القوات‭ ‬الكردية‭ ‬تمشّط‭ ‬الرقة‭ ‬وسكانها‭ ‬يخشون‭ ‬عودة‭ ‬داعش

مقتل‭ ‬ثمانية‭ ‬عسكريين‭ ‬سوريين‭ ‬بقصف‭ ‬في‭ ‬إدلب‭ ‬

الرقة‭ (‬سوريا‭)-‬بيروت‭  (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬والزمان‭ :‬

‭ ‬قُتل‭ ‬ثمانية‭ ‬عسكريين‭ ‬سوريين‭ ‬الأربعاء‭ ‬في‭ ‬قصف‭ ‬مدفعي‭ ‬نفّذته‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ (‬جبهة‭ ‬النصرة‭ ‬سابقاً‭) ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬البلاد،‭ ‬بحسب‭ ‬المرصد‭ ‬السوري‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

وأفاد‭ ‬المرصد‭ ‬عن‭ ‬‮«‬استهداف‭ ‬فوج‭ ‬المدفعية‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬الشام‭ ‬مقراً‭ ‬لقوات‭ ‬النظام‭ ‬قرب‭ ‬بلدة‭ ‬كفروما‭ ‬في‭ ‬ريف‭ ‬إدلب‭ ‬الجنوبي‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬‮«‬ثمانية‭ ‬عسكريين،‭ ‬أحدهم‭ ‬برتبة‭ ‬رائد‮»‬‭.‬‭ ‬وقالت‭ ‬مصادر‭ ‬امنية‭ ‬كردية‭  ‬لمراسل‭ -‬الزمان‭- ‬ان‭ ‬معلومات‭ ‬حديثة‭ ‬تفيد‭ ‬ان‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬يعيد‭ ‬نشر‭ ‬أعضائه‭ ‬بشكل‭ ‬مبعثر‭ ‬في‭ ‬البلدات‭ ‬والمدن‭ ‬السورية‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬تحريرها‭ ‬من‭ ‬التنظيم‭ . ‬وأضافت‭ ‬المصادر‭ ‬ان‭ ‬الخلايا‭ ‬الجديد‭ ‬نائمة‭ ‬لانها‭ ‬قليلة‭ ‬ومحدودة‭ ‬الإمكانات‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬احد‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬ينتظرها‭ . ‬ولفتت‭ ‬المصادر‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬الحملات‭ ‬الأمنية‭ ‬للقوات‭ ‬الكردية‭ ‬تضع‭ ‬ذلك‭ ‬نصب‭ ‬اعينها‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬تفتيش‭ ‬مدينة‭ ‬الرقة‭ ‬واريافها‭. ‬ففي‭   ‬أحد‭ ‬أحياء‭ ‬مدينة‭ ‬الرقة،‭ ‬يراقب‭ ‬يوسف‭ ‬الناصر‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬بيته‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الكردية‭ ‬أثناء‭ ‬تمشّيطها‭ ‬المنازل‭ ‬واحداً‭ ‬تلو‭ ‬الآخر،‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬خلايا‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ – ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬ليهدّد‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬معقله‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬سوريا‭. ‬ويقول‭ ‬الناصر‭ (‬67‭ ‬عاماً‭) ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يخاف‭ ‬المرء‭ ‬على‭ ‬عائلته‭ ‬وأولاده‭ ‬وأصدقائه‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أن‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يتمناه‭ ‬هو‭ ‬‮«‬استقرار‭ ‬المدينة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمنها‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مناله‭ ‬صعباً‭. ‬وأعلنت‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديموقراطية‭ ‬التي‭ ‬خاضت‭ ‬معارك‭ ‬شرسة‭ ‬ضد‭ ‬التنظيم‭ ‬المتطرف‭ ‬وتمكّنت‭ ‬من‭ ‬طرده‭ ‬من‭ ‬آخر‭ ‬معاقله‭ ‬العام‭ ‬2019،‭ ‬أنّها‭ ‬أحبطت‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬هجوماً‭ ‬استهدف‭ ‬مقراً‭ ‬تابعاً‭ ‬لها‭ ‬يضم‭ ‬سجناً‭ ‬فيه‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الرقة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭. ‬وأعلن‭ ‬التنظيم‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬أودى‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬بحياة‭ ‬ستة‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬الكردية‭. ‬وقال‭ ‬إنّ‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬مقاتليه‭ ‬نفّذاه‭ ‬وتمكن‭ ‬أحدهما‭ ‬من‭ ‬الفرار‭.‬

ويوضح‭ ‬الناصر‭ ‬بينما‭ ‬يلازم‭ ‬منزله‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬شعبي‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬المدينة‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬عاد‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬ستقع‭ ‬كارثة‮»‬‭.‬

ومنذ‭ ‬إعلانه‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬الخلافة‮»‬‭ ‬وسيطرته‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬واسعة،‭ ‬شكّلت‭ ‬الرقة‭ ‬المعقل‭ ‬الأبرز‭ ‬للتنظيم‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وشهدت‭ ‬على‭ ‬فظاعات‭ ‬وإعدامات‭ ‬وحشية‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬بثّ‭ ‬الرعب‭ ‬فيها‭. ‬وبعد‭ ‬معارك‭ ‬عنيفة‭ ‬خاضتها‭ ‬ضده،‭ ‬تمّكنت‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديموقراطية‭ ‬بدعم‭ ‬أميركي،‭ ‬من‭ ‬طرد‭ ‬التنظيم‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2017‭.‬

لكن‭ ‬رغم‭ ‬خسارة‭ ‬أبرز‭ ‬معاقله‭ ‬تباعاً،‭ ‬يواصل‭ ‬التنظيم‭ ‬تبنّي‭ ‬هجمات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلاياه‭ ‬النائمة‭. ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬الخوف‭ ‬مجدداً‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬سكان‭ ‬الرقة‭ ‬بعدما‭ ‬تسلّل‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬عناصره،‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬قال‭ ‬التنظيم‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬سياق‭ ‬الانتقام‭ ‬المتواصل‭ ‬لأسرى‭ ‬المسلمين‮»‬‭ ‬خصوصاً‭ ‬النساء‭ ‬المحتجزات‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬سوريا‭. ‬إثر‭ ‬الهجوم،‭ ‬أعلن‭ ‬مجلس‭ ‬الرقة‭ ‬المدني،‭ ‬التابع‭ ‬للإدارة‭ ‬الذاتية‭ ‬الكردية‭ ‬حالة‭ ‬طوارئ‭ ‬وحظراً‭ ‬للتجول‭ ‬في‭ ‬المدينة‭. ‬وأطلقت‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديموقراطية‭ ‬وقوات‭ ‬الأمن‭ ‬الكردية‭ (‬الأسايش‭) ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬بقيادة‭ ‬واشنطن،‭ ‬حملة‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬خمسة‭ ‬آلاف‭ ‬مقاتل‭.‬

بقية‭ ‬الخبر‭ ‬على‭ ‬الموقع

بينما‭ ‬ينتشر‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬المدججين‭ ‬بأسلحتهم‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬وتجوب‭ ‬مدرعات‭ ‬في‭ ‬أنحائها،‭ ‬يبدو‭ ‬القلق‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬وجوه‭ ‬السكان‭ ‬والأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يلازمون‭ ‬منازلهم،‭ ‬استجابة‭ ‬لنداء‭ ‬عبر‭ ‬مكبرات‭ ‬الصوت‭ ‬يطلب‭ ‬منهم‭ ‬عدم‭ ‬التجول‭ ‬في‭ ‬أحيائهم‭ ‬أثناء‭ ‬تمشيطها‭.‬

وتشهد‭ ‬مداخل‭ ‬المدينة‭ ‬إجراءات‭ ‬أمنية‭ ‬مشددة‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬حواجز‭ ‬يتولى‭ ‬عناصرها‭ ‬التفتيش‭ ‬والتدقيق‭ ‬في‭ ‬الهويات‭.‬

وتقول‭ ‬فايزة‭ ‬الحسن‭ (‬45‭ ‬عاماً‭) ‬بعد‭ ‬تمشيط‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الأساييش‭ ‬منزلها‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نشعر‭ ‬بأمان‭ ‬لأن‭ ‬يخرج‭ ‬أطفالنا‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‮»‬‭.‬

وتضيف‭ ‬‮«‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬صعب‭ ‬جداً‮»‬‭.‬

بموجب‭ ‬الحملة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير،‭ ‬أوقفت‭ ‬القوات‭ ‬الكردية‭ ‬150‭ ‬شخصاً‭ ‬مشتبه‭ ‬بهم‭ ‬العمل‭ ‬ضمن‭ ‬خلايا‭ ‬التنظيم،‭ ‬بينهم‭ ‬قياديون،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬العميد‭ ‬علي‭ ‬الحسن‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬لشمال‭ ‬وشرق‭ ‬سوريا‭.‬

وتهدف‭ ‬الحملة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬خلايا‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابية‮»‬،‭ ‬وفق‭ ‬الحسن‭ ‬الذي‭ ‬يتحدّث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬تغيير‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬داعش،‭ ‬إذ‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬الهجوم‭ ‬الفردي‭ ‬الى‭ ‬الهجوم‭ ‬الجماعي‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬مراكز‭ ‬تجمع‭ ‬مقاتليه‭ ‬المعتقلين‭ ‬لدينا‭ ‬ضمن‭ ‬السجون‭ ‬المركزية‮»‬‭.‬

ويضيف‭ ‬‮«‬يبدو‭ ‬وكأن‭ ‬هناك‭ ‬تخطيط‭ ‬كبير‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬السجون‭ ‬وإحداث‭ ‬بلبلة‭ ‬وفوضى‭ ‬أمنية‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬أطلقنا‭ ‬الحملة‮»‬‭.‬

ويُعد‭ ‬هجوم‭ ‬الرقة‭ ‬الأخير‭ ‬الأكبر‭ ‬ضد‭ ‬سجن‭ ‬منذ‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنه‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬التنظيم‭ ‬على‭ ‬سجن‭ ‬غويران‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الحسكة‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2022،‭ ‬وأسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭.‬‮ ‬

ويرى‭ ‬الحسن‭ ‬أن‭ ‬التنظيم‭ ‬المتطرف‭ ‬‮«‬يحاول‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‮»‬‭.‬‮ ‬

وفيما‭ ‬يثني‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التمشيط،‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬كافية‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يسمع‭ ‬فيها‭ ‬أحمد‭ ‬الحمد‭ (‬30‭ ‬عاماً‭) ‬عن‭ ‬هجوم‭ ‬ينفذه‭ ‬عناصر‭ ‬التنظيم،‭ ‬يخشى‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬مجدداً‭ ‬تجربة‭ ‬النزوح‭. ‬ويرى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬مهما‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬الحملات‭ ‬الأمنية،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بإمكانهم‭ ‬سحب‭ ‬كل‭ ‬الأسلحة‭ ‬الموجودة‮»‬‭.‬

ويقول‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬يقطن‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬الرميلة‭ ‬قرب‭ ‬سجن‭ ‬يضم‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬التنظيم‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬نتخوف‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬السجن‭ ‬المكتظ‭ ‬بعناصر‭ ‬التنظيم‭ ‬والمجرمين‮»‬،‭ ‬معتبراً‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬يبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬كيلومترات‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬عن‭ ‬المدينة‮»‬‭.‬

لا‭ ‬يخفي‭ ‬الحمد‭ ‬هواجسه‭. ‬ويضيف‭ ‬بحسرة‭ ‬‮«‬نتخوف‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬شيئاً‭: ‬لا‭ ‬نمتلك‭ ‬مؤسسات‭ ‬ولا‭ ‬امكانيات‭ ‬مادية‭ ‬واقتصادية‮»‬‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يقترب‭ ‬النزاع‭ ‬الذي‭ ‬استنزف‭ ‬سوريا‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬عامه‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭.‬

مشاركة