الكتابة عن ..
تندرج الكتابة عن بحسب المفهوم الاصطلاحي لموسوعتي الكتابية (ر-ش- مصدرا، ومرجعا وباحثا) في قائمة الكتابات النقدية والبحثية التقويمية ، وهي فن من فنون ما (اسميه كتابةالكتابة ، أو الكتابة التعريفية، أو كتابة الربط بين العنوان والمضمون، وبين المؤلف والتأليف)، أو الكتابة عن هوية النص الإعلامية، وهي عنوان كتابي له مختصون ، وأرباب حرفة، وسحرة كلمة، ومهدفون في شباك المعنى ،وله كذلك أقلام وأساليب، وطرائق وأمزجة، وفذلكات، وصولات وجولات، وله كذلك عابثون ومحاولون ومراؤون يبتغون شهرة، بشهرة مستعارة، ودابكون، ومطبلون على منضدة الإبداع علّ الآذان الصماء تسمعهم!، على أن السمة الغالبة على هذا الفن، انه يمارس من نقاد ومختصين، واقعا وافتراضا، ولقد أصبح مجال صدور الكتب، والمجاميع الجديدة، والمبرزون الجدد، هو المجال الاكثر استقطابا لهذا الفن الإمتيازي كما أصفه بفكرتي التنظيرية، فأصبح لدينا لكل مطبوع جديد كتابة عنه، ومما يلاحظ من باب النقد البناء.
أن معظم الكتابات (العنية) كما اسميها ، وقعت في فخ المجاملة على حساب الحق فتجد في مخاضها ألشبحي من يكتب عن شيء لاتتوافر فيه أدنى سمات النضج وملامح الإبداع مما يدل على أن الكاتب ، لم يستعن بالفراسة النقدية الاستنباطية، بما يمكنه تجنب هدر طاقته أمام منجز لاتتوافر فيه أدنى شروط الكتابة الأولية ، أو العنية وهذه الطامة سادت في كل أجيال الكتابة السابقة والحالية ، حيث لم تجد من يهمه البحث عن العملة النادرة، ونفض الغبار عن شذراتها ، وإنما هناك من يخوض في غمار خزعبلات كتابية فينتج لنا وليدا نقديا منغوليا كسيحا لايقوى على التناغم حتى مع صرير القلم الآني.
الكتابة عن .. تعد معيارا تقويميا عليه أن يتوخى النزاهة والعلمية والموهبة في التعامل مع الكتب والإصدارات الجديدة ، والخارقين الجدد!.
فنحن اليوم لانجد من يكتب عن كتاب ، وإنما في اغلبه من يكتب عن شخص بأسلوب مجاملاتي محض مما اضعف الثقة بهذا النوع الكتابي ، ولربما يتلمس البعض عذرا لهذا التدني ، لأن الحقيقة موجعة، وقولها أكثر وجعا، ولكن للنقد أخلاقياته غير القاسية، وللناقد أسلوبه المرن في توصيل الحقيقة إلى من يبتغيها ، بدون الحاجة إلى خدش إحساسه ، فالكتابة عن بحاجة إلى إعادة نظر في كل قواميسها واستكشافاتها ، ومغالطاتها استنادا إلى قاموس الكتابة عن المحايد.
ان هذا النوع من الكتابة ، أحوج مايكون اليوم إلى تفعيل عامل المبدأية الكتابية ليقدم لنا الكشف الحقيقي عن هوية المغيبين ويميز لنا الدخلاء من الأصلاء ، في عالم تتصارع فيه الأقلام والأفكار ، وترتفع فيه أسماء، وتتداعى أخرى نحو هاوية الاختفاء ، لدرجة أن الجمهور ومن يطلب الحقيقة صارا في حيرة من أمرهما ، إن الأمانة العلمية والبحثية تدعونا إلى الإنصاف عندما (نكتب عن) أكثر من انصافنا في (الكتابة في)، وتدعونا إلى نبذ الإجحاف الكتابي والكتابة المصلحية.
نحن بحاجة إلى موقف اختبار بهذا الخصوص يقوم على عد الأسماء المطلوب الكتابة عنها هي أسماء لأشخاص راحلين ، وثانيا عد الكتب التي بأيدينا كتب الضالة الحقيقية ،لا الضالة الوهمية، بمعنى أنها بريئة من عوامل التلويث التي تثير حساسيتنا الكتابية ، فعندها سننطلق بكتابة عنية، (لا عنعنية) كتابة تدور في فلك من رضا الله تعالى ، ورضا صحوة الضمير.
رحيم الشاهر
AZPPPL