عبد الهادي كاظم الحميري
وضعت المعارضة العراقية سابقا والحاكمة الآن حجر المحاصصة في مؤتمرات لندن وصلاح الدين قبل التغيير ونصحت به بعده الحاكم الأمريكي بول بريمر فشرعنه في مجلس الحكم ومن ثم لغمت الدستور بمصطلح المكونات وضببت صلاحيات الحكومة الاتحادية والاقليم فيما يتعلق بمصدر قوت الشعب الرئيسي النفط.
ثم جاءت بعد ذلك الديمقراطية فذهب الشعب الى صناديق الاقتراع متحدياً الرصاص والمتفجرات وبدلا من أن تنمو الديمقراطية ويشتد عودها عقرتها الطبقة الحاكمة بحرمان الكتلة العابرة للطائفية من شرف محاولة تشكيل حكومة وذهبت الى بناء تكتل طائفي بعد الانتخابات الأمر الذي جذر المحاصصة بأبشع أشكالها وأوصل القيادات الطائفية السنية والشيعية الى درك توزيع المغانم والوظائف على الأقارب والأتباع وحماية الفساد في كل مفاصل الدولة وبيع المناصب وترك الشعب يقارع العوز والهوان .
والأدهى من ذلك أن الطبقة السياسية العراقية، إقتدت بديمقراطية الدولة الجارة وتقاليدها في قمع الشعب من أجل حفاظ الطبقة الحاكمة فيها بالسلطة والأسلاب، حيث إستبدلت دكتاتورية الفرد بدكتاتوريتها وإلتصقت بالسلطة “كجيرة بزبون أبيض” كما يقول المثل العراقي بدلاً من أن تستلهم، الديمقراطية من منبعها الأصيل، بريطانيا في تقاليدها في التعامل مع الشعب والحفاظ على سيادة البلاد،
في الديمقراطية البريطانية قدم رئيس الوزراء البريطاني الشاب ديفيد كاميرون إستقالته في تموز 2016 نظرا لتصويت الشعب البريطاني بفارق ضئيل لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي رغم أنه لم يكن هناك أي إلزام قانوني أو اخلاقي أو حزبي يوجب هذه الاستقالة إذ كان الإستفتاء حراً لجميع المؤهلين من أفراد الشعب دون تبني أحزاب الحكومة أو المعارضة موقفاً بشأن الموضوع وبرر ذلك بقوله، إن المرحلة القادمة تتطلب قيادة من نوع آخر.
وفي الماضي الأبعد وتحديدا في 5 آذار عام 1982 استقال وزير الخارجية البريطاني اللورد كارنغتون ووزراء الدولة في وزارته بعد أن غزت الأرجنتين جزر الفوكلاند التابعة لبريطانيا حيث اعتبر أن حدوث هذا الغزو دون أن تتوقعه وزارته أو تمنعه تقصير في عمل الدبلوماسية البريطانية التي يقودها وانه يعتبر المسألة مسألة شرف رغم أنه لم يكن من المتوقع أن تخطأ الأرجنتين وتحسب أن الحكومة البريطانية بقيادة المرأة الحديدية مارغريت تاتشر ستقبل هذه الإهانة ، ولم يسحب اللورد كارينغتون إستقالته رغم طلب مارغريت تاتشر منه ذلك مبينة له أنها أمرت الأسطول البريطاني أن يبحر مع المد البحري الصباحي من ميناء بورتسموث لإستعادة جزر الفوكلاند .
الطامة الكبرى أن رجال السياسة والقيادة عندنا تعدَّوا مادة الزئبق في إفلاتهم من بين الأصابع من أية مسؤولية، فهم مشاركون في السلطة ومعارضون لها وما يدمي القلب حنقاً اليوم أنهم مع الشباب الثائر على الظلم وعلى الشباب بقنصه أو بالسماح بقنصه وضربه بالقنابل الصربية والإيرانية المصممة لقتال العسكر.
بدون لف أو دوران أو حوار أو لجان، بل بشجاعة الفرسان أيها الرؤساء الثلاثة فكّوا وثاقكم من هذه الطبقة السياسية وقولوا: من هم القتلة وماذا ستعملون لوضع البلد على المسار الإنساني الديمقراطي الصحيح وكم يستغرق ذلك وما هو الموعد المتوقع للانتخابات المبكرة.