعلم السلوكي
ــ قانون التمييز لوحظ ان المجرب عن طريق تدعيم الحيوان الكلب بمسحوق اللحم يحصل على استجابة طبيعية وعين يسمعه صوت الجرس أو غيره يحصل على استجابة شرطية الا انه لاحظ ان استجابة الحيوان الشرطية للمثيرات الشرطية تختلف، فوجد أن الكلب يسيل لعابه بكمية أقل حين يسمع نغمة ترددها 800 في حين ان كمية اللعاب السائل تزداد عند سماعه نغمة ترددها 812 في حين تزداد اكثر حين يسمعه نغمة ترددها 825 وكذلك الانسان فان استجابته للكلام المعسول غير استجابته للكلام الصادق، اذ يميز ذلك من خلال فلتات اللسان الشعورية واللاشعورية.
وفي قصيدة جيكور امي 1963م ، التي نظمها في لندن، نلاحظ ان السياب قد حول جيكور من مثير طبيعي الى مثير شرطي واسقط عليها كل ما في داخله ايام صباه الاستجابة الشرطية من حنين الى احلام حياته الماضية في تلك المدينة التي تلبسها من خلال امه بكل المثيرات الشرطية والطبيعية الازهار، بويب، الماء، الترابا، اعشاش الطيور اللواتي يعبرن السطوحا، هالة، وفيقة، ام اقبال، وعرف السياب بدقة كيف يميز تلك المثيرات عن بعضها واعطى اعلى لكل مثير من هذه المثيرات استجابة نفسية بوحدة موضوعية رائعة، فكانت جيكور تتميز بوظيفتها وفعلها بأن اصبحت في ذهن السياب هي الماء والتراب وبويب وهالة ووفيقة وام اقبال… وكانت تلك المثيرات والاستجابات تنفتح وتنغلق بعضها على بعض حتى أصبحت القصيدة بنوراما ملونة بفيسفاء جميلة وكان الارتباط الشرطي في وعي الشاعر ولا وعيه يعكس ما اندس في عقله الباطن من النكوص الى حنان الام الذي فقده السياب ايام طفولته اذ اختطف الموت امه القدر الالهي ووجد في جيكور البديل الرمزي لامه بما فيها من صور جميلة ماؤها وترابها وطيورها وفخارها فصارت جيكور جزءاً من امه بل هي كلها هذا التمييز لجيكور ما جعلها عنواناً للقصيدة، يقول
تلك امي، وان اجئها كسيحاً
لاثماً ازهارها والماء فيها، والترابا
ونافضاً بمقلتي، اعشاشها، والغابا
تلك اطيار الغد الزرقاء والغبراء يعبرن السطوحا
اذ ينشرْن في بويب الجناحين كزهر يفتح الافوافا
ها هنا، عند الضحى، كان اللقاء
وكانت الشمس على شفاهها تكسر الاطيافا
وتسفح الضياء
كيف امشي اجوب تلك الدروب الخضر فيها اطرق الابوابا؟
اطلب الماء فتأتيني من الفخار جرة
تنضح الطل للبرود الحلو.. قطرة
بعد قطرة
تمتد بالجرار لي يدان تنشران حول رأسي الاطيابا
هالتي تلك، ام وفيقة ام اقبال
لم يبق لي سوى اسماء
بدر شاكر السياب، المجموعة الكاملة، تقديم ناجي علوش، ص339 ــ 341، ب.ت، ب.م .
ــ التعلم السلوكي ــ
هـ ــ قانون الاستتباع دلت التجارب على الحيوانات ان المثير الشرطي ينتقل اثره الى مثير آخر يسبقه فالضوء الذي يشعر الكلب بقدوم الطعام يسيل لعابه أيضاً
ــ اثره في الشعر ــ
كالجرس، وفي قصيدة جيكور امي استتبع ظهور المثير الشرطي جيكور ظهور مثيرات كثيرة منها بويب، هالة، وفيقة، ام اقبال.. وكانت عبارة عن مثيرات شرطية معززة للارتباط بين المثير والاستجابة.
المراجع العامة
1 ــ ابو حطب، فؤاد وآمال صادق، علم النفس التربوي، الناشر المكتبة المصرية، ط1، 1977م.
2 ــ جعفر، د. نوري، طبيعة الانسان في ضوء فسلجة بافلوف، ط2، الحلقة الثانية، بيروت، 1978م، الناشر مكتبة التحرير، بغداد.
3 ــ ــــ ، ـــــ، اللغة والفكر، الرباط، المغرب، 1971م.
4 ــ دي سوير، فردينان، علم اللغة العام، دار آفاق عربية، بغداد، 1985م، جـ3.
5 ــ راجح، د, أحمد عزت، اصول علم النفس العام، ط6، 1962م، الاسكندرية.
6 ــ الغانمي، سعيد، أقنعة النص، دار الشؤون، بغداد 1991م.
7 ــ كبه، د. نجاح، مقاربات بين اللغة وعلم النفس، عمان، الاردن، مؤسسة الطريق للتوزيع والنشر، 2006م.
د. نجاح هادي كبه
/4/2012 Issue 4166 – Date 5 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4166 التاريخ 5»4»2012
AZP09