العراقيون .. لاعبون ماهرون يمارسون الخسارة بتفوّق – مزهر الخفاجي
العراقيون لاعبون رائعون ..لكنهم يمارسون الخسارة بتفوق ..
عشرٌ وعشرٌ من الأحتلالات والعراقيون يجتهدون في كتابة معادلتهم الوطنية ( ،الحرية _الوطن , الوطن _ الحرية).
هو السؤال الاهم الذي ظل العراقيون طوال نصف قرن يختبرون نتائج معادلتهم الوطنية .
والغريب ان من اكثر الخاسرين في ترتيب معادلة( الوطن -الحرية ، ام الحرية – الوطن ) هم الجماعة الوطنية الثقافية…ان لم نقل انها تقدمت بها كثيرآ على النخب السياسية ،فالجواهري والبصير والسياب والبياتي وسركون بولص..لم يختلط عليهم الأمر حين يؤشران على خبب القابضين على السلطة ..وجور الممسكين بها ولم ينصفونهم طيلة نصف قرن وهم المتمردون والمشاكسون والرافضين للزبائنية السياسية التي رفعت شعار معي أم ضدي الولاء.. بدل الانتماء للوطن لم تعرف الجماعة الثقافيه انها صنفت تبعاً لأعراقهم او لمذاهبهم ولمناطقهم ولمرجعياتهم السياسية.. كما فعل بعض المدعوون للزعامة ..حين قدم لهم مقترح النشيد الوطني رفض احد رؤساء سلطاتنا السياسية ان يقبل قصائد الجواهري والبصير والشاعر السياب بحجة انتمائهم لطائفة ما .. متناساً هذا السياسي ان كل منهما كان متحزباً بتاريخ العراق الواحد…ومرتدياً لامة ريادته الحضارية والفكرية والثقافية مؤمناً من أن للمعرفة والادب سطوة وعليها واجب التنوير والتحريض والامساك بكيمياء الوطن والحرية.
فقراء العراق
ونفس الشيء كان يتصدى فيها كل من فؤاد التكرلي وعبدالرحمن الربيعي ومحمد خضير ..للنظام كونهم كانوا منحازين لفقراء العراق وكادحيه ومحرضين على مقاومة الظلم في كل مكان ومن أي ملة قد ظهر جلياً في نصوصهم ومواقفهم ومدوناتهم السردية.. فهم لم ينطلقوا في كتابة نصوصهم المعبرة…من عنق زجاجة الطائفة والمنطقة والطبقة والحزبية ..نعم هم منحازون للفقراء وطامحون بنصرتهم ولم يبالوا برضى هذا الزعيم او ذاك ..وكانت النصوص المسرحية لكل من حقي الشبلي وعادل كاظم ويوسف العاني وجليل القيسي تعرض على خشبات المسرح الذي يقدمون تاريخه او نظال وكفاح ابناء البلد ضد المحتلين والظالمين والطامحين للحرية الوطن والذين لم يفرطوا قط بالوطن الحرية…مطلقين شعار ان العراق فوق كل المتنطعين من النخب التي دفعتها امواج الصدفة ، ومؤسسات الخارجية.ونفس الشيء دفع كل من سعيد فتاح وعريان السيد خلف وكاظم اسماعيل كاطع وناظم السماوي…والذين كتبوا اجمل قصائدهم عن الحرية وعمدوها بالكثير من التضحيات ، ودفعوا سنوات عمرهم ..يغنون (ماهو منك ياوطنة…ولالة منزل بين اهلنا…)
نعم ، إنحسرت حرياتهم وضاق بهم العيش ..وعاشوا الأمرين لكنهم لم يبيعوا الوطن بحرية مبتلاة …
ولم يؤدلجوا حريتهم وظلوا يكتبون وينشدون للعراق ، نعم لقد تغنوا (سلامة ياوطن…ماهزتك ريح)
رغم أنا نعرف ان كل منهم كان له مرجعياته الفكرية او هامشهُ الايدلوجي فظل المفكرون وعينة الجماعة الثقافية أمثال (طه باقر، وجواد علي، وعبد العزيز الدوري، وصالح احمد العلي) يكتبون عن العراق الواحد ، وعن بلاد الرافدين _وطن السومريين والأكديين والبابليين والأشوريين وعن خصلة الريادة التي ميزتهم وجعلت أئمة العلم والفقه واللغة من بلادهم وليس من غيرها .وكتبوا عن خطط بغداد والبصرة والموصل والكوفة وسامراء ، ولم يكتبوا عن مكوناتها ..وكتبوا عن قبول انصارهم لفكرة العيش المشترك فضمت امصارهم ومدنهم وقصباتهم العربي والكردي والتركي والشركس والشبك ، وتجاور. فيها المسلم والمسيحي مع الصابئيين والايزيدي والشبكي ..وذكروا ان حرية هذا الشعب لم تدفع كل الوانه للحرب الطائفية او المناطقية أياً كانت.وبنفس الهمة لم يكن رواد منابره الدينية في خطابهم الديني _لأحمد الوائلي واحمد الكبيسي وصبحي الهيتي وفاضل المالكي، والدكتور احمد البهادلي وباقر القرشي والاب انستاس مار الكرملي والاب يوسف حبي والبير أبونا _ يضع ابناء الشعب الواحد امام نظرية التصادم الديني والمجتمعي بل قدم الجميع خطاباً يُعلي من قيم التسامح ويدعو الى قيم الخير والفضيلة والكمال التي نادت بها الانسانيه ويدين بالفضل لمحمدوآل بيت محمد وصحابته ويشحذ الهمم للعيش المشترك وقبول الاخر …والدعوة الى إقتفاء أثرهم فهم موقنون أينما داروا فأن الحق يدور معهم.
جماعة ثقافية
هذا غيضٌ من فيض في دور الجماعة الثقافية العراقية ونُبل وفروسية وعيها العالي ، بضرورة ان تكون مدماك للحفاظ على العراق وعيون وقلوب وأقلام واصوات تدافع عنه …ليس كما فعل الممسكون في السلطة السياسية وزبانيتها في الوقت الحاضراما آن الاوان للجماعة الثقافية ، التي هي رأس مال الجماعة الوطنية أن تستعيد دورها لتمسك باللحظة التاريخية وأن لا يُترك دورها الريادي للطارئين .. قبل أن يكتب التاريخ صمتهم غير المجدي.