الصدر .. خروج من الباب لا عودة من الشباك

فاتح عبدالسلام
كثرت التفسيرات والتأويلات والإجتهادات الى حد التناقض والإضطراب في الساعات التي تلت إعلان قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الإنسحاب من العملية السياسية في العراق عبر باب إدانتها وعدها مرحلة غير مشرف الإقتران بها.
لا أميل الى ما ذهب بعضهم اليه في إنه قرار له رجعة وسيتم تمييعه ولفلفته لاحقاً تحت ضغط المرشحين المحسوبين على التيار الصدري في الإنتخابات.
وأرى أن ذلك القرار هو إدانة للإنتخابات ذاتها وجدواها وصيغها ودهاليزها التي لن تأتي بمعطيات جديدة لتغيير الوضع العراقي، وإلا ما كان لقائد التيار الصدري ذو الثقل البرلماني والحكومي أن يخرج بقرار صاعق مثل هذا. كما إنه ما خرج بهذا القرار ليتراجع عنه بمجرد سماعه وجهات نظر سياسية من أطراف متضررة أو مستفيدة.
ولعل التفسير الأقرب الى الواقع ان القرار ليس يأساً شخصياً من إمكانية التغيير، لكنه يأس أكيد من المراوحة ضمن نفس الأدوات التي تتمسح بالديمقراطية وهي منخورة من رأسها الى أساسها بأمراض الديكتاتورية والهيمنة والفساد وإلغاء الآخر.
رأي السيد الصدر ومن ثم قراره أمران نوعيان مؤثران في موازين الوضع العراقي على نحو كبير وربما حاسم أيضاً.
لا يحتمل هذا القرار أن يخرج التيار الصدري من الباب واضحاً في إدانته الفشل السياسي في العراق ليعود من الشباك بعد بضعة أسابيع متعاطياً مع نفس الشخوص والأدوات، وكأن شيئاً لم يحدث.
ما كان قبل القرار لن يكون شبيهاً لما سيأتي بعده مهما حاولت أقطاب العملية السياسية التقليل من أهمية ما جرى. إنه غضب تيار ينتمي الى ضمير الشعب وليس تياراً راكباً لموجة سياسية أو إستخبارية لا تخفى على أحد.
أما الأطراف التي تناشد السيد مقتدى الصدر العدول عن قراره والعودة بتياره إلى العملية السياسية فهم خائفون من الرجة المحتملة أو الوشيكة على نحو أدق للوضع العراقي وهم خائفون من أن يبقوا وحدهم في مهب عاصفة الغضب والجوع والظلم والإنكسار، حتى لو كانوا على خلاف مع السلطة الحاكمة.
القرار يمثل ولادة جديدة للتيار الصدري، ولادة لضمان المستقبل السياسي والوضع السلمي الإجتماعي ،لاسيما إذا تمت الإفادة بثقة ومن دون تردد من معطياته وتوظيفها وطنياً، بما يؤدي إلى قطع الطريق على المتسلقين بقوة المليشيات الجديدة ذات اليد المطلقة والتمويل الخارجي من أجل فرض أمر واقع بتواطؤ سلطوي سببه العجز والخوف.

رئيس التحرير 

لندن

مشاركة