الضمانات الدستورية لاستقلال السلطة القضائية – كاظم عبد جاسم الزيدي
حمل القضاء أمانة العدل منذ فجر التاريخ فهو قديم قدم الجماعة البشرية التي استشعرت دوما بحاجاتها إلى الأمن و الطمأنينة في النفوس ويحسم ما يثور بين الإفراد من خلافات وخصومات ويرد الحقوق إلى أصحابها ويرفع الظلم والمجتمعات باختلاف أنظمتها تسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار وسيادة القانون من خلال القوانين وتحقيق العدالة التي بتطبيقها تكفل حريات الناس على اختلاف مشاربهم و أصولهم وعند غيابها فان القانون يصبح أداة تخدم فئات وشرائح محددة دون الاكتراث بحقوق الآخرين وحرياتهم ، إن سيادة القانون على الجميع دون تمييز و استثناء هو دليل على رقي المجتمعات وتقدمها و ما سبق قوله لا يتم اعتباطا وإنما من خلال أجهزة لها تسميات و تدرج في هيكل الدولة وبكلمة أعم ( القضاء ) فالآخر يبلغ من الأهمية ما لا يقل عن أجهزة الدولة الأخرى لذلك فحري لهذة الجهات أو بهذه السلطة ان تقف على قدم المساواة مع سلطات الدولة الأخرى و نعني بها السلطتين التشريعية والتنفيذية ولتحقيق ذلك لابد من وجود ضمانات تدعم استقلال السلطة القضائية وتتبوأ السلطة القضائية المكانة البارزة والمنزلة المرموقة من بين سلطات الدولة لما تقوم به من دور بارز في إقامة العدالة وتطبيق نصوص القانون وهو الضمان الجوهري الذي لا يستغنى عنه لكفالة حقوق الافراد وحرياتهم فهناك ضرورة لازمة في أي مجتمع هي ان يؤدي القضاء رسالته وتقتضي هذه الضرورة التسليم بالقضاء كونه سلطة ثالثة مع سلطات الدولة الأخرى وان المشرع الدستوري في الدستور العراقي وان كان قد نص صراحة على مبدأ استقلال القضاء ومنع التدخل في إعماله لكن هذا لا يعني انه أراد الانعزال التام للقضاء حسب و إنما أراد به المطالبة باستقلاله وان هناك علاقة وثيقة تربط السلطة القضائية بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وان القضاء يحمل رسالة عظيمة وتقع عليه مسؤولية لاسيما في حماية حقوق الانسان لان الفرد لا يطمئن على حقوقه إلا عند وقوفه إمام قضاء قوي مستقل فالقضاء المستقل لان وظيفة القضاء في تطبيق القانون هي من أهم إعمال الدولة و أخطرها بكونه الجهاز المشرف على ضمان تطبيق القوانين ويمنع من توغل إحدى السلطات على الأخرى فالقضاء المستقل له دور كبير في إقامة المجتمع السليم لما يناط به من مهمة حماية تطبيق القواعد القانونية وكفالتها فهو حارس للقواعد القانونية و ان استقلال القضاء يكفل نزاهة القانون و سيادته ووفقا للمادة (19) من الدستور العراقي فان أكدت على ان القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون والسلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون و لا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة ويتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية واقتراح مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية إما عن الأسباب التي أدت إلى التركيز على مبدأ استقلال القضاء وحده دون غيره من سلطات الدولة فيعود ذلك إلى طبيعة مهام ووظائف السلطتين التشريعية و التنفيذية و الأعباء الملقاة على عاتق السلطة القضائية فمهمة هذه السلطة تكون شاقة و ذات طبيعة خاصة فهي تسعى إلى تحقيق العدالة وحماية حقوق الإفراد واحترام القانون ومنع أي اعتداء عليه و يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة عليه ان يؤديها بكل أمانة و ان رسالة القضاء في تامين سيادة القانون وتحقيق العدالة لا تتحقق إلا بتوفير الضمانات الدستورية لاستقلال السلطة القضائية .