قيس الدباغ
الله والوطن مفردتان قد يظن البعض أنهما متناقضتان ،والواقع أن الشرائع السماوية الإلهية ماجاءت إلا لحفظ ورعاية الإنسان وحفظ بيئته وتمتد إلى رعاية الأسرة ثم العناية بالمجتمع ككل وأن الرسالات تحض وتدفع بقوة على التفاهم والتعاون والتعارف والانسجام بين شعوب الأرض قاطبة وأحلى مقولة قرأتها عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب البشر صنفان اما أخ لك بالدين أو نظير لك بالخلق حقا مقولة رائعة تلخص رسالة السماء أعظم تلخيص وقد اعطتني امراءة عجوز تجاوزت 75 سنة درسا رائعا في الوطنية حيث أن إذا عاشت الأوطان بخير فإن الأرض كلها ستعمر بالصلاح قاطبة ولم ترد كلمة وطن في الرسالات لأنها على ما اعتقد أن هذه المفردة حديثة على لغتنا وكان يستعاض عنها بمفردة البلد والبلاد وهي مترادفة متطابقة مع الوطن نعود للعجوز التي كانت ترتدي العباءة العراقية وتمشي الهوينا تقودها ابنتها وكنت أسير خلفهما في طريق ترابي على حافة نفق سنحاريب في الموصل حيث تعج الأجواء بأصوات محركات عجلات العمل وصخب العمال وقد تقدم العمل بنسبة إنجاز جيدة، توقفت العجوز قليلا فسألتها ابنتها( ها يمه تعبتي ) أجابت العجوز لا يمه ولكن ماهذا الضجيج وأين نسير نحن أجابت الابنة يمه هذا نفق سنحاريب يتم العمل به لغرض تخفيف الازدحامات المرورية ابتسمت العجوز وطلبت من ابنتها التقرب من حافة النفق لترى بعينها ولما كانت حافة النفق مسيجة بسور كونكريتي لم تخشى الابنة على امها فقربتها من الحافة لتطلع على مايجري تحتها من أعمال مدت العجوز رأسها وفتحت عيناها بكل طاقتهما ثم علت وجهها ابتسامة فرح غامر وعدلت من عبائتها المسدولة على رأسها ورفعت يداها إلى السماء وصاحت بصوت جهوري جمعت كل قواها لتخرجه وقالت يمه مبارك مبارك عالعراق مبارك عالعراقيين اللهم أحفظ العراق واحفظ أهل البلد وكل بلاد العالم، حاولت أن اسعل قليلا لأجذب انتباه العجوز ولما نظرت إلي تبسمت في وجهها وقلت يمه هو نفق 80 متر وليس برج إيفل أجابت ياولدي هذا النفق سوف يخدم الخلائق ويخفف عنهم وهي طابوقة وبعدها طابوقه المهم النوايا الخالصة والله ياولدي تعبنا من الخراب والدمار والحروب ويسقط فلان ويعيش فلتان وهذا للجنة وذاك للنار دعهم يبنون ويعمروا البلاد وشرعت تجر قدميها المتعبتين وهي تدعوا من الله بالخير والصلاح واليمن والرخاء حقا هذه المراءة اعطتنا درسا رائعا بالانسانية والرقي ودرسا بالوطنية الخالصة التي غادرت عقول وقلوب السياسين من غير رجعة ، غادرت الموقع سريعا وتوجهت إلى إحدى دوائر الدولة سمعت المراجعين يلعنون يوم ولادتهم ويوم مراجعتهم لأحد تلك الدوائر، حبذا لو تعلموا من العجوز درس الوطنية ودرس الرسالة الإلهية، واسمعت لو ناديت حيا.