المجالس وإمكانية التغيير – جاسم مراد

المجالس وإمكانية التغيير – جاسم مراد

د – التجربة التي انتهت اليها مجالس المحافظات لم تكن مرضية ، بل إنها شكلت خيبة أمل للمجتمعات العراقية في كافة المحافظات ، وأكثرها سوءً في الوسط والجنوب ، فهذه المجالس عبرت بتركيباتها السياسية وتنافساتها الانتخابية وتطلعاتها للسيطرة والاستحواذ ، عن تركيبة وسياسات وأفكار واديولوجيات الأحزاب والكتل والكيانات السياسية ، فهي فشلت بامتياز في العلاقة مع الجماهير ، وتراجعت بامتياز عن اهافها في تقديم الخدمات للناس ، وتحولت بامتياز الى افراد ومجموعات كتلوية تعطي المعلومة لهذه الشركة الفاشلة ، وتغمض عيونها عن الشركات الفاشلة ، وتعزز أدوارها في البزنس بينها وبين الفاسدين ، بالطبع هذا الوضع وتلك الحالات لا شمل كل الافراد ، ولكن هذا هو الطابع العام لدى الجماهير العراقية اتجاه مجالس المحافظات .

المسألة هنا ليس في مشروعية دور المجالس في إمكانية النهوض بالواقع الخدمي والبنيوي والصحي والتربوي والاجتماعي ، وإنما الخلل الحقيقي في ابتعاد القوى السياسية في محاسبة الذين ينحرفون عن دورهم وفي تنفيذ برنامج المجالس التي أسست على ضوءه ، بل المسجل في ذاكرة المجتمع بأن المجالس محمية من تلك القوى السياسية ، ولم يشاهد المواطن العراقي يوما من السنين الفائتة أن فصيلاً سياسياً   قد حاسب ممن ينتمون اليه من أعضاء المجالس بسبب عدم الكفاءة أو الانحراف عن مهماته أو الفساد أو غير ذلك ، بل انهم محميون مهما جرى ووقع ، لو كان الامر غير ذلك ، لما جرى اتساع وتنوع التدافع العشائري في العديد من المحافظات وادى الى الكثير من القتلى والجرحى وفي تدهور البنى التحتية وتراجع حقيقي في كافة دوائر تلك المحافظات ، في حين كان من المفترض أن يكون من أولى واجبات تلك المجالس هو الارتقاء بالوعي المجتمعي وتعزيز اللحمة بين مكوناته وفصائله المجتمعية ، وهذا لم يحدث ، وعندما تخرج المجالس عن هذه المهمات ، فإنها يقينا تذكرنا بتحول تلك الكيانات الى ما كان يحدث في العهد السابق للنظام الذي انتهى من تحول منظماته الى جهد استخباري يلاحق الناس على الموقف والكلمة وبالتالي سقط دون الشعور الجمعي للناس بالأسف عليه .

الان ونحن نقترب في هذا العام من انتخابات المجالس ، نأمل ان تحصل إمكانية التغيير ، وان تتصرف القوى السياسية التي ترشح عناصرها لهذا الموقع بعقلية الحرص على تنفيذ البرامج وأن يكون المرشح مؤهلاً للعب الدور البناء في محافظته وينتقل بها الى ما تستحق في البنى التحتية وفي الصحة والكهرباء وتبليط الشوارع وإيجاد فرص العمل للشباب وتشغيل المتعطل من المعامل وتحقيق نقلات نوعية في التربية والمدارس وهندسة العمل لواجهات تلك المحافظات التي أصبحت بسبب الإهمال اشبه بالقرى المنسية ، والأكثر من ذلك أن تلتزم ببرنامج الحكومة في خدمة المجتمع وتطوير المدن والاحياء وان تكون حريصة التنفيذ وصيانة وحماية المال العام .

إن لم يجري التغيير في الأشخاص المجربين بالفشل ، الى اخرين يستوعبون التجربة ويتركون مقاعد الاسترخاء الى ميادين العمل فأنه لا قيمة لتجربة أو مؤسسة اسمها مجالس المحافظات ، كذلك على مجالس المحافظات ، والمحافظين ترك انشودة لا نستطيع العمل بسبب قلة التخصيصات ، فالتخصيصات الان مهمة ومجزية لا تعطي سبباً لحالة البؤس التي تعيشها المحافظات ، ورغم ذلك نقول هل هناك سبباً في الحلة مثلاً وفي قضاء الحمزة تحديداً هناك شارع لا يتعدى الكيلو ونصف الكيلو لا تستطيع السيارات المرور به  بطريقة سلسة نتيجة تكسر الشارع وكثرة الحفر لو وضعوا فيه التراب بدلا من القير لهانت الأمور على الناس وسواق السيارات ، إذن القضية لا تتعلق بالتمويل رغم أهميته لكن الامر يتعلق بالحرص والإخلاص الوطني وبالهمة ، ناهيك عن مداخل تلك المدن والمحافظات البائسة فعلياً ، وهنا نسأل أعضاء مجلس النواب المرشحون من تلك المناطق ماذا يفعلون وماهي واجباتهم ، المهم نحن بحاجة الى وثبة ثورية في العمل والإخلاص لبناء وتطوير عراق يستحق التضحية ونكران الذات .

مشاركة