إنه في تايلاند، كهف للمتعة والاستكشاف تحول في ساعة الى كابوس وشبه مقبرة ، لكن السلطات التايلاندية نجحت في أول عملية إنقاذ للأطفال المحاصرين في كهف مغمور بالمياه منذ أسبوعين، تم إخراج أربعة منهم حتى الآن ونقلهم إلى المستشفى فوراً.
وهؤلاء كانوا في فريق كرة قدم مدرسي مكوّن من اثني عشر صبياً ومدربهم، حاصرتهم المياه داخل الكهف بسبب هطول الأمطار المستمر والارتفاع السريع لمنسوب الماء ، فلجأوا الى صخرة يعيشون عليها منذ أسبوعين ، يصلهم في أعماق تلك الظلمات الأطعمة وقناني الاوكسجين والمستلزمات الطبية ومتاح لهم بريد الرسائل الورقية التي تخرج من ارساليات الغذاء والطلبيات ، فيطمئن الآباء والأمهات على أبنائهم ويتبادلون النكات والطرائف معهم لرفع روحهم المعنوية.
متطوعون في أنحاء العالم وصلوا الى ذلك الكهف للإسهام في الانقاذ بالرغم من إنّ تايلاند مسيطرة على الوضع .
كانت لنا في العراق وسوريا كهوف ، ولا تزال البيوت الخائفة كهوفاً لأهلها تجنباً للقذائف والصواريخ. بيوت همدت فيها الارواح والاحجار ولا تزال الجثث تحت الانقاض ، كما في الجانب الأيمن من الموصل ، هناك مات الناس لم يفكر أحد بانقاذهم إلا عبر ابادتهم ، لم يتوصل العقل العسكري في حينها الى وسيلة لرمي الخبز والدواء ، حتى لو وقع في يد الارهاب . وهل يحتاج الارهابيون الفتات، و
كانوا قد قضموا ثلث العراق بثرواته وناسه وتاريخه .؟
من يضمن للباقين على قيد حياة السجلات الانتخابية في العراق أن لا تشملهم موجة موت جديدة تحت عناوين أخرى؟. لا توجد ضمانات لأهالي المدن المدمرة ولو واحد بالمليون، لكن مصائبهم في لملمة الجراح تجعلهم لا يقرأون ولا يعرفون ما يحدق بهم مجدداً، مادامت اسباب الخراب الأول مستمرة بثياب جديدة.
العالم يتلهف لانقاذ محاصري الكهف التايلاندي، ونفس العالم كان يرى موتنا داخل كهوفنا من دون أن ترمش له عين. في أي عالم نعيش؟ ومَن نحن حقاً؟ علينا ان نعيد اكتشاف أنفسنا.