الطالباني.. الرئيس

الطالباني.. الرئيس
فاتح عبدالسلام
في كل أزمات العراق، وهي مزمنة، إمّا حوليّة أو شهرية أو أسبوعية أو يوميّة، كانت تتضارب أمواج القوى السياسية بعضها فوق بعض وفي الساعة التي كان الوضع فيها ينذر بعاصفة لا قبل للوضع العراقي بها، تتطلع عيون الجميع إلى الرئيس جلال الطالباني الذي كان عصا توازن صعبة بين كفتي ميزان غير راجحتين حتماً وربّما كان يواجه موازين متعددة الأكف غالباً، وطالما تحمّل الطالباني بسبب ذلك ثقلاً أكبر من الطاقة والامكانات المتوافرة ذاتياً وموضوعياً. كان الطالباني دائماً في موقف صعب، موقف غير مريح في أبسط توصيف، ضمن حالة من الاختلالات والتوازنات المتداخلة التي اعتاد العراق أنْ يغلي بها.
أولى الصعوبات، إنه أول رئيس للجمهورية كردي القومية وزعيم لأحد أكبر حزبين كرديين في الإقليم الكردستاني. وكان دون سواه من المسؤولين معرضاً على الدوام لاتهامات مستمرة من كل مَنْ لا يرضى منه موقفاً أو لا تروق له منه مكاشفة أو مصارحة وما أكثرها، وأبسط تلك الاتهامات إنهم كانوا يقولون إنه يغلب كرديته على عراقيته وإنه رئيس فصيل سياسي وليس رئيساً للعراق كله، وربّما سمع من داخل الاقليم الكردي اتهامات ضده أيضاً. لكن نقّاده من محبيه أخذوا عليه استسلامه أمام حالات غير دستورية كثيرة يزاول من خلالها مسؤولون صلاحيات وسلطات لحسابات خاصّة.
وبقي الطالباني المعروف بمام جلال في نظر مختلف الاتجاهات تلك القناة الأوضح في التعامل مع إيران، الجار الأصعب الذي له اليد الطولى من المصالح في العراق، وكان ذلك في أصعب الأوقات يوم كان الأمريكان يديرون البلاد من قصورهم وليس سفارتهم في داخل المنطقة الخضراء..
الأعمار بيد اللّه، والعراق اليوم مهدد لكي يصبح ذات ساعة من دون وجود شخصية تؤدي تلك الوظائف المعقدة والمهمة التي افتقدها الوسط السياسي العراقي المليء بالتجارب الرثة والغضة والملتوية وذلك ليس آتياً من كون شخصية الطالباني لا تعويض لها ولكن بسبب خواء المشهد العراقي وهشاشته وضحالته.
إنّها صفحة منتظرة لا يحسد عليها العراق سيمر بها حتماً، وستمر بعدها صحفات مليئة باضطرابات الخطوط وقلق السطور وتجاعيد الورقة.
AZP20

مشاركة