الـدولار بـيـن الـعـرض و الـطـلـب – مقالات – مـؤيـد الصالحي

الـدولار بـيـن الـعـرض و الـطـلـب – مقالات – مـؤيـد الصالحي

استحوذت تقلبات أسعار صرف الـدولار على اهتمامات عموم شرائح مجتمعنا ، وأصبح الموضوع محور أحاديث ونقاشات الجميع في الجلسات الخاصة والعامة ، لان الأمر كما سبق أن أشرت في مقال سابق يتعلق مباشرة بالحياة المعيشية اليــــــــومية للمواطنين ، واخذ كل فـرد يدلو بدلوه ويطرح وجهة نظره بنـــاءا على ما يروج له الآخرون ، واعتمادا على ما يتم بثه من أخبار و تصريحات رسمية هنا وهناك .

وكنت اصغي متأملا لأحاديث و طروحات من هـذا النوع ، كانت تدور في جلسة رمضانية عامة ، تتراوح ما بين الجدية و الموضوعية ، وما بين السطحية و الهامشية ، فثمة من يربط ارتفاع سعر صرف الدولار بتزايد حجوم و كثافة الاستيرادات المنفلتة من الخارج ، على نحو غير مسبوق ، والتي تستلزم الطلب على الدولار ، لا سيما وان العراق صار يستورد كل شيء يخطر بالبال ، وكل شيء يكاد يغيب عن البال ، وان هـذه السلع و البضائع تتكدس فوق بعضها البعض في المخازن و الأسواق بشكل يفوق معدلات الطلب الفعلي المتوقع عليها ، بسبب حالات الاندماج غير المتكافئ في السير الحثيث على خطى ( الاقتصاد الحـر ) المزعوم ، والذي من ابرز نتائجه ما يعانيه العراق من تسرب العملة الصعبة إلى الخارج و القضاء التام على الحرف و الصناعات الوطنية ومعها اندثار المواد الأولية الخام الداخلة في الصناعة ، فضلا عن تفاقم ارتفاع معدلات البطالة ( الحقيقية ) و ( المقنعة ) .

و رأي آخر يتجه صوب قيام البعض بعمليات تحويل و تهريب الدولار لأسباب عـديدة من بينها دعم و تمويل مشاريع استثــــــمارية في الخارج ، ولأغراض أخرى تتعلق بالسفر للعلاج والايــــفادات الرسمية للخارج غير المنضبطة و غير ذات الجدوى ، بالأخص تلك التي تخـــفي وراءها حزمة من الفساد الإداري و المالي  .

و تطرق البعض إلى إجراءات البنك المركزي في تذبذب طرح الدولار في الأسواق ، دون الأخذ بنظرية العرض و الطلب و دراسة أحوال و مقتضيات السوق المحلية الفعلية ، كل ذلك أدى إلى ضعف ثقة المواطنين والأفراد و أصحاب الحرف و المهن المتعاملين بالعملة الوطنية ، الأمر الذي دفعهم  إلى بالاتجاه في التعاملات اليومية  بالدولار ، على سبيل المثال لا الحصر يـعمد العديد من سماسرة بيع و شراء العقارات في المناطق الراقية بالتعامل بالعملة الصعبة (الدولار ) حصريا ، ومثلهم في ذلك معارض بيع و شراء السيارات الحديثة و محلات بيع الأدوات و المكائن الثقيلة . . الخ . و يطلقون على ( الدولار) عبارة ( الثابت ) فيما بينهم ! .

كل هذا و ذاك يشكل تحديا حقيقيا خطيرا ، يقف بالضد من البرنامج الحكومي ، بجانبه الاقتصادي و الحياتي و المعيشي ، يتعين التصدي له و مواجهته بأساليب  موضوعية علمية جادة ومدروسة ، تأتي ثمارها على ارض الواقع ، منها إيجاد سقف موضوعي دقـيـق و مستقر لمبيعات البنك المركزي من الدولار ، و اتخاذ إجراءات تحصينية عملية للتـقـليل من تبذير العملة الصعبة ، بعد انخفاض أسعار النفط ( المصدر الوحيد من واردات العملة الصعبة ) .

مشاركة