آمنة عبد العزيز في مغامرتها الشعرية القارة الثامنة وملامسة الذات علوان السلمان بغداد الكتابة الشعرية مغامرة تشتغل ضمن احتواء الواقع بتوظيف الوعي الشعري الذي يطرح ثنائية منبثقة من بين ثناياه لتحفر عميقا في الذاكرة الذاتية.. وتقدم فعلا يعلن موقفا فيسجل حضوره المتجاوز للمالوف ويعبر عن حالة نفسية انفعالية مشحونة بشحنة ابداعية واعية عبر خيال ولغة مؤطرة لمغامرة يخوض غمارها منتج ليشكل تجربة متوهجة بصورها ومضمونها الانساني.. والشاعرة آمنة عبدالعزيز في مجموعتها الشعرية(القارة الثامنة) ..التي احتضنت دفتاها عشرين نصا شعريا وتقديم نسجته انامل الدكتور ثائر العذاري..كانت الدفة الاولى منتظمة في مجموعة من العلاقات البصرية والتشكيلية متمثلة في اللون والنسج والشكل والتركيب ..وقد اعتلاه عنوان مجازي تشكل من فونيمين مستفزين للذهن ومثيرين للاسئلة على الصعيدين البصري والقرائي.. وتحته كان اسم الجنس المنتج واسفل اللوحة اسم المنتج.. اما الواجهة الخلفية فقد انتشر على امتدادها البياضي شيء من المقدمة التعريفية بالشاعرة وصورتها التاملية على الجهة اليسرى.. هذا يعني ان الغلاف يتجاوز وظيفته التداولية ويقوم بمهمة ايحائية مهيئة لافق تاويلي..يجر الشاعرة للنفاذ في نصوصها ببصيرة ثاقبة الى ما خلف المرئيات من معان فتقتنصها وتكشف عن كوامنها بنزع نقابها وكشف المسكوت عنه..من اجل تحقيق البعد المتجاوز للواقعي والذاكرة وخلق عوالم تنصهر فيها التجربة المنتجة والمستهلكة.. رمالك المتحركة واحة شعري.. وطوق النجاة اليك ابياتي.. التمس الماء من بين عطشك.. وآه من عطش الظمآن.. مشطي وجهك.. مكحلتي نظرتك.. آه لو صرخت بكل اشيائي.. سالبس الشمس لك ثوبا.. والقمر شالا..تعال الى قارتي.. اكتشفها.. الدرب اليها يبدأ من بين الغيمات اطلب فيها حق اللجوء.. قارتي حدودها انت.. نصفها مغمور بالحب.. والنصف الاخر مزروع بك.. /ص9 ـ ص10 فالشاعرة تمزج في صورها الشعرية التخييلي والحسي لتخلق موقفا يطرح فكرا ويكثف تجربة برؤية ابداعية متناغمة..متفاعلة في انساق مكتظة بالحيوية في سياق حسي متواصل مع الواقع بكل موجوداته بذهنية متحفزة..فضلا عن دخولها سايكولوجية التواصل الشعري(بوصفها خطابا غنيا بالدلالة)لتحقيق الامتاع والاقناع في نصها الموائم بين الموقف الشعري والايماء النفسي من خلال توظيفها اللفظة الشعرية ذات الدلالة الجمالية التي تلامس ذاتها شعريا.. طفلتك ضاعت وسط زحامك.. خذ كل اسئلتي واحفظها في علب الهدايا.. لا تطلعها على العيون الزرق.. اغلق كل منافذ سفري الا اليك.. ساشكو لكل المرايا في اعين الصبح.. ساحدث عنك زهرة(الشبوي).. واحضان الشتاء.. /ص24 فالنص يكشف عن قوة العاطفة وتكثيف الرؤيا فضلا عن استخدام الالفاظ المجازية المحققة للانزياح بتوظيف اللغة الملبدة بابعادها الرمزية المشعة من اجل تحقيق وظيفة الشعر الجوهرية عن طريق:رصد اللحظة وتصويرها والعمل داخل اللغة..فضلا عن توظيفها للمكان لتحقيق اغراض نفسية وفنية..واستخدام تقنية التضمين لتحقيق معادل لبعض الابعاد الفكرية والوجدانية كما في (الشبوي)التي هي شجرة الكولونيا او ملكة الليل الماخوذة من اللغة الكردية وهي مركبة من (شب ووي) وتعني بالكردية الريحة الليلي..هذا يعني ان الشاعرة تمتلك قدرة في اقتناص الالفاظ الخالقة لصورها الحسية وتحقيق المعنى عبر سياق النص بمشاهده المتداخلة التي تسهم في تعميق الشحنات وتستثمر في ايقاعها اللقطات الحياتية بحسية مكتظة بالانفعالات العاطفية.. كاننا نلعب(الختيلة).. اغمض عيني.. ابحث عنك.. ادورفي المكان..اغمض عيني.. ابحث عنك..ادور في المكان.. تنقطع انفاسي لهاثا.. ابحث عنك تحت سريري اجدك اختبأت بين عطر خيالي كل حكاياتنا طفولية.. وحكايات طفولتنا نخبئها تحت اسرتنا بقايا الورد وعطره.. حتى الحلوى نتذوقها خلسة تحت سرير احلامنا /ص51 فالنص يؤكد تراكم الرؤية البصرية وتفاعلها والاشياء عبر لغة تتكئ على اللفظة الموحية المستلة من واقع الحياة اليومي.. مع هيمنة سردية مقترنة برؤية ذاتية عبر وسيلتي الوصف والحوار بشقيه الذاتي والموضوعي والذي ينهض على فكرة التواصل الدلالي والنفسي..فضلا عن ان الشاعرة تشكل رؤية على وفق ثنائية الذات والواقع مع تطعيم الذاكرة الشعرية بفنون بلاغية كالمجاز والاستعارة ..كي تجعل من نصوصها تمتد في العمق الوجداني الذي يمنح النص قدرة التجديد والتجاوز برؤى محدثة حققتها مخيلة شعرية خلاقة بنفاذها الى جوهر الاشياء والذاكرة .. فالشاعرة تعتمد العبارة المكثفة الواعية التي تتفاعل وانفعالاتها الوجدانية والنفسية من خلال مزج الواقعي بالتخييلي لبناء تشكيل مشهدي جمالي بلغة موحية مكثفة معبرة عن وجودها وبعدها عن التقعر والتكلف مع اختزال في الامتداد الزمني.. وبذلك قدمت الشاعرة نصوصا ببناء معماري يجمع ما بين الخيال المفجر لطاقة اللغة الداخلية المكتنزة بالايحاءات والاشارات والرموز والمسكون بالتجربة..بلغة تمتلك مؤثرها الجمالي وقدرتها التواصلية المانحة للصورة الشعرية المكتنزة بمضامينها النفسية والاجتماعية والعاطفية التي تتفاعل ومنظومة القيم الجمالية.



















