الكليشة
صدر لي ديوان (عقيق من ركام القصائد) ، عن مطبعة تموز للنشر في سوريا ، ضم – 61- قصيدة تناولت شتى المواضيع ذات الإرهاص الملح ، التي تحاكي رغبات القارئ ، وقد تميز هذا الديوان ، عن غيره ، بليونة القصيدة العمودية ، وقدرتها على التنصل من هيكل الصلابة الذي افقدها كثيرا من القراء الذين حل لديهم المزاج محل الصبر! فلجؤا إلى الحداثة يطلبون منها متعة القراءة ، فلا تزيدهم الحداثة في معظمها المقروء إلا ضياعا وابتئاسا ، هذه الصلابة التي رافقتها لعدة قرون نجدها اليوم ذائبة في سيولة العقيق، حيث تجلى ذلك في البراعة في التقاط الصورة الشعرية ، ووحدة الموضوع ، وانتعاش القصيدة بلغة شعرية حديثة ، وهذا ماوفر للديوان أو القصائد أن تدخل النفوس من بوابة السحر اللاشعوري ، فكان للعفوية التي جاذبتها الدور الأكبر في تقريبها من فهم المستويات الثلاثة : الأعلى، المتوسط ، الأدنى، ومما يذكر أن هذا الديوان تميز بطريقة عرض تأليفية رشيقة ، راعت مزاجية القارئ ، وشدة نفرته مما يطرح في المشهد الكتابي منذ حين ، بتسمية الكتاب الفارغ ، أو ثقيل الظل، والميزة الأخرى التي حاول أن يحققها الكتاب، كبصمة مميزة هي أن القصائد قدمت بمقولات مستنبطة من بديهية الشاعر النثرية ، وهو اسلوب لم يتبعه المؤلفون من قبل والميزة الأخرى لهذا العقيق هي انه تمتع بخمسة حصون منيعة ، لايمكن للقارئ أن يتجاوزها إلا بعد أن يأخذ أذنا ، من (القيادة المركزية)للعقيق، هذه الحصون هي مقدمات متسلسلة وفق منهج مدروس ورصين ، وهو اسلوب من النادر أن يخضع لتطبيق سابق ، هذا فضلا عن البراعة المتميزة التي تشير إلى قدرة المؤلف (قدرتي) في اختيار عناوين لافتة للنظر ، قامت على فلسفة التوفيق بين العنوان والمضمون ، ويذكر أن الشاعر موسوعي الكتابة ، يتدفق معينه بمختلف النصوص الأدبية الرفيعة ، كالقصة القصيرة ، والقصيدة الحرة بنوعيها التفعيلة والنثرية ، إضافة إلى، كتابة عشرات المقالات في شتى العناوين والمضامين والميادين.
إن السمة الشاهدة لهذا الديوان وما قرئ لهذا الشاعر ، هو انه كتب منطلقا من قضية ، أزمة كتاب، وأزمة موضوع ، وأزمة تجديد ، وأزمة ريادة ، وأزمة نقد ، وأزمة وضوح ، وأزمة بديل كالأصيل ، أو أفضل منه ، وأزمة تهديف على مركزية الكلمة المخطوفة، وازمة امرئ القيس ، والبحتري ، وأبي تمام وغيرهم من الذين نبحث عن بدلائهم فلا نجدهم.
والميزة الأخرى لهذا الديوان انه احتوى على ربط بارع بين مجريات القصيدة والواقع ( إشارة إلى جراح العراق) التي مازالت تتكلم على فم القصائد ، حيث خصص الشاعر ، وبحسن تخلص موفق مقطعا شعريا ينعى دماء العراق ، ويحيي قداسته ، كما تميزت كتابات هذا الأديب( الديوان) ، بقدرتها على التخلص من مشكلة التمحور والتعصب، والتكتل الكتابي، والتزامها جانب الحيادية ، وعدم الانسياق وراء الشبهات المضللة .. ولك بعد ذلك الخيار في الصياغة التي تراها ن فهذه خطوط عريضة ، فيها أكثر من سكة للمسير ، وفقنا الله تعالى جميعا بما يحققه مرضاته.
رحيم الشاهر – كربلاء
AZPPPL