
العراق أولاً – نهلة الدراجي
على وقع عقارب الساعة التي تقترب من لحظة الحسم حيث بدء العد التنازلي للانتخابات البرلمانية السادسة، تتجه الأنظار صوب صناديق الاقتراع.
والشارع العراقي المثقل بأوجاعه لا يزال يسير نحو تلك الصناديق بخطى مترددة بين حلم التغيير وواقع لا يرحم.. ومع استعدادات أمنية ولوجستية غير مسبوقة، تتكامل الجهود لضمان انتخابات نزيهة، لكن السؤال الأهم يبقى: هل تكفي الإجراءات لضمان عدالة النتائج؟ وهل سيُترجم الصوت الشعبي إلى فعل سياسي يلامس هموم الناس ويعالج جراحهم المزمنة؟
لا شيء أكثر وضوحاً اليوم في المشهد العراقي من تلك النظرات المعلقة بين التفاؤل والتوجس…. المواطن الذي أدمن الانتظار على الوعود يعود من جديد إلى اللعبة الديمقراطية حاملاً وجع السنوات وسؤالاً بسيطاً: هل سأحصل على حقي هذه المرة؟
الفقير في العراق لم يطلب المستحيل لم يطالب إلا بفرصة، بخدمة صحية كريمة، بمدرسة تليق بأطفاله بماء نظيف وكهرباء لا تنقطع ..لكنه، في كل دورة انتخابية يجد نفسه أمام ذات الطوابير يصوت للوجوه ذاتها….
التحضيرات للانتخابات الحالية قد تكون الأضخم من حيث التنظيم والدعم اللوجستي والأمني، لكن ما يهم المواطن ليس حجم الحراسة على الصناديق، بل صدق ما يخرج منها… نريد أن نرى برلماناً لا يعيد الأزمات ..
في كل مرة، يقال إن الانتخابات ستكون مفصلية وإنها ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة. ولكننا تعبنا من العناوين الكبرى ومن الشعارات التي (لا تشبع ولا تسمن)…. نريد واقعاً جديداً..
فهل تكون هذه الانتخابات بداية فعلية لتغيير حقيقي؟ وهل سيتحول الصوت الانتخابي من مجرد أداة للمشاركة الشكلية إلى قوة فاعلة في رسم مستقبل البلاد؟
الجواب بيد الناخبين، بوعيهم، بإصرارهم على محاسبة الفاسدين، وبقدرتهم على كسر دوائر النفوذ التقليدية التي اختطفت الحلم العراقي لسنوات طويلة….
لا شيء يمنح الوطن حقيقته أكثر من مواطن حرّ يؤمن بأن صوته له قيمة وأن التغيير ممكن حين يتحول الإيمان إلى فعل والصمت إلى قرار .. حيث يمـكن على الأقل أن نبدأ بكتابة فصل جديد… عنوانه : العراق أولاً.



















