المتقاعد ومذلة تالي العمر – سعد جهاد عجاج

المتقاعد ومذلة تالي العمر – سعد جهاد عجاج

كان يصول ويجول وتزهو له الدنيا وله من البطولات ما لا يعلم عددها الا الله فهو مرتاح البال بما يمتلك من رصيد مالي شهري يناور به ويصارع صعوبات الحياة فتارة يغلبها وتارة تغلبه لكنه في كل الاحوال مرتاح البال لانه قد كيف نفسه على وتيرة واحدة ونمط معيشة واسلوب حياة ومصروف معلوم وخزين زايد خير. قضى سنوات خدمته الـ 30 وافنى عمره في خدمة الوطن والدائرة التي يعمل بها ويتقاضى اجره بكل اريحية واذا به يتحول الى حال لم يخطر على البال. الاحالة على التقاعد انه الكابوس الذي يؤرق جميع الموظفين لان الاحالة تعني بداية الماساة ورحلة المعاناة الشاقة طويلة الامد. في كل الانظمة المحترمة والتي تحترم الانسان فان الاحالة الى التقاعد هو تكريم للموظف على سنوات الخدمة الطويلة براتب يضمن له حياة كريمة، الا اننا في العراق نهين الموظف حين احالته للتقاعد. نبدا بقطع الراتب المفاجيء دون النظر الى الوضع المعيشي ونتحول الى الهرولة نحو انجاز المعاملة وبراءة الذمة ثم ننتظر لعدة اشهر لاصدار الهوية التقاعدية ثم ننتظر امر الصرف بعد ان خارت قوى المسكين وهو يلهث وراء فتات التقاعد الذي بالكاد يسد رمقه او يعالج امراضه او من يعول. في تلك اللحظة التي يستلم فيها المتقاعد راتبه الاول يعيد شريط حياته ويستذكر سنوات خدمته الطويلة ويندب حظه ان افنى عمره ليُرَد بعد ذلك الى ارذل العمر بفتات لا يسد حاجته. على الحكومة والدوائر ان تعالج هذا الحال وتحفظ كرامة الانسان في سنوات حياته الاخيرة من خلال زيادة الراتب التقاعدي ليكون مجزيا مع الايعاز للدوائر بانجاز المعاملات التقاعدية واصدار الهوية قبل سنة من الاحالة للتخفيف عن كاهله وتكريما له، والا فان العملية لا تتعدى ان تكون اذلال لمن تقدم بهم العمر!

مشاركة