مليون و800من العراقيين يتملكون العقارات ولهم اقامات في مدن كردستان
أربيل – الزمان
ثمة مستجدات متسارعة تحدث في إقليم كردستان العراق في اطار وضع عراقي عام ومتشابك إقليميا ودولياً ، لكن ثمة ملفات داخلية باتت تحتاج مزيدا من تسليط الضوء لاسيما بعد زيارة رئيس الوزراء دمحم شياع السوداني التي وصفها المراقبون بالنوعية. وهنا نستعرض علاقة الاقليم مع بغداد وما ترشح عنها من مؤشرات ايجابية تتعلق بمعالجة المشاكل العالقة بين الجانبين فضلاً عن الأمور الأخرى. وكذلك العلاقة مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والانتخابات المقرر اجراؤها في تشرين الثاني من هذا العام، ودور الشباب في العملية السياسية، فضلا عن الاقتصاد والمشاريع الزراعية، ومواقف الاقليم بشأن المتغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، و الوجود الكثيف للعراقيين العرب في الإقليم والسياحة، كل تلك الملفات في هذا الحوار مع السيد (بلند إسماعيل) عضو اللجنة المركزية ومسؤول الفرع الثاني للحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، وفي الآتي نص الحوار :
ما الذي تمخض عن زيارة رئيس مجلس وزراء العراق محمد شياع السوداني إلى إقليم كردستان العراق؟
- منذ تسنم رئيس مجلس وزراء العراق محمد شياع السوداني لمنصبه، بدأت انفراجة كبيرة بشأن العلاقات بين الحكومة الاتحادية والإقليم. ما يعني ثمة فرص كبيرة لتعزيز الشراكة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وما تمخض من نتائج لهذه الزيارة هو تنمية وتطوير أسس لشراكة ايجابية مثمرة وواعدة، تمثل مرحلة متقدمة. ومن أولوياتنا في هذه المرحلة ترسيخ مقومات هذه الشراكة على وفق سياسة مستقرة تعزز روح الأخوة مع شركائنا في بغداد، تعتمد لغة الحوار الجاد المبني على الاحترام المتبادل والتعاون بما يخدم المصالح المشتركة، كل جانب يفي بشروط واجباته مقابل تحقيق كامل الحقوق المتعلقة بالجانب الاقتصادي ولاسيما مصادر الطاقة والتجارة والاستقرار الأمني، وبما يخص التهديد الخارجي عبر التفاوض بشأن أمن الحدود وغيرها من الأمور، وهناك مشاكل معقدة يمكن حلها بالاعتماد على الدستور العراقي والقناعة بمفهوم الشراكة الحقيقية، ونرى في حكومة السوداني ثمة التزاماً ونوايا صادقة بتذليل المعوقات، وايجاد سبل لحلول حقيقية جديدة، تهدف إلى ايجاد صيغ وتفاهمات تعالج المواضيع التي ترتقي لأعلى المستويات من الاختلاف لإزاحة مفهوم (المتنازع عليها)، ليحل بدلاً عنه المتوافق عليها. والاتفاق بشكل نهائي ودائم بشأن حصة إقليم كردستان من الموازنة السنوية عبر صيغة قانونية عادلة تستند إلى الدستور.
هل إن قانون الانتخابات في الإقليم قد أذاب جبل الجليد بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وما الآلية التي توافقوا عليها؟
- فعلاً، هناك من يقرأ الاتفاق بين الحزبين بشأن تعديل قانون الانتخابات في الإقليم، قد أذاب جبل جليد الأزمة بين الحزبين بعد أن اتفقا على أن يتكون الإقليم من 4 دوائر تتطابق مع عدد محافظات الإقليم وهي: أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة. وتأسيساً على ذلك اتفق الحزبان بشأن اجراء الانتخابات في الإقليم بتاريخ 18 تشرين الثاني من هذا العام 2023 إذ إننا اضطررنا في العام الماضي أن نكون مع تمديد عمر البرلمان، ولكن بأي ثمن كان يجب أن تجرى الانتخابات هذه السنة في وقتها المحدد، وليس من حق أي حزب ولأي سبب كان، أن يضع العراقيل في طريق انتخاب برلمان كوردستان.
عموماً في الوقت الحاضر ثمة تفاهمات بشأن المواضيع المتعلقة بتعديل قانون انتخابات برلمان كردستان، والمفوضية العليا للانتخابات، واعتماد تسجيل النظام البايومتري المعتمد لدى المفوضية المستقلة في بغداد، والاستفادة من بيانات وزارة التخطيط العراقية لتحديد مقاعد المحافظات، وإن كان ثمة اختلاف بين الأحزاب والمكونات الصغيرة، فإنه يتعلق بمقاعد كوتا المكونات في الإقليم، والبالغة خمسة مقاعد للتركمان وخمسة مقاعد للمسيحيين ومقعد للأرمن وهذه الإشكالية ستعالج عن طريق الحوار مع ممثلي المكونات سواءً داخل قبة البرلمان أو خارجه. وبرأي الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن المكونات هم مواطنون أصيلون في كوردستان، ويحق لهم أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم ، فليس من حقنا أو من حق أية جهة سياسية أخرى أن تقرر بدلاً عنهم، ما يعني أن هناك مسؤولية تاريخية تجبر الحزبين على الاضطلاع بمسؤولياتهم لإدارة العملية السياسية في الإقليم، فكلما تقارب الحزبان عبر الحوار، تذللت المصاعب التي تواجه الإقليم، ودارت عجلة التطور والتنمية فيه، وحالياً نستطيع القول هناك الكثير من المؤشرات الايجابية بشأن تقارب وجهات النظر بين الحزبين.
هل أن قرار المحكمة الفرنسية بشأن تصدير النفط من الإقليم يعيق العلاقة بين حكومة بغداد وإقليم كردستان؟
- جاء رد حكومة إقليم كردستان بشأن تلك التقارير الإعلامية بأن قرار المحكمة الفرنسية لصالح الحكومة العراقية بشأن تصدير النفط عبر تركيا لن يعيق علاقاتها مع حكومة بغداد..
وأن السيد رئيس حكومة إقليم كوردستان، على تواصل دائم مع السيد رئيس الوزراء الاتحادي، ولاسيما بعد زيارته الأخيرة إلى أربيل جرى التأكيد على أهمية حل المشاكل استناداً إلى الدستور. وأن حكومة الإقليم ثابتة في مواقفها بشأن حقوق الإقليم المستندة إلى الدستور، ولا تنازل أو تفريط بحقوق الشعب الكردستاني. وهناك حوارات وتفاهمات وتنسيق مع الحكومة الاتحادية لإيجاد حلول قانونية ودستورية حاسمة ونهائية تنهي الخلافات بين الإقليم وبغداد بشأن تصدير النفط.
ما الآفاق المستقبلية لتطوير الواقع الاقتصادي في الإقليم ولاسيما في الجانب الصناعي والزراعي والسياحي؟
- سعت الحكومات المتعاقبة في إقليم كردستان نحو بناء اقتصاد قوي متماسك ومتعدد المصادر، ولكن بهذا الاتجاه ثمة تحديات ومعوقات تواجه هذا القطاع، إذ هناك تنامي متسارع في جانب، ونسبي في قطاع آخر، لكن هناك دائماً تحسن وارتقاء نحو الأحسن. في البدء كان الاستثمار في المشاريع الاستهلاكية مثل بناء المولات وغيرها، لكن الآن توضع الخطط الاستراتيجية الواضحة المعالم والمدروسة بدقة، ومما يساعد في ذلك إن الإقليم يوفر البيئة الاستثمارية إضافة إلى القوانين التي تشجع المستثمر مدعومة بالأمن والاستقرار السياسي، ووفرة الموارد الطبيعة والموارد البشرية. فهناك مشاريع لبناء معامل للإسمنت والطابوق، وافتتاح معمل لإنتاج الأدوية في أربيل يلبي حاجة الدولة العراقية عند اكتماله، فضلاً عن انشاء مصانع جديدة في إقليم كردستان تصدر منتجاتها إلى العديد من الدول. وهناك خطط لإنشاء صناعات للسيارات تخطط لها كبرى شركات السيارات في العالم. وفي مجال الزراعة تعمل حكومة اقليم كوردستان بنشاط وحماس على تسويق منتجات الإقليم إلى دول الاتحاد الأوربي، ومن أهم محاصيل الإقليم التي تلقى رواجاً في أوروبا هي: الرمان والتمر والعنب، إضافة إلى العسل. ووتيرة التطور مستمرة في القطاع الزراعي، لكون حكومة الإقليم تولي اهتماماً جدياً به، فهو يشكل دعامة حقيقية لاقتصاد الإقليم إضافة لتوفير فرص العمل. أما في المجال السياحي يعد قطاع السياحة في إقليم كردستان مورداً اقتصاديا مهماً للإقليم، كما يوفر الكثير
من فرص العمل، لكن هذا القطاع بحاجة إلى بنى تحتية ولاسيما الخدمة الفندقية وتطوير المصايف بما يرتقي بها لأن تنافس أهم المناطق السياحي في المنطقة، وهناك فرص حقيقية لجذب السائح من دول الجوار أو دول الخليج إن توفرت المنشآت السياحية. فالبيئة السياحية متوفرة من حيث الاستقرار السياسي والأمني، والجمال الأخاذ للطبيعة إضافة لأهمية المواقع الاثرية والدينية في الإقليم. ومع ذلك تكتظ المرافق السياحية في الصيف أو في المناسبات والأعياد بالسواح الذين في الغالب الأعم هم قدموا من مناطق العراق المختلفة.
كيف تقرؤون واقع العائلات العربية العراقية في إقليم كردستان العراقي؟
- تتمتع العائلات العربية في الإقليم بامتيازات المواطن العراقي، إلا أن هناك اجراءات قانونية تمليها الالتزامات والاستحقاقات الأمنية. وغير ذلك فالعربي العراقي له السماح بتسجيل الأراضي والوحدات السكنية باسمه، لذلك زاد اقبالهم على شراء العقارات، وتزايدت أعدادهم حتى بلغوا نحو مليون و800 ألف شخص، كذلك يسمح لهم بتسجيل المركبات والإقامة في أية منطقة يشاؤون داخل الإقليم… وهذه الأعداد المتزايدة فرضت واقعاً جديداً للاندماج ومن تمظهراته هو أن أئمة الجوامع بدأوا يلقون خطبهم على قسمين خطبة باللغة الكردية وأخرى بالعربية. كما يفضل رجال الأعمال والمؤسسات وأصحاب الشركات تعيين من يجيدون اللغة العربية. ما يعني أن الإقليم يشكل ملاذاً آمناً لهم، ويشعرون بالمودة والاحترام والألفة، الأمر الذي شجعهم على البقاء والاستقرار في الإقليم.
هل من الممكن أن يشهد الإقليم ضخ دماء جديدة في الانتخابات المقبلة ورفد المؤسسات الحكومية بالعناصر الشبابية؟
- جاء في بيانات هيئة إحصاء إقليم كوردستان، ان غالبية سكان الإقليم من الشباب، على وفق البيانات والاحصائيات الصادرة من الهيئة، إذ قالت إن 28 بالمئة من السكان تتراوح أعمارهم بين 15 و28عاماً. لذلك، في المؤتمر الـ١٤ للحزب الديموقراطي الكوردستاني، كان موضوع الشباب الموضوع الرئيس والمحوري، فوضعوا الخطط والبرامج في كيفية الاهتمام بالشباب و سبل مشاركتهم في العملية السياسية، وجميع المؤسسات الحكومية الأخرى، ما يعني من الضرورة أن يحظى هؤلاء بتمثيل عادل في العملية السياسية، ويرى الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخاب المقبلة من الضروري أن تكون هناك مشاركة فعالة للشباب في الانتخابات، وحصة في مؤسسات الإقليم تتناسب مع نسبتهم لعدد السكان، وإلا سيكون ثمة خلل في مقومات الديمقراطية. إذ إنهم الأجدر بتغيير الحياة في مجتمعاتهم نحو الأفضل. ويرى حزبنا أن مشاركة الشباب يعد أمراً ضرورياً، ليأخذوا دورهم في التغيير والحداثة، لأنهم أكثر الفئات التي تتفاعل مع المتغير السياسي والثقافي والاجتماعي والتكنولوجي، وما يحدث في الثورة المعلوماتية ووسائل الاتصال وغيرها من تمظهرات الحياة العصرية. كما يجب أن نستمع بجدية لرؤاهم واحتياجاتهم في جميع مشاريعنا وقراراتنا السياسية. إن المشاركة الواسعة للشباب تعزز من دورهم في العملية السياسية والتغيير. وترشيحهم لبرلمان الإقليم لهو أمر بالغ الأهمية، وفعال جداً في جعل بوصلة البناء بالاتجاه الصحيح، وتكريس الديمقراطية..