المتقاعدون مظلومون دائماً

بروين حميد مجيد

للأسف كان يتوسمون خيراً وهم ينتظرون منذ وقت، خبر زيادة في رواتبهم، وتعويضهم عما لحق بهم من ظلم وحيف في قرار ارتجالي لم يخطط له ولم تدرس جوانبه وتأثيراته، سُرحوا عنوةً في مشهد مقيت خلف وراءه اكثر من ٢٥٥ ألف عائلة كانت قد خططت حياتها ومساراتها وفقاً لما يتوفر في يدها، لتصبح هذه اليد خاوية في غفلة زمن،
قبل أكثر من ٣ سنوات وتحديداً نهاية العام ٢٠١٩ اتخذ مجلس النواب قراراً صوّت بالإجماع عليه بتسريح واحالة ٣ مواليد مرةً واحدة إلى التقاعد دونما أية مبررات قوية له، قافزاً على سن التقاعد الذي يقضي ب ٦٣ عاماً للإحالة، واستبداله ب ٦٠ فقط، والأدهى أن تفسير ال ٦٠ عاماً فصلت على امزجةٍ وتفسيراتٍ تقضي بالإحالة عند دخول سن الستين وليس عند استكماله، وبهذا يكون القائمون على القرار قد اصطادوا عاماً آخر من حياة شريحة المتقاعدين لتكون ٤ سنوات بالأكمل،
ومنذ ذاك الوقت وهذه الطبقة التي أفنت العمر وهي تقدم جهدها وخدماتها إلى الدوائر والتشكيلات الحكومية المختلفة، تعيش أدنى المستويات المعيشية في ظل راتب تقاعدي لايوازي كل خدماتهم ولا سوق يخضع لمضاربات المضاربين بأسعار العملة لاهم لهم سوى التكسب والربح الفاحش مقتاتين على تضور هؤلاء وباقي أبناء الشعب جوعاً وقهراً وحاجة…..
ابتدأت المطالبات بتحسين رواتبهم وزيادتها من أجل الإيفاء بالتزاماتهم تجاه عوائلهم وأنفسهم في وقت يعاني الكثير منهم امراضاً مزمنة لايقوون على شراء أدويتها حتى،
كان الجميع بإنتظار قرار وتعديل لذاك القانون الجائر… لكنهم تفاجأوا أمس بما سمعوا وشاهدوا من من حزمة الإصلاحات التي ظن القائمون على الأمر انها إصلاحات ستزيل عن كاهل المتقاعدين أعباء الحياة وأثقالها،
فإذا بقرارات تفتقر إلى أدنى مسؤولية وحكمة ورؤية فاحصة لما يجري وكيف تسير حياتهم وماهي متطلبات حياة كريمة يتحتم ان تحياها تلك الطبقة، فبدلاً من  زيادة الراتب، أصبح هناك ٥٠٠ الف مكافاة مع كتاب الانفكاك وتخفيض أجور النقل الجوي بنسبة ٢٥٪ في وقت اثق جيداً بأن الاغلبية منهم ليس باستطاعتهم مراجعة طبيب محلي وليس خارج العراق، وكان من بينها تسهيل اجراءآت معاملة التقاعد وقبل ٦ أشهر وهم يوقنون بأن الروتين القاتل هو سيد تمشية المعاملات في كل دوائر الدولة، أما قطعة الأرض التي تحدثت عنها الإصلاحات فهي جاءت متأخرة جداً في وضعهم بعد التقاعد فلاعمر يسعفهم  ولاصحة تعينهم، ولا مورداً مالياً يكفيهم للشروع بالبناء، وفوق هذا وذاك اقول هي كلمة والتنفيذ متى؟؟ ونحن نعيش زمناً تكثر فيه أحاديثهم ولم نرَ تنفيذاً،
قد يعيب البعض عليَّ الإطالة والإسهاب، لكني أقول بأن رسالتي الصحفية تحتم الإمساك بأطراف ثوب الحقيقة من كل جوانبه، لأقدمها ناصعة لامأرب فيها سوى خدمة الآخرين،
وأضع سطوري هذه في مرمى القائمين على الأمر والمسؤولين وصناع القرار علّها تفتح منفذاً قابلاً للإصلاح الحقيقي لصون كرامة شريحة المتقاعدين والأخذ بيدهم الى شواطئ حياة كريمة لاعوز يعلوها ولاحاجة ترديهم قهراً وحزناً.
مشاركة